عليها مسؤولية إنسانية كبرى.. سياسيون يثمنون موقف الإدارة الذاتية عقب سقوط حلب

أبدى سياسيون ومحللون دعمهم الكامل لكافة التحركات التي تقوم بها قوات سوريا الديمقراطية، التي على رأسها إعلان حالة النفير العام، كتعبير عن مسؤوليتها في حماية المدنيين.

بعد تحرك مفاجئ لمرتزقة تركيا وجبهة النصرة الإرهابية والسيطرة على حلب، أعلنت الإدارة الذاتية الديمقراطية لإقليم شمال وشرق سوريا التعبئة العامة، مؤكدة أن هجوم دولة الاحتلال التركي ومرتزقتها على الأراضي السورية يمثل استكمالاً للمخطط الذي فشلت أنقرة في تحقيقه من خلال داعش، وأن هدفها "احتلال سوريا وتقسيم أراضيها، والقضاء على آمال السوريين".

وأكدت الإدارة الذاتية في بيانها أن هذا العدوان "يستهدف احتلال وتقسيم سوريا، وتحويلها إلى بؤرة للإرهاب الدولي، وأن الهجوم الذي بدأ في حلب وحماة لا يقتصر على منطقة معينة فحسب، بل يهدد كل سوريا"، داعية "جميع المكونات إلى إدراك أن أحد أهداف هذا العدوان القضاء على آمال السوريين في العيش بحرية وكرامة، واستهداف مشروع الإدارة الذاتية الديمقراطية، ومحاولة ضم أراضٍ جديدة لتركيا".

لها الحق المطلق

يقول الكاتب والسياسي السوري عبدالرحمن ربوع، في اتصال هاتفي لوكالة فرات للأنباء (ANF)، إن الأمور أصبحت واضحة، بأن هناك اتفاقاً سرياً أو ضمنياً بين دمشق وأنقرة؛ للقضاء على قوات سوريا الديمقراطية في شمال وشرق سوريا "وهيئة تحرير الشام وفصائل المعارضة" في شمال غرب البلاد معاً، على حد قوله.

ويرى ربوع أنه بات على قيادة سوريا الديمقراطية اتخاذ كل الاستعدادات لخوض معركة مصيرية ضد التحالف التركي – السوري – الايراني، ورأس حربته كل من هيئة تحرير الشام، وما يعرف بالجيش الوطني التابع والممول من أنقرة، معتبراً أن انسحاب قوات النظام وحلفائها الإيرانيين والروس من محافظة حلب ترك الطريق مفتوحة لهذه الفصائل إلى مواقع قوات سوريا الديمقراطية سواء في حلب او شرقي الفرات.

ويؤكد الكاتب السياسي السوري – وفق وجهة نظره – أن كل المؤشرات تقول إن هذه الفصائل مندفعة نحو الشرق، وتستهدف حصراً قوات سوريا الديمقراطية، منوهاً إلى أنها إن لم تفعل ذلك فسيكون هلاكها في حلب على يد قوات النظام وحلفائه، مشيراً إلى أنه سمح بدخولها فقط لأجل هذه الغاية.

ويؤكد ربوع أن الأسد تعاون مع أردوغان لأجل محاربة قوات "قسد"، مقابل القضاء على فصائل المعارضة وهيئة تحرير الشام، مشدداً على أنه بطبيعة الحال سيكون على قوات سوريا الديمقراطية اتخاذ كل ما تراه مناسباً من إجراءات لضمان أمن وسلامة المواطنين في إقليم الجزيرة السورية شرقي الفرات، وفي منبج وحلب غرباً، ولها الحق المطلق في ذلك، حسب تصريحه.

وكان بيان الإدارة الذاتية شدد على أنه على العرب والكرد والسريان والآشوريين والتركمان أن يتكاتفوا ويعززوا وحدتهم، لمواجهة هذا العدوان السافر، كما دعت الشباب إلى الالتفاف حول قوات سوريا الديمقراطية، داعية الشعب إلى أن يكون في حالة تأهب تامة، وأن تكون المؤسسات في حالة استنفار كامل، وأن تعمل كل مؤسسة كخلية أزمة لمواجهة التحديات المترتبة على هذا العدوان.

مسؤولية وطنية

بدوره، يقول هاني الجمل الباحث السياسي المصري في الشؤون الدولية والإقليمية إن إعلان الإدارة الذاتية حالة التعبئة العامة ينبع من المسؤولية الوطنية القومية لهذه الإدارة الذاتية، في شحذهم العرب والكرد والآشوريين؛ للدفاع عن مقدرات هذه المناطق ومكتسباتهم في مجابهة التكتلات الإرهابية، سواء كان تنظيم داعش أو هيئة تحرير الشام، التي "للأسف تجد دعماً كبيراً ومطلقاً من تركيا".

وأضاف "الجمل"، في تصريحات لوكالة فرات للأنباء (ANF)، أن أنقرة تحاول من خلال هذه الجماعات الإرهابية تنفيذ الاتفاق الملي، الذي تعتقد أنقرة أنه يتطلب حصد الكثير من الأرواح السورية والكردية، إلا أنه رغم ذلك فإن الكرد قادرون على مجابهة تلك التحركات التركية، وما حدث من قبل في كوباني "كان جرس إنذار" للنظام التركي.

ويؤكد الجمل أن هذا النفير العام من قبل الإدارة الذاتية يؤكد حالة التوافق الكبيرة بين المكونات التي تعيش في مناطق الإدارة الذاتية سواء الكرد أو العرب أو الآشوريين أو السريان، لصد الهجمات التركية والمتشحة بتلك المجموعات الإرهابية، ولمجابهة الأطماع التركية التي لم تعد خافية.

وفي ختام تصريحاته، يقول الباحث السياسي المصري إن قوات سوريا الديمقراطية، حينما تعلن النفير العام فإنها تعلنه في مواجهة "وحش عدواني برأسين"، أي الاعتداء على تلك المناطق من قبل عدو يستعين بجماعات إرهابية ومتشددة، وبالتالي هي في مواجهة مع الإرهاب، وأيضاً في مواجهة أطماع العدو التركي التوسعية.

وتوجهت الإدارة الذاتية، في بيانها، بنداء إلى المجتمع الدولي لإيقاف هذا العدوان، الذي سيتسبب في كوارث إنسانية كبرى، حيث يمثل تهديداً لسوريا، كشكل جديد من الإرهاب الداعشي الذي ستكون له تداعيات إقليمية وعالمية خطيرة.

الحاجة إلى تضافر الجهود

بدوره، يقول حازم العبيدي المحلل السياسي العراقي، إن الوقت الآن وقت تضافر الجهود بين مختلف المكونات في سوريا لمواجهة مثل هذه التنظيمات الإرهابية، والتحركات التي تستهدف الدولة السورية، فأياً كان الطرف الذي سيتصدى لهذه المخططات فإن الجميع يجب أن يتكاتفوا معه.

وأعرب المحلل السياسي العراقي، في تصريحاته لوكالة فرات للأنباء (ANF)، عن خشيته أن تكون التحركات الأخيرة في الأراضي السورية من قبل مجموعة حولها الكثير من علامات الاستفهام مقدمة لموجة قاسية جديدة من الاضطرابات، التي يمكن أن تمتد إلى مناطق مجاورة، وربما إلى الأراضي العراقية.

وبعد أيام من الصمت الرسمي، حدّدت تركيا أولوياتها في حلب، والتي تتمثل في منع أي موجة جديدة من النزوح إلى أراضيها، وكذلك التصدي لقوات سوريا الديمقراطية، حسب ما جاء على لسان وزير خارجيتها هاكان فيدان، لتتأكد بالفعل التوقعات التي كانت ترى أن الهدف الرئيسي من هذا التحركات المفاجئة الدخول في مواجهة مع مناطق الإدارة الذاتية.