انتهاء أعمال الملتقى السوري الثاني بصدور بيان ختامي

انتهت أعمال الملتقى السوري الثاني لحزب الاتحاد الديمقراطي المنعقد تحت عنوان "الاستراتيجية التاريخية للعلاقات الكردية العربية وفق منظور القائد عبد الله أوجلان" بإصدار بيان ختامي.

وبعد انتهاء الكلمات التي ألقيت في الملتقى، فتح الرئيس المشترك لحزب سوريا المستقبل في دير الزور ثامر الشمري المحاور بالحديث عن "تاريخ العلاقات الكردية العربية في سوريا" والذي أكد "هذا الملتقى يأتي في هذا الوقت المناسب وأنا أتيت تاركاً خلفي أهلي وأهالي دير الزور الذين يعيدون الثقة بإدارتهم الذاتية بعد الأحداث التي حصلت في الفترة الأخيرة"

وأضاف ثامر الشمري: "العلاقات العربية الكردية نؤطرها منذ مئة عام حيث يجب أن نحدد متى بدأت سوريا الحديثة وماهي الجغرافية الممتدة بعد انتهاء الحرب العالمية الأولى حيث تم تقسيم دولة الرجل المريض الدولة العثمانية بعد انهيارها إلى 22 دولة، وهنا كان الوقت المناسب لولادة سوريا الحديثة وخاصة بعد تحويل سوريا من مملكة إلى جمهورية وخضعت بعدها سوريا للانتداب الفرنسي".

وأشار الشمري إلى أن أول رئيس لسوريا كردي وهو محمد علي العابد ولم يكن هناك أي اعتراض وكان شكري القوتلي مثالاً في كل المعايير، إنها سوريا التي نتوق إليها سوريا التي تقدم الأفضل من أبنائها من أجل النهوض بهذا البلد".

تلاه المحور الثاني بعنوان "تاريخ العلاقات العربية الكردية في الشرق الأوسط" ألقاه الباحث والأكاديمي والسياسي إبراهيم القفطان، الذي أكد أن الاستبداد هو الذي أسس لتفريق الشعوب في المنطقة. الكرد والعرب هم من أقدم شعوب المنطقة ذات الجذور التاريخية العريقة وبينهم علاقات اقتصادية وعاشوا معاً بسلام وأسسوا حضارات هي منبع للتاريخ".

وأشار القفطان "مع اتفاقية أنقرة تم ضم الجزيرة وكوباني وعفرين وتشكيل دولة لبنان لمصلحة الانتداب الفرنسي وتم تقسيم المنطقة إلى 22 دولة عربية حسب الاتفاقيات بين فرنسا وبريطانيا وهذه الوقائع والتقسيمات جاءت حسب مصالحهم ولكي تعزز الدول المهيمنة سيطرتها تم فرض الدولة القومية من قبل البريطانيين والفرنسيين".

ومن ثم تم فتح باب المداخلات لبعض الضيوف عبر الأونلاين حيث قالت الأمينة العامة للاتحاد الإفريقي للمرأة العربية بسمة حمدي: "العلاقات الكردية العربية لها تأثير في المنطقة وعلى مدار التاريخ شهدت العلاقات الكردية العربية تطورات كبيرة".

وأشارت بسمة حمدي "العلاقات الكردية العربية ليست حديثة التاريخ وإنما منذ تاريخ الإسلام ولكن هذه العلاقات تأثرت بشكل ملحوظ في الثمانينيات في العراق، ولكن نحن كعرب نعرف مدى الترابط الكردي العربي حيث أن لديهم هدف واحد هو تحرير مناطقنا من الاستعمار ونحن يد واحدة على ما يحصل ضد هذه المناطق ونحن نؤكد على عمق العلاقات الكردية العربية ونحن ضد أي اعتداءات تركية على مناطق شمال وشرق سوريا. وإن أي عنف موجه ضد المرأة هو عنف ضد الإنسانية وسنعمل جاهدين لترسيخ هذه العلاقات".

تلتها كلمة للأمين العام للحزب الاشتراكي المصري أحمد بهاء الذي أكد أن العلاقات الكردية العربية هي من عمق التاريخ، وهم أصدقاء وأخوة ولكن بعد تقسيم المنطقة أوائل القرن الماضي لصالح قوى استعمارية بهدف فرض سيطرتها على هذه المناطق ضعفت هذه العلاقات".

وأشار أحمد بهاء "ليس هناك مانع من أن تتوحد العلاقات الكردية العربية وبناء مجتمع تعاوني يسمح للعالم بأخذ حقوقهم. والحقيقة نحن في مصر ليس لدينا مشكلة مع الأشقاء الكرد هناك علاقات طويلة تجمعنا معهم، وليس من باب الصدفة أن أول جريدة كردية تمت طباعتها في مصر عام 1889، أعداء الشعبين العربي والكردي مشتركون ويجب توظيف جهودنا وإمكانياتنا في وجه العدو من أجل الدفاع عن مصالحنا وحقوقنا".

وانطلقت الجلسة الثانية من الملتقى حيث تحدثت الرئيسة التنفيذية لمجلس سوريا الديمقراطية إلهام أحمد عن الدور الاستراتيجي للعلاقات العربية الكردية في حل الأزمة السورية التي أكدت أن الصراعات اعتمدت على سياسة تم اعتمادها من قبل النظام المهيمن بهدف فرض سيطرته على المنطقة وبالتالي سوريا هي ساحة لهذا الصراع وبالتالي من غير الممكن فرض هذه السياسات دون وجود صراعات في المجتمع".

وأضافت إلهام أحمد: "بالتالي عندما يتم ذكر سياسة فرق تسد فإن المكونات الموجودة في المنطقة يتم إضعافها ويتم تقسيم المنطقة إلى قوميات ومذاهب وأديان على الرغم من أن هذه المكونات هي مكونات أصيلة وموضوع دير الزور أهم حدث حصل ومازالت هناك ألاعيب لتكبير هذا الجرح وهناك محاولات جادة لخلق صراع في دير الزور بين العرب والأكراد"

وأشارت إلى أن من رسم ملامح هذه اللعبة هي قوى إقليمية دولية لديها مصالح في دير الزور وشمال شرق سوريا وعلى رأسها النظام وتركيا ودول إقليمية، ولكن بفضل حكمة أهل المنطقة والمشروع الذي نحن بصدد تنفيذه أغلق باب هذه الفتنة، لا تزال المحاولات مستمرة فالقوى الدولية تلعب على تأجيج المنطقة وهناك محاولات لتتريك المنطقة".

ولفتت إلهام أحمد "إن العالم بأكمله والشرق الأوسط بشكل خاص يتعرض لهجمة شرسة من الدول الليبرالية، تتم ممارستها على الشعوب في سبيل محو الثقافات الموجودة ومحو هوية المنطقة بشكل خاص"

واختتمت إلهام أحمد حديثها بالقول: "الأمة الديمقراطية تبنى على أساس الثقافات الموجودة وتطوير علاقات الأخوة وتعزيزها وترسيخ السلام فيما بينها".

وتحدثت عضوة منسقية مؤتمر ستار شيراز حمو عن "أهمية الاتفاق العربي الكردي في حل الأزمات الراهنة" وأكدت "إن تحدثنا عن الحضارة العريقة فجذورها هي امتداد لهذه الحضارات وإن تحدثنا عن الدور البارز للمرأة في إقامة علاقات كردية عربية وطرح الحلول الراهنة التي نعيش ثمارها يمكن القول إن للمرأة دوراً بارزاً في التاريخ البشري".

وأضافت شيراز حمو: " لا بد من التركيز على التاريخ والحاضر، الثنائية والحتمية وتحليل التجارب المخاضة في تشخيص الوضع الراهن، وسنسلط الضوء على الأمراض التي تعرضت لها المنطقة".

ولفتت شيراز حمو "كل دولة قومية تعيش صراعاً مع مجتمعها سواء داخلياً أو خارجياً، والدليل على ذلك ثورات الربيع العربي والكردي الذي يبحث عن هويته المفقودة للاحتفاظ بها من أجل كيانه مع العلم أن الإسلام هو القاسم المحور بين الكرد والعرب".

لا بد من خيار أصح لشعوب المنطقة يتلاءم مع شعوب الشرق الأوسط جمعاء التي حاربت ضد الرأسمالية وهنا تأتي أهمية العلاقات الكردية العربية وأصبح الشعبان يدركان أنه لا مفر من الوحدة كما يجب أن تصور العلاقات العربية والكردية ضمن مسار تاريخي بعيداً عن الغموض وبناء علاقات متوازنة وضرورية بين العرب والكرد وشعوب المنطقة".

وفتحت المداخلات للمحور الثاني حيث أكدت الناشطة في المجتمع النسوي الديمقراطي في لبنان أروى نواف أن العلاقات الكردية العربية قديمة فهم عاشوا علاقات عديدة والأكراد جزء من سوريا وعبر مصالح الانتداب البريطاني والفرنسي تركت لدى الطرفين نوعاً من التوتر على الرغم من أنه تجمعهم علاقات أخوة ولذلك نعتبر العلاقات الكردية العربية نموذجاً للعلاقات العربية في مواجهة التحديات المشتركة والتاريخ المشترك للعرب والأكراد".

من ثم تحدثت مديرة تحرير جريدة الأهرام المصرية حنان حجاج التي أكدت "عندما نتحدث عن تاريخ العلاقات العربية الكردية نتحدث عن قائد كردي مسلم عظيم القائد صلاح الدين الذي أنشأ دولة حديثة، عندما دخل الإسلام في تكريت وزاد التلاحم بين الشام والجزيرة، والقائد جمال عبد الناصر في العصر الحديث تيقن أهمية القضية الكردية، كانت القضية الكردية والنضال العربي متلازمين منذ الاحتلال العثماني، علاقتهم كانت قضية وطنية وعربية، ناضل الأكراد وناضل العرب واستمر النضال عندما أتت الدولة البريطانية وضمت الموصل وقُسمت دولة الكرد ما بين سوريا والعراق وإيران وتركيا بالتزامن مع تسليم فلسطين للصهاينة".

لم تكن القضية الكردية قضية منفردة بل كان الكرد والأمة العربية متلازمين في نضالهما وتاريخهما المشترك ونتمنى أن تكون الأيام القادمة خيراً للشعب الكردي وخروج القائد عبدالله أوجلان من سجنه".

ممثل بلدة الباغوز الشيخ شواخ الجاسم أكد أنه لا توجد ثورة عشائرية في دير الزور، دير الزور بعد تحريرها في عام 2019 من تنظيم داعش أصبح لدينا منظور آخر نحن مع الإدارة الذاتية، وإن ما حصل ليس ثورة وحاولنا إظهار بعض النقاط منذ البداية، دير الزور تختلف عن كل المناطق كون النظام ملازمنا والعراق ملازمنا وأكبر منطقة في دير الزور هي هجين والضغوطات الخارجية والإقليمية هي سبب الأحداث في دير الزور.

أحد شيوخ  قبيلة طي حسن الطائي قال بدوره:  "نحن في المنطقة  مجتمع متنوع هناك قبائل عربية وكردية وأتت بكل مسمياتها لنقول لكم إن ما يجري في دير الزور هو فتنة  ونحن لا نريد هذه الفتنة أو تصديرها بغطاء عشائري لأن عاداتنا وتقاليدنا لا تسمح لنا بقتل الأخ أخاه، وبالنسبة للعلاقات الكردية العربية والمسيحية هي وليدة التاريخ ونحن معنيون بأن نكون أخوة ونحب الخير لبعضنا سواء كنا كرداً أو عرباً أو سريان. ورسالتي التي أود أن أوصلها لكم باسم قبيلة طي العربية في المنطقة إننا نريد السلام ونريد المحبة بين جميع المكونات".

وتمت الإجابة على المداخلات من قبل الرئيسة التنفيذية لمجلس سوريا الديمقراطية إلهام أحمد التي أكدت أن من حكم تركيا هم من الطبقة البرجوازية التي أخذت طابع الإسلام المعتدل، وجميع الثقافات الموجودة في تركيا يتم تتريكها إضافة إلى أن العلاقات الموجودة كيف لها أن تواجه الأنظمة العالمية ودير الزور أكبر مثال. وبقدر ما كان هناك وعي بين الشعوب من الصعب التفريق بين الشعوب من خلال العلاقات المجتمعية والتداخل الجغرافي وقف عائقاً أمام هذه السياسات التي تسعى لتقسيم المنطقة

وانتهى الملتقى ببيان ختامي قرئ من قبل عضو حزب الاتحاد الديمقراطي خالد عمر وجاء في البيان:

"بتاريخ 28 أيلول2023؛ بناءً على الدعوة التي وجهها حزب الاتحاد الديمقراطي PYD لعقد (الملتقى السوري الثاني) بعنوان "الاستراتيجية التاريخية للعلاقات الكردية العربية وفق منظور القائد أوجلان" في مدينة الرقة حضر الملتقى حوالي 150 شخصية من مختلف القوى والأحزاب السياسية والوطنية ومن الفعاليات المجتمعية من كافة المناطق السورية مع تعذّر وصول بعضها.

افتتح الملتقى بدقيقة صمت على أرواح شهداء الحرية وبدأت أعمال الملتقى وفق جلستين بأربعة محاور رئيسة شكلت عناوين الملتقى ومفاصل حواره مستعرضين تاريخ العلاقات الكردية العربية في سوريا وفي الشرق الأوسط, والدور الاستراتيجي للعلاقات العربية الكردية في حل الأزمة السورية وأهميتها في حل الأزمات الراهنة بالشرق الأوسط.

تداول الملتقى البنية المعرفية والتاريخية للعلاقات العربية الكردية خلال المراحل التاريخية وإمكانية تعزيز تلك العلاقات الطبيعية وتوظيفها في ترسيخ السلام والاستقرار ليس فقط على مستوى سوريا بل على مستوى الشرق الأوسط ككل".

وأضاف البيان "وقد أفضت مداخلات المشاركين وآراؤهم إلى ضرورة التوقف عند تناول منظور القائد أوجلان لهذه العلاقة وتأثيراتها البنيوية والنظر لها عبر منظورها الاستراتيجي، وعدها من الأولويات ومسألة مهمة تتعلق بالمصير المشترك لشعوب ومجتمعات هذه المنطقة وأهمية تعزيز منظومة الأمن والاستقرار من خلال تقوية الجبهة الداخلية في مواجهة التحديات المختلفة خاصة تلك الرامية إلى فرض منظومات سلطوية دنيوية أو قومية لا تمثل تطلعات وإرادة شعوب المنطقة."

وخلص المشاركون في الملتقى إلى أهمية الدور الاستراتيجي لهذه العلاقات وتداعياتها في حل الأزمة السورية وذلك من أهمية تضمين البعد الوطني للإدارة الذاتية في شمال وشرق سوريا وإمكانية تطويرها والاستفادة منها في باقي المناطق السورية الأخرى من خلال التحاور مع كافة الأطراف الوطنية السورية وعد مبادرة الإدارة الذاتية بخصوص حل الأزمة السورية مهمة في طريق حل الأزمة السورية وفق القرار الدولي 2254.

كما تم التأكيد على أن منظور القائد عبد الله أوجلان للعلاقات التاريخية بين مختلف شعوب المنطقة بمثابة بناء الأسس العصرية القويمة الاستراتيجية لهذه العلاقة وطوق نجاة لكل المشاريع الفئوية التي تضمر للمنطقة".

كما دعا الملتقى عموم الوجهاء وشيوخ العشائر والقبائل والشخصيات السياسية وحكماء المجتمع للقيام بدورهم التاريخي نحو البناء وتعزيز مفاهيم العيش المشترك وأخوة الشعوب ووحدة مصيرها وعد قوات سوريا الديمقراطية التي حمت كل مكونات المنطقة قد أفشلت المخططات والمؤامرات - ركيزة أمن واستقرار المنطقة وفي هذا الشأن عد المجتمعون بأن قوة الحل التي تمتلكها الإدارة الذاتية ناجمة عن تماسك أبنائها وإدراكها للعلاقات التاريخية بين شعوبها وواقع مستقبلها لحل الأزمات وترسيخ السلام في سوريا وعموم المنطقة".