المؤتمر الدولي لحماية التراث... تأثيرات النزاعات المسلحة على المواقع الأثرية

استضافت اليوم مدينة الرقة، فعاليات، المؤتمر الدولي الأول لحماية التراث، تحت شعار "حماية التراث المادي واللامادي"، بتنظيم من جامعة الشرق والإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا.

قدمت خلاله عدة محاضرات من قبل باحثين في مجال الآثار والثقافات، واختتم اليوم الأول بتقديم عدة عروض فنية وثقافية تمثل تاريخ وثقافة أبناء مكونات شمال وشرق سوريا.

وشارك في المؤتمر المئات من مثقفي شمال وشرق سوريا بمكوناتها من العرب والكرد والأرمن والآشوريين، وباحثون في مجال الآثار والثقافة من سوريا وخارجها، بالإضافة إلى ممثلي هيئات الإدارة الذاتية والرئاسة المشتركة للمجلس التنفيذي للإدارة الذاتية والنواب وحزب سوريا المستقبل وحزب الاتحاد الديمقراطي.

وتضمن المؤتمر محورين صباحي ومسائي قدمت خلال المحور الصباحي عدة محاضرات من قبل باحثين في مجال الآثار والثقافة من الداخل السوري والخارج والنقاش عليها أما في المحور المسائي فتم تقديم نشطات موازية تراثية وفنية واطلاعية، ضمن أربع خيم تمثل كل خيمة مكوناً من مكونات شمال وشرق سوريا، خيمة للتراث العربي، وخيمة للتراث الكردي، وخيمة للتراث الآشوري وخيمة للتراث الأرمني.

بدأ المؤتمر بالوقوف دقيقة صمت تلتها كلمة ترحيبية ألقاها رئيس جامعة الشرق ورئيس المؤتمر الدولي لحماية الآثار المادية واللامادية الدكتور حسن العيسى الذي رحب في بداية كلمته بجميع الحضور من جميع المناطق، وقال: "نجتمع اليوم ضمن هذا المكان على الاختلاف وليس الخلاف".

وأضاف: " الاندماج في هذا المكان هو دليل على تكاتفنا في جميع المجالات وأن في اختلافنا قوة وفي خلافنا ضعف، اليوم نشكل أجمل لوحة تحت مظلة التعايش المشترك، التي هي أساس وجودنا، وهذا المؤتمر يدل على قوة شعوبنا وأساس ثقافتنا".

ومن ثم بدأت الجلسة الأولى والتي ضمت الباحث والدكتور سليمان إلياس، الأستاذ صلاح الدين سينو، ومدير الجلسة عادل داود.

وتناولت الجلسة الأولى تأثير النزاعات المسلحة في المواقع الأثرية بمنطقة حوض الخابور (تل عجاجة) من قبل الباحث في الآثار الدكتور سليمان إلياس والذي قال: تعرض موقع هذا التل للسرقة والتخريب بشكل ممنهج من قبل مرتزقة داعش من خلال الحفر بالآليات الثقيلة والنبش عن طريق اليد ليتم تخريب هذا الموقع ودثر ما يحمله من معالم تاريخية تمثل هذه المناطق.

وعرّف الدكتور عن موقع تل عجاجة من حيث مكانه وتاريخيه والمراحل التي مرت على هذا الموقع إلى يومنا هذا بالإضافة إلى عرض سينفزيون عن هذا الموقع، وأضاف "إن موقع تل عجاجة هو أكثر المواقع الأثرية التي تعرضت للتخريب من قبل مرتزقة داعش".

وأوضح سليمان إلياس أن الحرب التي مرت بها سوريا خلال الأعوام الماضية وما تعرضت لها مواقعنا الأثرية والتراث المادي واللامادي من دمار وتخريب على يد المرتزقة وغيرهم من الأشخاص ضعيفي الأنفس أثرت سلباً على تراث هذه المنطقة والحضارات التي انبثقت من هنا، لافتاً إلى أن "هذا التخريب والتعديات جاءت نتيجة غياب القانون الذي يحمي هذه الآثار".

ليتم بعدها إلقاء محاضرة عن التعديات على التراث الثقافي والإنساني خلال الأزمة السورية على عفرين السورية المحتلة من قبل الرئيس المشترك لمديرية الآثار في عفرين والشهباء صلاح الدين سينو الذي قال: التراث الثقافي هو أمر مهم بالنسبة لجميع المجتمعات والمكونات والحفاظ عليه واجب على كل فرد في مجتمعنا وأن يكن هناك وعي تام لأهمية هذه المواقع والآثار في مناطقنا.

وعرّف سينو بالمواقع الأثرية الموجودة في عفرين من تلال وقلاع ومعابد ومزارات وغيرها من المواقع وتراثها وتاريخها، وتطرق إلى التعديات التي تعرضت لها تلك المواقع بعد احتلالها من قبل جيش الاحتلال التركي ومرتزقته.

وقال: "تعرض هذا التراث العفريني إلى أشرس عملية تعدي منذ بداية الأزمة السورية، ومعظم الاعتداءات حدثت باستخدام الآليات الثقيلة ونبش هذه المواقع، جميع المزارات الدينية تعرضت للتدمير وبعضها بشكل كامل وخلال السنوات الخمسة الماضية تم توثيق عشرات المواقع الأثرية التي تعرضت للتخريب من قبل المرتزقة، وتم عرض عدة صور توثق الانتهاكات التي حدثت على المواقع الأثرية". 

وبعد الانتهاء من المحاضرات وشرحها فتح باب النقاش وطرح الأسئلة من قبل الحضور والإجابة عليها من قبل مديري الجلسة.

لتبدأ الجلسة الثانية والتي قدم خلالها الباحث في الآثار ياسر شوحان محاضرة عن التجارة الإلكترونية بالممتلكات الثقافية في سوريا، والذي قال: أشارت الدراسات أن المجموعات الإرهابية قامت بتدمير الآثار من خلال التنقيب عنها بشكل مباشر بالإضافة إلى أخذها من أشخاص كانوا ينقبون عن الآثار في تلك المرحلة.

وأضاف شوحان إن "هناك دراسات تدل على أن دولة الاحتلال التركي شريكة في تدمير هذه المعالم الأثرية وتهريبها القطع الأثرية عن طريق حدودها".

وأوضح بأنه "على الرغم من صرامة القانون السوري لحماية الآثار إلا أن هناك عمليات تنقيب جائرة على المواقع الأثرية من أجل تهريبها وبيعها خارج الأراضي السورية".

وعن التجارة الإلكترونية قال شوحان إن "هناك مجموعات عن طريق الفيس بوك والواتس آب وغيرها من التطبيقات يقوم من خلالها التجار بعرض هذه القطع داخلياً وخارجياً وبيعها ".

وعرض ياسر شوحان عن طريق الشاشة عدداً من القطع الأثرية التي تمت سرقتها وتهريبها خارج الأراضي السورية، كما بيّن الأسعار التي بيعت بها إلى الدول الأوروبية.

ومن المقرر أن يستمر المؤتمر بعد الانتهاء من الاستراحة وسيبدأ بتمام الساعة السابعة مساءً بعروض فلكلورية ورقصات شعبية وعرض القطع التراثية لكل مكون من مكونات شمال وشرق سوريا.