جرح مجزرة كوباني الذي مر عليه 8 سنوات لم يلتأم بعد
مرت 8 أعوام على الفجر الملطخ بالدماء، إلا إن الجرح الذي خلفه لا يزال مفتوحاً في كل بيت وكأنه حدث اليوم، أهالي قرية برخ بوطان يقولون:" لن يمحى ذلك اليوم الأسود من الذاكرة أبداً".
مرت 8 أعوام على الفجر الملطخ بالدماء، إلا إن الجرح الذي خلفه لا يزال مفتوحاً في كل بيت وكأنه حدث اليوم، أهالي قرية برخ بوطان يقولون:" لن يمحى ذلك اليوم الأسود من الذاكرة أبداً".
بعد أن احتل مرتزقة داعش مدينة الموصل، شنوا هجوماً على كوباني بدعم من الدولة التركية والعديد من دول المنطقة في الـ 15 من شهر أيلول العام 2014، وبعد أن احتلت 350 قرية في كوباني، شن التنظيم الإرهابي هجوماً على مركز المدينة، وأبدت وحدات حماية الشعب والمرأة YPG-YPJ أكبر مقاومة تاريخية ضد هجمات المرتزقة، وفي 26 كانون الثاني 2015، تلقى تنظيم داعش الإرهابي ضربة كبيرة في كوباني، حيث كانت هذه "بداية هزيمة" داعش، وكانت هزيمة كبيرة لمرتزقة داعش وأنصارهم، وفي مقدمتهم أردوغان.
وفي الـ 25 من شهر حزيران العام 2015، شنت دولة الاحتلال التركية ومرتزقتها داعش، الذين لم يقبلوا بهذه الهزيمة، هجوماً على كوباني، وأسفر هذا الهجوم عن ارتقاء 272 مدنياً، معظمهم من النساء والأطفال وكبار السن، وإصابة المئات، وتحولت قرى برخ بوطان وزرِك وكري سيفي إلى بِرَك دماءٍ بسبب وحشية الإرهابيين المرتزقة.
وكانت إحدى المناطق التي ارتقى فيها 27 مدنياً خلال هجوم تنظيم داعش الإرهابي هي قرية برخ بوطان، هذه القرية التي تقع على بعد 27 كم جنوب كوباني، ويقطن فيها 120 عائلة، وقّدمت تضحيات كبيرة في نضال حرية كردستان، تشتهر بشهدائها ووطنيتها العالية.
في هذه المجزرة، انتهت قصة أمل وحياة، وتُرك فيها العهد في منتصف الطريق، تيتم بسببها الأطفال وحُرقت قلوب الآباء والأمهات، وفي هذا الصدد، تحدثت نعيمة عقل التي كانت شاهدة على المجزرة وفقدت ابنها عبد القادر خلالها، عن ذلك اليوم؛
" كان الوقت فجراً، والكثير من المواطنين لا يزالون نائمين، كان صوت طلقات الرصاص يرتفع، كنت أسمع صوت التكبيرات، ناديت على عبد القادر لينهض، لكنه قال: كيف سيأتي داعش إلى هنا؟ ثم سمع صوت قنبلة عالية عند البوابة الحدودية، ركض عبد القادر نحو صوت الانفجار، ناديته لكنه لم يسمع صوتي، تبعته إلى البوابة الحدودية، سمعنا صوت مناجاة النساء، كان هناك أطفال ونساء ومسنون على الأرض، عندها، أدركت أن هذه كانت مذبحة، ثم علمنا أن تنظيم داعش الإرهابي دخل إلى كوباني وعلينا التوجه إلى غرب كوباني، لم يتوقف صوت طلقات الرصاص، خرجنا من الحي واتجهنا إلى الغرب، لم يبق في المنزل إلا عبد القادر، وكانت صرخات النساء والأمهات ترتفع. لم يكن هذا كافياً، فالجنود الأتراك كانوا يطلقون النار علينا على الحدود".
وذكرت نعيمة عقل ان هدف العدو كان إبادة الكرد وقالت:" استشهد ابني عبد القادر في القرية، علمت بهذا في غابة كوباني، قاوم الهجمات، وأصيب بأربع طلقات، استشهد ابني بكل فخر، لم يكن هناك خوف في قلبه، كانت مجزرة مؤلمة وغير أخلاقية، تحترق قلوبنا عندما نتحدث عن ذلك اليوم، المجزرة حدثت خارج الأعراف الإنسانية، والجهات التي تحدثت عن حقوق الانسان التزمت الصمت تجاه هذه المجزرة في مثل تلك الأيام".
فيما تحدثت إخلاص إبراهيم التي فقدت والديها خلال المجزرة وتعيش مع إخوتها وأخواتها في حي الجمارك قرب معبر مرشد بنار، على النحو الآتي:" صحينا على صوت انفجار كبير، كنا نظن إنها احتفالات بتحرير منطقة صرين في كوباني، لكننا لم نكن نعلم أن البوابة الحدودية بين شمال وغرب كردستان تم تفجيرها، خرج والدي من المنزل بسبب الصوت، نادته والدتي وقالت له "لا تخرج"، طلب من والدتي أن يعطيها السلاح وقال "لا تغادروا المنزل"، أمطروا والدي بالرصاص بعد خروجه من المنزل على الفور، مع مرور الوقت، كان صوت طلقات الرصاص يزداد، سمعنا صوت صراخ زوجة عمي، لم نكن نعرف ما كان يحدث من حولنا بسبب الأصوات المرتفعة، ثم رأينا أن والدنا كان على الأرض، كنا أطفالاً حينها، لم نكن نعرف ما الذي يحدث. لكن أمي صرخت وركضت نحو أبي وقالت "إبراهيم استشهد" أطلقوا النار على والدتي في نفس المكان، جاءت والدتي إلى الباب وهي مصابة، ركضت أختي لإمساكها، قالت والدتي لأختي إذهبي وانتبهي لإخوتك وأخواتك جيداً واستشهدت هي أيضاً عند الباب، كانت والدتي حامل، غادرت وتركتنا وحدنا.
وصرح إبراهيم أن جروحهم لا تندمل وتؤلمهم مرة أخرى في ذكرى المجزرة وقال:" هذا يوم أسود لا يمكن نسيانه، كنت في السابعة من عمري في تلك المجزرة، لم أفقد أمي وأبي فحسب، بل فقدت جميع من أعرفهم".