مرت 7 سنوات على تحرير الرقة من وحشية مرتزقة داعش، حيث دخل داعش، الذي تلقى أول ضربة كبيرة له مع مقاومة كوباني، مرحلة الانهيار مع هزيمته في الرقة التي اختارها عاصمة له، وفي هذا الصدد، أجرى عضو القيادة العامة لقوات سوريا الديمقراطية لقمان خليل، تقييماً لوكالة فرات للأنباء بمناسبة الذكرى السابعة لتحرير الرقة من مرتزقة داعش.
تسارعت عملية الانهيار بعد هزيمة مرتزقة داعش في مدينة الرقة التي اختارها عاصمة له، كقيادي شارك بفعالية في تلك الحملة، كيف تقيم هذه العملية؟
لا يمكن للمرء أن يصف الحرب في الرقة باعتبارها خوض نضال ضد داعش، إن الوحشية والظلم الذي ألحقه داعش بأهالي الرقة كان مأساة إنسانية لا مثيل له في التاريخ، علينا أن نستذكر هذه الحملة مرة أخرى، ولا ينبغي أن ننسى حقيقة الدمار والصدمة التي سببتها أعمال النهب والعنف والظلم والمجازر التي ارتكبها مرتزقة داعش بحق سكان المنطقة في ذلك الوقت، ومن أجل استخلاص نتيجة صحيحة مما حدث، لا يكفي أن ننظر إلى تحرير الرقة على أنه مجرد حملة ضد مرتزقة داعش الذي أعلن تلك المدينة كعاصمة له، وهذا لا يعكس بشكل كامل واقع النضال الذي تم خوضه ضد داعش، لذلك، من الضروري أخذ هذه العملية على محمل الجد وتقييمها بشكل أكثر دقة.
قبل 10 سنوات، خلق داعش عاصمة كبيرة من الخوف بين الناس وأصبح كابوساً للإنسانية جمعاء، لقد احتل كل مكان ذهب إليه، وأوقف الحياة ودمر الطبيعة، لقد كانت قوة ذات إمكانيات عديدة، إن مئات الآلاف من قواته المسلحة وتقنياته القوية جعلته يبدو وكأنه قوة لا تهزم، وبطبيعة الحال، فإن حقيقة حصوله على كل هذا كانت أمام أعين العالم كله، ومع ذلك، ينبغي النظر بعناية في تفاصيل هزيمة داعش، وعلى هذا الأساس فإن مجرد القول بأن قوة عسكرية نظمت نفسها وطردت داعش من الرقة لا يعكس الحقيقة، تطورت هذه العملية نتيجة نضال كبير، تقديم تضحيات عظيمة ، جهد كبير، شعب نظم نفسه رغم كل المستحيلات واعتمد على قوته الذاتية وقرر المقاومة بالإمكانيات المادية المحدودة ونتيجة نضال تاريخي صعب.
وبطبيعة الحال، كانت هذه أيضا مقاومة كوباني. إذا لم نحدد مقاومة كوباني بشكل صحيح، فلن تظهر حقيقة داعش. ضد قوة عجز الجميع أمامها، بروح التضحية، روح المقاومة التي برزت نتيجة الولاء العميق للشعب والوطن والوطنية التي توحدت مع قوة وحدات حماية المرأة ووحدات حماية الشعب، رغم كل الصعاب. أعظم ضربة ضربت داعش بقوة. لقد تفاجأ العالم أجمع بروح التضحية والمقاومة التي سادت حرب كوباني. معتبرين أن هناك قوة وإرادة قادرة على مقاومة داعش وإيقافها. وكانت هذه بداية الخسائر والهزائم الكبيرة لداعش. حتى عملية كوباني، عندما قرر داعش الاستيلاء على منطقة ما، احتلوها دون إظهار أي مقاومة. ولم يكن تنظيم الدولة الإسلامية يعتقد أن مثل هذه المقاومة ستتطور ضده. وفي مقاومة كوباني، أصبحت إرادة الوحدة واضحة للغاية. وكانت الوطنية وروح التضحية بالنفس لا تزال في المقدمة. وحدة الإرادة وحب التراب مع روح التضحية وهزم داعش هناك.
بالطبع كانت هذه هي مقاومة كوباني، إذا لم نتمكن من تعريف مقاومة كوباني بشكل صحيح، فلن يتم الكشف عن حقيقة داعش، في مواجهة قوة كان الجميع عاجزين أمامها، اتحدت روح المقاومة التي تشكلت من روح الفدائية العظيمة والوطنية والولاء العميق لوطنه وشعبه، في قوات وحدات حماية المرأة ووحدات حماية الشعب ووجهت أكبر ضربة لداعش رغم كل الفرص المحدودة، لقد تفاجأ العالم أجمع بروح المقاومة والفدائية التي اتسمت بها حرب كوباني، لقد رأوا أنه قد تكون هناك قوة وإرادة يمكنها مقاومة داعش وإيقافها، وكانت هذه بداية خسائر داعش الفادحة وهزيمتها، حتى عملية كوباني، عندما قرر داعش احتلال مكان ما، سيطر عليه دون أي مقاومة أو معارضة أو حتى رد فعل واحد، وحتى داعش لم يعتقد أن مثل هذه المقاومة يمكن أن تكون ممكنة ضدهم، لقد ظهرت إرادة الوحدة في مقاومة كوباني بشكل واضح للغاية، ومرة أخرى، كانت الوطنية وروح الفدائية في الطليعة، لقد هُزم داعش هناك نتيجة وحدة الإرادة وحب الأرض والوطن مع روح فدائية.
ولم يتحقق هذا النصر بالقوة التقنية والمادية، ولو كان ذلك ممكنا بالموارد المادية والتقنية، كان لدى الجيش العراقي عشرات الطائرات والدبابات والأسلحة الثقيلة عندما دخل داعش الموصل، وكان لا يزال لديهم مئات الآلاف من الجنود، لكنهم لم يستطيعوا المقاومة، وتم الاستيلاء على العديد من المدن والمناطق في العراق بهذه الطريقة، وعلى نحو مماثل، لم تتمكن البشمركة ولا الجيش العراقي من إظهار الإرادة لمحاربة داعش في شنكال؛ كان الجميع يتطلعون فقط لإنقاذ حياتهم، وبهذا المعنى، لا بد من التعامل مع مقاومة كوباني وانتصارها وتقييمها بشكل صحيح، وبالطبع، نتيجة للنضال الدؤوب والجهود التي بذلها مئات الشهداء، أصبحت كوباني اليوم حرة وأصبحت مقاومة كوباني حقيقة معترف بها وعالمية في جميع أنحاء العالم، وبعد هذه المقاومة، أصبح هناك الآن ما يكفي من الأرض لجميع الناس ليكونوا أتباع هذه المقاومة، وبعد ذلك تطور أمل شعبنا في التحرر في المناطق الأخرى وبدأ الناس في تنظيم أنفسهم، وفتحوا أبوابهم أمام مقاتلي وحدات حماية الشعب ووحدات حماية المرأة، وبدأ الشبيبة من كل مكان بالانضمام إلى صفوف وحدات حماية الشعب ووحدات حماية المرأة، وتم إطلاق النداءات في كل مكان لتحرير الشعب من ويلات داعش، وفي حملة الرقة، وبناءً على طلب الأهالي هناك، تحركت قواتنا بهذه المسؤولية، بدءاً من المناطق المحيطة بالرقة وحتى تحرير المدينة.
ومرت سبع سنوات على حملة تحرير الرقة، ومع ذلك، على الرغم من أنه يبدو مريحاً الحديث عن تلك الحملة الآن، إلا أنه قبل سبع سنوات لم تكن هناك إمكانية للعيش في الرقة؛ كان الناس محرومون من كافة حقوقهم، لأن داعش كان نظاماً مخالفاً للنظام الاجتماعي القائم، وأدى ذلك إلى رد فعل شعبي أكبر ضدهم وتوقع أن تأتي قوة وتحررهم، لم يمثل داعش أبداً أخلاق المجتمع وثقافته واجتماعيته، علاوة على ذلك، لم يختر داعش ببساطة الرقة عاصمة له، كان للرقة مكان استراتيجي ومهم للغاية، جغرافياً تقع وسط سوريا وتعتبر الرقة مركزاً مهماً للوصول إلى البحر، كما أنها تقع في موقع مركزي على الحدود التركية، لذا كان يضطر المرء إلى المرور عبر تلك المنطقة.
للذهاب إلى الجنوب الغربي من سوريا، والوصول إلى مقاطعة الجزيرة لابد من المرور عبر الرقة مرة أخرى، ولها نفس الموقع الاستراتيجي مع خط دير الزور، بإمكان المرء الوصول إلى أي مكان تريده عبر الرقة، اقتصادياً، تتمتع الرقة بالعديد من الفرص، فهي مدينة ذات حركة مرورية كثيفة وغنية بالمياه، وهي أيضاً منطقة مناسبة جداً للزراعة، لقد اختار داعش الرقة عاصمة له بطريقة واعية ومخططة كمكان يمكن فيه تلبية جميع أنواع الاحتياجات بسهولة.
بالنسبة لنا، كان القتال ضد داعش في مدينة كبيرة مثل الرقة تجربة كبيرة، بالطبع، تم تحرير منبج والطبقة مسبقاً، لكن بدء حملة في الرقة التي تعد مركز داعش وعاصمته، كان القرار الصحيح، لكنه كان صعباً أيضاً، وحتى قبل بدء حملة الرقة، حاولت العديد من القوى الخارجية منع هذه الحملة، ولم يرغبوا في أن تبدأ قوات سوريا الديمقراطية حملة لتحرير الرقة، إضافة إلى ذلك، أرادت بعض القوى أن تكون جزءاً في هذا النصر.
وأراد الجميع أن يشاركوا في مكاسب وانتصارات هذه القوة المنظمة والفدائية، إن الحملة لتحرير الرقة كان قراراً مناسباً وجاء في وقته، لكنها حملة جاءت في ظل ظروف صعبة، لأن الرقة كانت عاصمة داعش، وكان داعش قد قام باستعدادات طويلة الأمد هناك، لقد توقعنا أنها ستكون عملية صعبة، ولكننا نقولها مرة أخرى؛ إذا قرر المجتمع الحرية والمقاومة، فإن الوسائل والشروط ليست ذات أهمية كبيرة، يمكنه التغلب على أي صعوبات ويتمكن من التغلب على أصعب الظروف. ورغم أن التناقضات القائمة وبعض التحالفات حاولت منع هذه العملية قبل حملة الرقة، إلا أن تصميم قوات سوريا الديمقراطية ووحدات حماية الشعب ووحدات حماية المرأة مكّن من بدء حملة الرقة، انطلاقاً من الواجبات الأخلاقية التي تحملوها ومطلب الأهالي الكبير.
منذ بداية حملة الرقة وحتى التقدم وتحرير مركز الرقة، هل يمكنك الحديث عن أجواء تلك المرحلة والمقاومة؟
ليس من الصحيح في تقيمنا أن ننظر إلى داعش كمجموعة مسلحة فقط، لأنه كان هناك العديد من الأشخاص أتوا من مناطق مختلفة وانضموا إلى تنظيم داعش وكان هؤلاء الأشخاص يمتلكون العديد من الخبرات العسكرية ، فالأشخاص الذين كانوا من قبل لهم تجارب سابقة أي كانوا عناصر سابقين في إحدى الجيوش انضموا إلى داعش؛ وعلى سبيل المثال :"انضم بعض الشيشان وبعض العناصر السابقين في تنظيم القاعدة وبعض الجنود الذين كانوا ضباطاً و مجندين في الجيش السوري والعراقي وكذلك البعض بعد سقوط حكومة صدام حسين إلى تنظيم داعش و كما انضم بعض الأشخاص من طرف دولة الاحتلال التركي إليهم " وقد رأينا هذا الشيء أثناء الحملة عندما تم القبض على بعض عناصر داعش وكذلك أثناء عملية العاصفة عندما استسلم بعضهم، أي أن داعش لم يكن تنظيماً عشوائياً تم تشكيله من قبل بعض الأشخاص وكان الهدف منه نشر الدين الإسلامي أو إعادة الخلافة الإسلامية من جديد و بل كانت هناك فرص ومساعدات كبيرة وراء داعش وأي كان هناك دعم استخباراتي ودعم من قبل بعض الدول.
وقامت بعض هذه الدول بتقديم الدعم إلى داعش سراً، في حين دعمتها دول أخرى علناً وقد أشارت وسائل الاعلام إلى هذا الوضع في العديد من المرات ولأن تنظيم داعش كان مكوناً من أشخاص يمتلكون الخبرات العسكرية، لذلك فقد استخدموا بمهارة جميع أنواع تقنيات الحرب وقاموا أيضاً بإستخدام العديد من التكتيكات، من تلغيم المدن والطرقات إلى استخدام الأسلحة المتطورة، ومهاجمة مركباتنا بالصواريخ.
لقد قاموا باستخدام الدبابات والمركبات المدرعة وكان النظام العسكري الداخلي لديهم يعمل بشكل جيد و كما أنه عند مقارنة المرء بالأنظمة العسكرية لبعض دول المنطقة، فإن تنظيم داعش كان لا يزال متقدما عليهم عسكرياً و لم تكن تلك القوة التي كانت ستستسلم بتلقيها ضربة واحدة أو ضربتين ولأن داعش كانت مشروعاً؛ كان المشروع ضد حرية الشعوب والديمقراطية وضد القيم الإنسانية المقدسة و لذلك لا يمكن له أن يتخلى عن هذا المشروع بسهولة لأن التنظيم كان يضم أناس أتوا من بلدان مختلفة ولم يكن لديهم هدف أخر سوى القتال، لقد أعدوا أنفسهم لمشروع إمبراطوري ومن الناحية الجغرافية استفادوا من جغرافية 2-3 دول وشكلوا تنظيماً ضم الآلاف من القوات المسلحة ولذلك كان لديهم الاعتقاد بأنهم أينما هاجموا، فأنهم سينتصرون.
لقد مرت 7 سنوات على تحرير الرقة، لكن هجمات مجموعات داعش لا تزال مستمرة وأنتم تقومون أيضًا بعمليات ضد خلايا داعش وتم اعتقال العديد من أعضاء داعش في هذه العمليات، على أي مستوى هو الوضع الأمني في الرقة الآن؟
كان داعش يدرب قواته المسلحة على عقيدة ما وهذا الاعتقاد يمكن أن يسمى إيمانا ويمكن أن يسمى أيضا إنشاء نظام إسلامي ومع ذلك فقد نسب نفسه إلى الأيديولوجية وبالطبع لم يؤمن الجميع بهذه الأيديولوجية ولم يقبلوها ولأن داعش لا يمثل الإسلام الحقيقي فالإسلام الحقيقي يعني وحدة السلام والأخلاق والمعنى والناس الذين يؤمنون بالإسلام الحقيقي لم يؤمنوا بإيديولوجية تنظيم داعش ولكن الذين أمنوا بذهنية داعش وإيديولوجيته فإنهم اصروا على اتباع هذا التنظيم .
وبعد هزيمة داعش في الرقة والباغوز أمر التنظيم عناصره بالتنظيم والعمل على شكل خلايا و بعد هجوم الرقة رأى الجميع ذلك؛ ولإنه فقدوا الاعتقاد بأن داعش سوف يجتمع في مكان آخر ويعيد تنظيم صفوفه لهذا السبب حاربوا بكل ما يملكون من قوة بعد تحرير الرقة.
بمعنى آخر، أي أنَّ داعش قد فقدَ الأمل تماماً لكن الدعم الخارجي المقدم لداعش أعطى الأمل لأولئك الذين فروا من داعش أو اختبأوا كخلايا نائمة وبهذه الطريقة نظموا أنفسهم كخلايا نائمة في مناطقنا، محاولين مهاجمة المدنيين ضمن مؤسسات الإدارة الذاتية الديقراطية والقيادين والبارزين ووجهاء العشائر وهو بهذه الطريقة يريد زعزعة السلام وتهديد الأمن.
وهذا الوضع مستمر حتى الآن ولكننا نعلم أنه جغرافياً لا يوجد مكان يمكن لداعش السيطرة عليه مرة أخرى وفي مقابل ذلك يستمر عمل قوى الأمن الداخلي والدعم الشعبي لقوات الأمن والحماية الجوهرية جعل المعركة ضد هذه الخلايا سهلة.
لكن لا ينبغي الاغفال عن هذه الحقيقة: "أنَّ مناطق شمال وشرق سوريا ليست هي فقط مستهدفة من قبل قوة أو حزب، وأنَّ تنظيم داعش يعلم أنه لا يستطيع السيطرة على المنطقة من الناحية الجغرافية ورغم ذلك فهو مستمر حتى الآن في استهدافه وفي مقابل ذلك يستمر عمل قوى الأمن الداخلي وكذلك الدعم الشعبي لقوات الأمن والحماية الجوهرية له تأثير كبير على مكافحة هذه الخلايا وكما أن حكومة دمشق تلعب دوراً رئيسياً في هذه الشأن.
و المسؤولية تقع على عاتق حكومة دمشق من جهتين، فمن الناحية الأولى لحل مشكلة سوريا يجب التحالف مع الإدارة الذاتية الديمقراطية لشمال وشرق سوريا وبذل جهد لتحقيق هذا الهدف ومن الناحية الاخرى لأن الجيش التابع لحكومة دمشق ضعيف وغير قادر على حماية مناطقها و حدودها، فلا يزال بإمكان داعش العمل والتحرك بسهولة وتنفذ مرتزقة داعش يومياً عمليات ضد جيش حكومة دمشق على خط دير الزور وتدمر والبادية السورية و هذه الفجوة والضعف العسكري تسبب في ظهور تهديدات خطيرة وجدية وإذا كانت حكومة دمشق قادرة على القيام بذلك، فلم تكن بوسع خلايا داعش أن تتمكن من تنظيم نفسها بسهولة وهنالك نقطة أخرى مهمة يجب أن نتطرق لها وهي أن القوى الدولية صرحت بإن تنظيم داعش أصبح الآن ضعيفاً ولا يمكن أن يكون فعالاً وله تأثير كما كان من قبل وهذا الامر أدى إلى حدوث أخطاء كبيرة واليوم يتم تقديم الدعم والفرص لخلايا داعش من قبل بعض القوى الخارجية .
وقعت أحداث كثيرة منذ تحرير الرقة وحتى الآن، و تم تنفيذ السياسة التي كانت قبل البدء بحملة الرقة، واستمرت بعد الحملة وكانت دولة الاحتلال التركي في ذلك الوقت هي القوة الوحيدة التي دعمت مرتزقة داعش واعتمدت عليها وفي معركة كوباني أظهروا ذلك بوضوح، واعترفوا بذلك قبل أن يهزم التنظيم؛ وهذا ما فعله الرئيس التركي بنفسه وبعد هزيمة داعش في الرقة والباغوز استمرت هذه السياسة في الواقع، مع هزيمة داعش هُزمت دولة الاحتلال التركي و فشلت خططهم ورغباتهم ومشاريعهم.
في ظل هذا الوضع، أرادت دولة الاحتلال التركي الانتقام من ذلك الشعب الذي هزم داعش وكما تستمر دولة الاحتلال التركي في عملها هذا حتى هذه اللحظة كمحاولة لتقوية تنظيم داعش وفي مقابل ذلك فإن الصمت الدولي يمنحها القوة بالتأكيد وفي الوقت نفسه فأن التهرب من تقديم الدعم العسكري والسياسي اللازم في الحرب ضد داعش، فسيصبح هنالك أمل في أن يقوم تنظيم داعش والمجموعات الأخرى بإعادة تقوية وتجميع صفوفها "إعادة إحياء نفسها من جديد" ومهاجمة مناطق شمال وشرق سوريا وهذا أيضاً يعطي الأمل لتنظيم داعش بإطالة عمره والتمكن من السيطرة على مكان ما في المستقبل.
لقد أشرت في تقيماتك إلى دولة الاحتلال التركي، لكن أريد أن أسأل، سواء في المناطق الأخرى في إقليم شمال وشرق سوريا أو داخل الرقة نفسها، ما هي علاقة دولة الاحتلال التركي بخلايا داعش؟
هذا ليس سراً، بل يحدث أمام أعين العالم أجمع وربما اليوم على المستوى الدولي ومن قبل القوى الإقليمية، لا يوجد موقف تجاه دولة الاحتلال التركي ولكن التاريخ بالتأكيد لن يغفر هذا وستدفع دولة الاحتلال التركي فاتورة ذلك ويجب على الناس التحلي بالصبر في بعض الأحيان، فهذه إحدى أفضل الطرق لتحقيق نوايا الناس وأهدافهم ولو لم نصبر حتى الآن ولو لم نظهر هذه الإرادة لفقدناها قريباً.
ربما لم نكن لنحقق المكتسبات التي لدينا الآن ،أنَّ إيمان الأنسان بنفسه وبتنظيمه هو مفتاح النجاح والنصر وهذا كله محاولة لانتزاع الإرادة ومحاولة للاستسلام بدعم من بعض القوى والتنظيمات واليوم تنتهج دولة الاحتلال التركي سياسة من هذا النوع ضد مناطقنا و بعد الانتقال إلى الرقة بذلت دولة الاحتلال التركية بعض الجهود لزعزعة أمن المنطقة وتوجيه الضربة لها وهي تحاول القيام بذلك باستخدام داعش ومع ضعف داعش، يصبح من الأسهل استخدامها و لتعزيز نفسه فهو مستعد لأي نوع من التحالف وبطبيعة الحال فإن داعش ورقة مفيدة جدًا لدولة الاحتلال التركي وفي المناطق التي تحتلها دولة الاحتلال التركي ومن خلال العمليات التي يقوم بها التحالف الدولي ضد داعش يظهر للعيان بأن التحالف الدولي يغض الطرف عن التنظيم، ولا داعي للحديث عن علاقة دولة الاحتلال التركي بداعش، أين قُتل البغدادي؟ قُتل في منطقة تحتلها دولة الاحتلال التركي وتحت سيطرتها ولو لم تكن تلك المنطقة آمنة للبغدادي، لما بقي هناك، أي أن احتواءهم البغدادي تظهر مستوى العلاقة بينهما واعترف العديد من عناصر التنظيم الذين تم القبض عليهم فيما بعد وإسرهم، وتم الحصول على العديد من الوثائق من الخلايا ونشرت عشرات المرات في وسائل الإعلام والتحالف الدولي يعرف ذلك وتهدف كل هذه المحاولات إلى عدم إرساء السلام والأمن في المنطقة وهو بهذا يريد القضاء على نموذج الإدارة الذاتية الديقراطية وعدم السماح له بالتحول إلى نموذج لسوريا بأكملها.
تعتبر الرقة من أكثر المدن التي تضررت في سنوات الحرب ما هو الدور الذي لعبتموه في إعادة إعمار الرقة كقوات سوريا الديمقراطية؟ وأيضاً كيف تتعاونون مع الإدارة الذاتية الديمقراطية؟
تعتبر الرقة من أكثر المناطق التي تعرضت للدمار، لأن تنظيم داعش اتخذ من هذا المكان عاصمته وزرع الألغام في كل مكان، لقد قام تنظيم داعش بوضع الألغام في أماكن غير موجودة فيها؛ تم تفجير معظم هذه الألغام وأدى هذا الوضع إلى إلحاق أضرار كبيرة بالبنية التحتية في الرقة وكان عقلية تنظيم داعش على هذا النحو: "إذا لم يكن ملكي، فلا ينبغي أن يكون ملكًا لأحد" لكن بعد أن قررت قوات سوريا الديمقراطية تحرير الرقة، كان الهدف الآخر هو حماية ممتلكات الشعب وبهذه الحساسية قامت قوات سوريا الديمقراطية بعملية التحرير، وكان هذا المحاولة سبباً في إعادة إعمار الرقة سريعاً وكان الهدف هو جعل الرقة مثالاً لسوريا كلها وفي هذا الوقت قدم الشعب الذي شارك في القتال ضد داعش وأهالي الرقة دعمًا كبيرًا ، لقد ساعدوا في تنظيف المدينة وعملية إعادة الإعمار وتبادلوا تجاربهم ولهذا السبب يعود الفضل للسكان المحليين في إعادة إعمار الرقة.
ومع ذلك، فإن المهمة الرئيسية لقوات سوريا الديمقراطية والدور الأهم التي قامت بها قوات سوريا الديمقراطية هنا هو ضمان الأمن ولا يمكن استكمال عملية البناء إلا بعد ضمان الأمن وتمت عملية تطهير المنطقة من متفجرات تنظيم داعش وإزالة الآثار بشكل آمن من قبل قوات سوريا الديمقراطية وقبل كل شيء، يجب أن يشعر الشعب بالأمن والأمان ولا يمكن للإنسان أن يبني إذا لم يشعر بالأمان و كما أنه ليس من السهل أن تكون مسؤولاً عن سلامة مئات الآلاف من الأشخاص و لأن مئات الآلاف من الناس يعيشون في الرقة وهي أيضًا معبر لكثير من الناس وكان هذا هو السبب الذي دفعنا كقوات سوريا الديمقراطية إلى تنظيف المدينة وضمان أمنها بسرعة وفي وقت قصير بدأت أعمال إعادة بناء الرقة و كما حصلت بلدية الرقة على جائزة أفضل بلدية من بين 10 دول وعلى المستوى الحالي يتم بناء الرقة بتعاون الشعب على نهج الحياة المشتركة وهذا يجعل من الرقة مثالاً يحتذى به للعديد من مدننا ولجميع المدن السورية.