"يخشى مطب إسرائيل".. بايدن يسابق الزمن لإبرام الاتفاق الأمني مع السعودية

تسابق إدارة جو بايدن بالولايات المتحدة الوقت لإبرام اتفاق أمني مع المملكة العربية السعودية، على نحو قد يشكل منعطفًا كبيرًا في الشرق الأوسط.

نحو اتفاق ثلاثي يشملها إلى جانب السعودية وإسرائيل، تسابق الولايات المتحدة الأمريكية الزمن لإبرام هذا الاتفاق مع الرياض على أساس شموله تطبيع العلاقات السعودية – الإسرائيلية في إطار عملية السلام بالشرق الأوسط، كصفقة كبرى على صعيد السياسة الخارجية يدخل بها جو بايدن سباق نوفمبر/تشرين الثاني الرئاسي في مواجهة خصمه دونالد ترامب.

لكن مراقبون وتقارير أمريكية عدة تؤكد أن هذه الاتفاقات التي ستبرم بين واشنطن والرياض هي لمجرد الاستعراض من قبل الرئيس الأمريكي ولن تنفذ على أرض الواقع، وذلك لأن تل أبيب لن تقبل بالشروط السعودية للتطبيع، التي يأتي على رأسها قبول الجانب الإسرائيلي بحل الدولتين، والأخير يبدو أنه مستبعدًا في الوقت الحالي، مع التصعيد الغاشم الذي يطال الأراضي الفلسطينية وتحديدًا قطاع غزة، وهيمنة اليمين المتطرف على القرارا الإسرائيلي.

ملامح عامة

ملامح الصفقة ظهرت خلال شهادة الأسبوع الماضي لوزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن أمام لجنة المخصصات بمجلس النواب الأمريكي، وقال إن الاتفاقات قريبة جدا من إبرامها مع السعودية، وحسب ما ورد فإن هذه الاتفاقيات ستلزم الولايات المتحدة بالدفاع عن المملكة في حالة تعرضها لهجوم، وتزويد الرياض بأسلحة أمريكية أكثر تقدمًا ومساعدتها على تطوير برنامجها النووي المدني، وفي المقابل، توافق السعودية على تطبيع العلاقات مع إسرائيل، وفقًا لتقرير حديث لصحيفة واشنطن بوست الأمريكية.

وأضاف بلينكن أن هناك مشكلة واحدة فقط، فبعد أن تضع الحكومتان اللمسات النهائية على الاتفاقيات، فإن السعودية لا تنوي تأجيل نهايتها حتى تلبي إسرائيل مطالبها، مضيفًا: "لقد أوضحت المملكة العربية السعودية بشكل واضح أنه حتى مع استكمال الاتفاقيات بيننا، يجب أن يكون لديهم شيئين: يجب أن يحصلوا على الهدوء في غزة، ويجب أن يكون لديهم طريق موثوق به إلى دولة فلسطينية"، الأمر الذي اعتبرته "واشنطن بوست" بمثابة مطب كبير، بالنظر إلى أن غزة في حالة حرب وكارثة شاملة يبدو أنها ستستمر، كما أن حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو تعارض علنًا حل الدولتين، كما تعارضه أغلبية المواطنين الإسرائيليين.

حسابات السعودية وأمريكا

فتح الصورة

في هذا السياق، يقول حازم الغبرا المستشار السابق بوزارة الخارجية الأمريكية، في تصريحات هاتفية لوكالة فرات للأنباء (ANF)، إن الولايات المتحدة والسعودية لديهما علاقة تاريخية متوسعة الأطراف والمجالات، سياسيًا واقتصاديًا واجتماعيًا وتعليميًا وعسكريًا.

وأضاف أن العلاقة بين واشنطن والرياض مرت خلال الفترة الماضية ببعض الفتور، وكان هذا مبررًا بسبب أنه كانت هناك أخطاء من قبل الإدارة الأمريكية من خلال الكيل بمكيالين في التعامل مع دول الخليج وعلى رأسهم السعودية وإيران بشكل غير منطقي، لكن الأخطاء دائمًا تصحح والمسارات تتغير وهذا ما نراه اليوم.

ولفت الغبرا إلى أن الوقت الحالي به حديث جاد جدًا بين السعودية والولايات المتحدة يشمل عدة مسارات، فهناك عنوان عريض وهو إعادة العلاقة إلى ما كانت عليه في الماضي، وهذا أمر جيد، لكن هناك حيثيات لهذه العودة ضمن اتفاق جديد يشمل بيع معدات وتكنولوجيا عسكرية متقدمة للسعودية، ودعم برنامج السعودية السلمي النووي، فالرياض لا تبحث عن برنامج نووي عسكري وإنما سلمي.

السلام في الشرق الأوسط

وقال المستشار السابق بوزارة الخارجية الأمريكية إن الأمر الآخر الذي يرتبط بالعلاقات بين البلدين هي مسألة السلام في الشرق الأوسط ونوع من اتفاقية سلام بين إسرائيل والسعودية على غرار ما تم التوصل إليه بين الأولى والإمارات والبحرين، وبالتالي هناك عمليات تفاوضية وبحثية تجري الآن بين واشنطن والرياض للتوصل إلى صيغة منطقية.

واعتبر أن هناك واجبًا على إدارة جو بايدن لإصلاح التخريب الذي طال العلاقة بين السعودية والولايات المتحدة دون أي سبب منطقي أو فوائد، والطرف الوحيد الذي استفاد من ذلك هي إيران، فيما يجري العمل الآن على إعادة هذه العلاقة الطبية بين الشعبين الأمريكي والسعودي القائمة منذ عقود.

وعن سياق العلاقات في إطار الانتخابات الرئاسية الأمريكية، يقول الغبرا إن بايدن يحاول اليوم إيصال أنه الرئيس القوي القادر على التوصل إلى اتفاقات والعمل مع شركاء دوليين مختلفين مثل العمل الذي يجري الآن مع السعودية، في إشارة منه إلى أن بايدن يريد دخول الانتخابات بهذا الاتفاق الصعب، فيعادل ما فعله منافسه ترامب عندما أبرم ما يعرف بـ"اتفاقات السلام الإبراهيمي".

لكن وجهة نظر أخرى ترى أن الأمر ليس بيد السعودية مثل السيناتور الديمقراطي كريس ميرفي الذي يرى أنه على العكس، فإن الكونجرس لن يوافق على على أي مخصصات تتعلق بأي اتفاق مع الرياض ما لم توافق الأخيرة على تطبيع العلاقات مع إسرائيل، وبالتالي لا بد من اتفاق ثلاثي يشمل تل أبيب ليكتمل الجانب الثنائي بين واشنطن والرياض.

صعوبات عملية

لا يتوفر وصف.

بدوره، يقول مايكل مورجان المحلل السياسي الأمريكي، في تصريحات هاتفية لوكالة فرات للأنباء (ANF)، إنه من الواضح أن الولايات المتحدة والسعودية يمضيان قدمًا في تقوية العلاقات بشكل كبير، خصوصًا بعد الصراعات الكبيرة في السنوات الماضية بين جو بايدن وولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، مشيرًا في هذا السياق إلى أن التطور الأكبر يتمثل في الاتفاق العسكري الثنائي.

وأوضح أنه سيتم طرح حزمة من التعاون في الطاقة النووية السلمية والتكنولوجيا والذكاء الاصطناعي، لافتًا إلى أن الرياض أشارت منذ فترة إلى هذا الاتفاق، كما أن الاتفاق الموسع بين الرياض وواشنطن يشمل حل الدولتين بالنسبة للقضية الفلسطينية وكان ذلك شرطًا في إطار الاتفاق الموسع.

ويرى مورجان أن السعودية ستستثني تطبيع العلاقات مع إسرائيل في هذه الصفقة، بسبب التصعيد الذي تقوم به الأخيرة في قطاع غزة على مدار الشهور الماضية، ما قد يضعف الصفقة التي كانت أكبر بذلك بكثير لو تم تطبيع العلاقات بين الرياض وتل أبيب، وبالتالي فإن واشنطن تعمل مع السعوديين الآن بعيدًا عن مسألة التطبيع مع الجانب الإسرائيلي، وفقًا له.

ويقول المحلل والإعلامي الأمريكي إن السعودية أثبتت أنها قادرة على الاستفادة سواء كان من يحكم الديمقراطيين أو الجمهوريين، خصوصًا أن علاقتها كانت أقوى في عهد دونالد ترامب، لكنها تقترب الآن من إبرام هذه الصفقة، وبالطبع التنسيق لهذه الاتفاقيات يجري على مدار الأشهر الماضية، وكان يمكن أن تمضي أسرع لكن الوضع في غزة كان له تأثيره، وعليه فإن الاتفاق سيكون ثنائيًا وليس ثلاثيًا.

وإذا كان الأمر صعبًا لهذه الدرجة فيما يتعلق بالتطبيع بين السعودية وإسرائيل، إلا أن موقف الإدارة الذي عبر عنه بلينكن يرى أن الاتفاق الثنائي بين واشنطن والرياض من شأنه خلق حالة من الضغط على الحكومة الإسرائيلية الحالية أو أي حكومة ستأتي مستقبلًا.