مصر وإسرائيل.. ماذا بعد سيطرة تل أبيب على محور فيلادلفيا؟

تتجه العلاقات بين مصر وإسرائيل نحو مزيد من التوتر، بعد سيطرة جيش الاحتلال على كامل محور فيلادلفيا بين مصر وغزة.

وأعلنت إذاعة الجيش الإسرائيلي تحقيق السيطرة العملياتية الكاملة على محور فيلادلفيا بين مصر وغزة، بعد وقت وجيز من تصريحات مستشار الأمن القومي الإسرائيلي، تساحي هنجبي أن الجيش الإسرائيلي يسيطر على 75% من محور فيلادلفيا، وهو منطقة عازلة بين غزة ومصر.

لكن الأخطر في تصريحاته أنه أكد أنه يجب السيطرة عليه "بالتعاون مع المصريين، لضمان منع تهريب الأسلحة"، وفق زعمه، فيما أكد مصدر مصري رفيع المستوى أنه لا توجد أية اتصالات مع الجانب الإسـرائيلي بشأن الادعاءات بوجود أنفاق على حدود قطاع غزة ومصر.

وشدد المصدر على أن تل أبيب توظف هذه الادعاءات لتبرر مواصلة عملية رفح وإطالة أمد الحرب لأغراض سياسية، مؤكدًا أن إطالة أمد الحرب هدف إسرائيلي للتهرب من أزماتها الداخلية، من خلال محاولات مستمرة بتصدير الأكاذيب حول الأوضاع الميدانية لقواتها في رفح بهدف التعتيم على فشلها عسكريًا.

اختراق لاتفاقية السلام

لا يتوفر وصف.

في هذا السياق، يقول الخبير الاستراتيجي اللواء سمير فرج مدير إدارة الشئون المعنوية للقوات المسلحة المصرية الأسبق إن السيطرة على محور فيلادلفيا مخالفة صريحة لاتفاقية السلام المبرمة بين مصر وإسرائيل في 26 مارس/آذار من عام 1979، والتي طبقًا لها لا يجب أن تكون بها أي قوات إسرائيلية.

واعتبر فرج، في تصريحات لوكالة فرات للأنباء (ANF)، أن سيطرة إسرائيل على هذا المحور يأتي في إطار محاولتها لإثبات أنها تحقق انتصارًا في رفح، لأنها حتى الآن غير قادرة على الدخول في رفح ليس بسبب ضغوط، ولكن لأنها تعلم جيدًا أن الدخول سيكلفها كثيرًا وستكون هناك خسائر كبيرة.

وأكد الخبير الاستراتيجي المصري أنه طبقا لاتفاقية كامب ديفيد لا يوجد بمحور فيلادلفيا أي قوات وبالتالي تل أبيب ارتكبت مخالفة، وفي هذا الحالة فإن هناك لجنة مصرية ولجنة إسرائيلية وسيكون هناك نقاش بشأن المخالفة التي ارتكبت، مشيرًا إلى مصر بدورها خالفت أكثر من مرة الاتفاقية من قبل عندما دخلت القوات المصرية المنطقة (ج)، وذلك خلال حربها في مواجهة الإرهاب.

وتصاعدت أجواء التوتر على العلاقات المصرية الإسرائيلية حالة من التوتر منذ 7 مايو/أيار الجاري، وذلك عقب سيطرة تل أبيب على الجانب الفلسطيني من معبر رفح، في وقت رفضت القاهرة مسألة التنسيق معها لإدارته، ثم تصاعد التوتر أكثر بالانضمام المصري لدعوى جنوب أفريقيا في محكمة العدل الدولية، حيث تتهم إسرائيل بارتكاب إبادة جماعية.

لكن أجواء التوتر بين القاهرة وتل أبيب فعليًا تصاعدت مع اندلاع الحرب على غزة في السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، الذي خلف حتى الآن أكثر من 36 ألف قتيل و81 جريحًا، فضلًا عن أن هناك أعدادًا كبيرة من الجثث لا تزال تحت الأنقاض، حيث حذر الجانب المصري نظيره الإسرائيلي مرارًا من مغبة التصعيد في القطاع.

تأرجح إسرائيلي بين السياسي والعسكري

يأتي هذا في وقت قالت وسائل إعلام إسرائيلية إن تل أبيب تستعد لتسليم الوسطاء مقترحًا جديدًا بشأن اتفاق مع الفصائل الفلسطينية لوقف إطلاق النار وتبادل الرهائن، دون الكشف عن أية بنود، لكن مصادر أخرى تقول إن تل أبيب تربط أيام وقف العمليات القتالية بعدد الرهائن الذي يمكن أن يعودوا أحياء لدى حماس.

لا يتوفر وصف.

يقول الدكتور طارق فهمي أستاذ العلوم السياسية بالجامعة الأمريكية في القاهرة إن إسرائيل تتأرجح بين العمل العسكري في رفح والاحتلال الكامل لممر صلاح الدين وإتمام التواجد حتى ما بعد حي البرازيل ثم العودة إلى التفاوض، أما الخيار الثاني لديها فهو تقديم تصورات ومقترحات جديدة للعودة إلى المفاوضات مرة أخرى.

وأضاف، في تصريحات هاتفية لوكالة فرات للأنباء (ANF)، أن هذه العروض التي يعلن عنها بشأن الاتفاق تثير مخاوف من أن يكون الأمر مجرد شراء للوقت من أجل إطالة أمد الحرب ثم بعد ذلك العودة إلى التفاوض، وكذلك في ظل مخاوف من إمكانية فشل العملية العسكرية في شرق رفح من إعادة المحتجزين وهزيمة كتائب حركة حماس.

ويقول خبير شؤون الشرق الأوسط إن مصر تعمل على بناء الثقة بين الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي، ويمكن التوصل إلى اتفاق إذا توافرت النية لدى الطرفين والثقة لكن ذلك غير متوافر الآن، فهناك مشكلة متعلقة بآلية التعامل مع الحكومة الإسرائيلية، وبالتالي في كل الأحوال يسير العمل العسكري الإسرائيلي إلى جانب السياسي.

ويبدو أن هناك حالة من التآكل في العلاقات الإسرائيلية المصرية، لا سيما أن الأمر وصل إلى استشهاد جندي مصري برصاص إسرائيلي إثر تبادل لإطلاق النار، ما يعني أنه ربما صفحة الدفء التي سيطرت على العلاقات طوال عقود ربما تقترب من الطي.