تجدّدت تظاهرات ذوي المحتجزين لدى حماس، مساء السبت، في تل أبيب، احتجاجاً على ما تردد بشأن عقد اتفاق مع الحركة لإطلاق سراح عدد من المحتجزين وسط ترجيحات بألا يشمل الاتفاق الإفراج عن الأسرى دفعة واحدة، وهو ما خلق حالة من الغليان بين الأهالي، دفعتهم إلى تنظيم تظاهرات بالقرب من منزل رئيس مجلس الوزراء الإسرائيلي، تزامناً مع استمرار الجولات المكوكية لوزير الخارجية الأمريكي «بلينكن»، ومستشار الأمن القومي الأمريكي جيك سوليفان، بغرض التوصل إلى اتفاق.
رضوخ حماس
رضخت حركة حماس لشروط إسرائيل فيما يخص إدارة قطاع غزة، إلى جانب بقاء القوات الإسرائيلية في القطاع عقب توقيع الاتفاق على وقف إطلاق النار، كما سلمت الحركة قائمة بأسماء المحتجزين المقرر الإفراج عنهم بموجب الاتفاق، وأكدت تقارير غربية أن البنود المقترحة تشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف إطلاق النار لمدة تتراوح بين 45 و60 يوماً، وخلال هذه المدة تنسحب القوات الإسرائيلية من معبر رفح وتتولى إدارته السلطة الفلسطينية، وفي المقابل، أبلغ وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، نظيره الأمريكي لويد أوستن بمجريات الاتفاق الجديد الذي يسمح بعودة جميع الرهائن دفعة واحدة -بخلاف ما تم إعلانه- ويقوم مقترح الهدنة على إنشاء لجنة فلسطينية مكونة من 15 شخصية –تكنوقراط- ستدير قطاع غزة، وتتكفل الولايات المتحدة بمراقبة عمل هذه اللجنة.
ورغم استمرار المفاوضات التي قادتها مصر وقطر والولايات المتحدة الأمريكية على مدار أيام الحرب منذ تشرين الأول من العام الماضي، لم تنجح الضغوط على نتنياهو للقبول باتفاق وعقد صفقة لوقف إطلاق النار مع حماس، بل ذهب رئيس الوزراء الإسرائيلي قُدماً بشن حرب ضارية على الجنوب اللبناني استهدفت ضرب البنية التحتية العسكرية لحزب الله وشل قدراته العسكرية بعد أن بات الحزب –وفقاً للتصريحات الإسرائيلية- مصدر تهديد لأمن إسرائيل وسكانها، فضلاً عن تنفيذ الجيش الإسرائيلي سلسلة من الاغتيالات التي استهدفت قادة حماس وحزب الله على حد سواء، إلا أن كل ما تحقق ميدانياً لم يكن كافياً لرئيس الوزراء الإسرائيلي لعقد صفقة مع حركة المقاومة، واستمر في تنفيذ خطة ضرب البنية التحتية في قطاع غزة وحصار الحدود وتدمير الأنفاق لمنع أية إمدادات عسكرية تصل للحركة.
إصرار نتنياهو
عقب نجاحه في تحقيق أهدافه العسكرية والسياسية فيما يخص حزب الله، بدأ نتنياهو التعامل مع الوسطاء بجدية وسط تقدم ملحوظ في المفاوضات، خاصةً بعد التغيير السياسي في سوريا، ورضوخ حماس للتفاوض بجدية بعد الخسائر الفادحة التي لحقت بها على الصعيدين السياسي والعسكري، ومن بين تلك الخسائر اغتيال إسماعيل هنية ويحيى السنوار، وما يقارب 38 قيادة عسكرية من حزب الله بخلاف العناصر التي قُدرت أعدادها بـ2500 عنصر، إلى جانب توقف تام للإمدادات العسكرية التي كانت تصل إلى حماس عن طريق الحزب.
دوافع الطرفين
ووفقاً للدكتور أيمن الرقب المحلل السياسي في اتصال لوكالة فرات للأنباء «ANF»باتت حركة حماس في مأزق حقيقي على الصعيد الميداني بسبب إنهاك قواها خلال العام المنصرم وفقدانها جزء كبير من قدرتها العسكرية، ما دفع قادتها إلى الرضوخ للشروط الإسرائيلية التي رفضتها الحركة في أوقات سابقة، وعلى رأس تلك الشروط إدارة غزة من قِبل لجنة تُشكل من الشخصيات العامة وتراقبها الولايات المتحدة الأمريكية، فضلاً عن بقاء الجيش الإسرائيلي في غزة بعد إعلان وقف إطلاق النار، ورغم قسوة تلك الشروط من وجهة نظر حماس إلا أن خياراتها المستقبلية محدودة، ومن ثم تسعى الحركة إلى إقرار وقف إطلاق النار بأي شروط، على أمل أن تتحرك مستقبلاً وتلملم صفوفها إلا أن ذلك لم يعد مضموناً في ظل الإصرار الإسرائيلي على تصفية الحركة.
وفيما يخص إسرائيل، أكد الدكتور خالد سعيد المختص بالشأن العبري في اتصال لوكالة فرات للأنباء «ANF»، أنّ تل أبيب تخطط لاستمرار حربها ضد الأذرع الإيرانية في المنطقة وسط تواتر أنباء عن احتمالية توجيه ضربات إلى الحشد الشعبي العراقي والحوثيين في اليمن، حتى وإن لم تفكر تل أبيب في استمرار حربها فهي مرغمة على التوصل لاتفاق بسبب حالة الغضب الشعبي على الصعيد الداخلي التي تجلت في تظاهرات ذوي المحتجزين من آن لآخر، فضلاً عن مواجهة نتنياهو معارضة شديدة من قِبل خصومه السياسيين بعد تأثر الاقتصاد الإسرائيلي بالحرب وتراجع معدلات النمو وفقاً لمؤسسات التصنيف التي بدأت في نشر تقارير عن الأوضاع الاقتصادية.