أحدثها غواصة نووية تدمر 25 دولة.. كيف تراقب روسيا الانتشار العسكري الأمريكي في الشرق الأوسط؟

قبل أيام أرسلت الولايات المتحدة الغواصة النووية فلوريدا إلى الشرق الأوسط في ضوء الحرب على غزة والتي تقول تقارير إن لديها القدرة على تدمير 25 دولة، ما يفرض تساؤلات عدة أبرزها قراءة روسيا لنشر هذه المعدات العسكرية الأمريكية بالمنطقة.

قالت وسائل إعلام أمريكية عدة من بينها وكالة بلومبرج الأمريكية إن نشر هذه الغواصة يأتي في إطار الردع لإيران حتى لا يتمدد الصراع في منطقة الشرق الأوسط بسبب حرب غزة، وتقول إن الغواصة تعمل بالطاقة النووية ولا تحمل في الوقت الحالي أسلحة نووية، لكنه يمكن تزويدها بنحو 154 صاروخ كروز توماهوك، ويمكن أن تستوعب ما يصل إلى 66 من القوات الأمريكية الخاصة.

وقبل ذلك أرسلت الولايات المتحدة غواصة من طراز أوهايو إلى الشرق الأوسط، وفي حين دخلت "يو إس إيه فلوريدا" إلى مياه الخليج، لم يتم الكشف عن مكان تمركز الثانية، وقد انضمتا الاثنتان إلى حاملتي الطائرات "آيزنهاور" و"جيرالد فورد" ومجموعة السفن الحربية التابعة لهما والتي سبق وأن نشرهما الجيش الأمريكي في الشرق الأوسط، فيما تزامن ذلك مع حديث أمريكي عن نشر جنود في منطقة القيادة المركزية الأمريكية.

الولايات المتحدة استغلت الحرب على غزة

في هذا السياق، يقول الدكتور عباس حبيش نائب رئيس المركز الثقافي العربي الروسي في روسيا والمحلل السياسي إن السؤال حول نظرة روسيا لمسألة نشر الولايات المتحدة الأمريكية بوارجها وصولاً إلى الغواصة النووية يعيدني إلى يوم 11 تشرين الأول \أكتوبر أي قبل شهرين تقريباً أكد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أن موسكو لا يمكن أبداً أن تقف إلى جانب الإسرائيليين المدعومين بهذه الطريقة من قبل واشنطن.

وأضاف "حبيش"، في تصريح لوكالة فرات للأنباء (ANF)، أن الرئيس الروسي أكد وقتها كذلك أن انتشار تلك الآليات العسكرية الأمريكية يعقد الوضع أكثر، ويخربون على المنطقة بأكملها الأمن والسلام، ومن ناحية ثانية عندما كان الرئيس الروسي في الصين أعطى أوامره للقوات المسلحة في البحر الأسود لتكون على استنفار دائم وجاهزة حال تمت أية عمليات يمكن أن تهدد الأمن القومي الروسي، وهذا أمر لم ينتبه له كثير من الإعلام.

ويرى أن الانتشار العسكري الأمريكي في الشرق الأوسط موضع تساؤلات كثيرة في الأوساط الروسية لا سيما ما يتعلق بأهداف هذا الانتشار، لكنهم يرون أن من شأنه تعقيد الأوضاع والتغطية على إراقة الدماء، كما أن "بوتين" تحدث حول ما إذا كان هذا الانتشار الأمريكي سيخيف أعداء إسرائيل من دول الشرق الأوسط، يرى أنها شعوب لم تعد تخاف سواء في فلسطين أو خارجها، وهذا هو الموقف الروسي.

وأكد الدكتور عباس حبيش أن الأمريكيين استغلوا الحرب على غزة لنشر قواتهم في الشرق الأوسط وآلياتهم العسكرية بهذا الشكل، فقد استغلت واشنطن موضوع غزة وربما كانت تخطط له من قبل، مضيفاً أنه على كل حال فإن الفترة المقبلة ستكشف عن كثير من الأمور بشأن المواقف الأمريكية.

وأتى نشر حاملتي الطائرات آيزينهاور وجيرالد فورد في منطقة الشرق الأوسط للمرة الأولى منذ مارس\ آذار 2020، عندما تسبب هجمات صاروخية استهدفت معسكر التاجي شمال العاصمة العراقية بغداد، والتي أدت إلى مقتل جنديين أمريكيين وبريطاني واحد، لكن هناك من يرى أن الأمر ليس مقصوداً منه الروس فقط بل الصينيين، إذ تعاظما نفوذهما كثيراً في المنطقة خلال الفترة الماضية.

ليست روسيا وحدها المقصودة من الانتشار الأمريكي

بدوره، يقول الدكتور نبيل رشوان الخبير في الشأن الروسي، في اتصال هاتفي لوكالة فرات للأنباء (ANF)، إن الحديث عن نشر الولايات المتحدة معدات عسكرية لها في الشرق الأوسط مستغلة أحداث غزة من أجل مواجهة النفوذ الروسي أمر به قدر كبير من الصحة، وليس من أجل روسيا فقط بل في إطار المواجهة مع النفوذ الصيني في المنطقة، إلى جانب ما يحمله هذا الانتشار من رسائل موجهة إلى إيران.

وأوضح "رشوان" أن التواجد العسكري الأمريكي بلا شك في الدرجة الأولى يأتي مخافة أن تقوم طهران بتحرك ما ضد إسرائيل في إطار حرب غزة، ولكن في الأساس أرى أن واشنطن أرادت أن تظهر أنيابها لكل من موسكو وبيجين، وتريد القول إنها لم تغادر المنطقة لا سيما وأن الولايات المتحدة لديها كثير من القواعد العسكرية في المنطقة في سوريا والعراق وبعض دول الخليج.

ولفت إلى أن تحركات واشنطن لإثبات وجودها في المنطقة تأتي في أعقاب نزعة سعودية لا سيما لدى ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان للاتجاه أكثر إلى موسكو خصوصاً بعد قضية مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي، وكانت الرياض قريبة للغاية من أن تفلت من تحت يد واشنطن باتجاه موسكو، كما أن الروس لديهم حرص بدرجة كبيرة أن يكون لديهم علاقات جيدة ووطيدة مع السعوديين.

وقال "رشوان" إن الاهتمام الأمريكي في المستقبل متركز على منطقة شرق آسيا، ولكن في الوقت الحالي أصبح الاهتمام الأكبر إلى منطقة الشرق الأوسط، خصوصاً في ظل الفترة المضطربة الحالية، فيما تعمل واشنطن في نفس الوقت على أن تشغل الصين بقضية كبيرة وهي قضية تايون، وهذه هي التصورات المرتبطة بمسألة نشر الولايات المتحدة عديد من المعدات العسكرية في المنطقة، مستغلة الأوضاع في الأراضي الفلسطينية كما ذكرت.