السماح لأوكرانيا بضرب الأراضي الروسية بالأسلحة الأميركية.. هل سيغير من مسار الحرب
اتخذت الولايات المتحدة قرار جريء في الحرب الأوكرانية بالسماح لكييف باستخدام أسلحتها لشن هجمات داخل روسيا، مما يعد تغيير جديد في قواعد اللعبة داخل الحرب الأوكرانية.
اتخذت الولايات المتحدة قرار جريء في الحرب الأوكرانية بالسماح لكييف باستخدام أسلحتها لشن هجمات داخل روسيا، مما يعد تغيير جديد في قواعد اللعبة داخل الحرب الأوكرانية.
تستمر الحرب الروسية الأوكرانية في الاشتعال لتفاجئ الولايات المتحدة الأميركية العالم بقرار جديد، حيث سمحت لأوكرانيا باستخدام الأسلحة الأميركية في قصف روسيا في سابقة تعقد الوضع العسكري بين كييف وموسكو، وتساعد الأوكرانيين على استهداف نقاط وأهداف في العمق الروسي، مما يثير التساؤلات حول أهمية القرار ومدى تأثيره في تغيير مسار الحرب.
بدوره كشف دينيس كوركودينوف رئيس المركز الدولي للتحليل والتنبؤ السياسي والمحلل السياسي الروسي، أن المتحدث باسم وزارة الدفاع الأمريكية تشارلي ديتز، فإن واشنطن سمحت لأوكرانيا باستخدام الأسلحة المنقولة إلى القوات المسلحة الأوكرانية على مسافة لا تزيد عن 100 كيلومتر داخل الأراضي الروسية. وفي الوقت نفسه، فإن التوضيح الخاص للبنتاغون هو أن القوات المسلحة التابعة لـ "نظام كييف" يمكنها أن تضرب حصراً الأراضي الروسية بالقرب من الحدود الشمالية لأوكرانيا إذا أطلق الجيش الروسي النار من هناك.
وأكد كوركودينوف في تصريح خاص لوكالة فرات، أن قرار وزارة الدفاع الأمريكية، الذي نُشر منذ وقت ليس ببعيد، أعطى في الواقع صفة رسمية فقط للممارسة العسكرية التي نفذتها القوات المسلحة الأوكرانية منذ فترة طويلة. وهكذا، في يونيو\ حزيران 2022، وعدت أوكرانيا رسمياً بعدم استخدام أنظمة هيمارس الأميركية لشن هجمات على الأراضي الروسية واستخدامها فقط لأغراض دفاعية. ومع ذلك، منذ اللحظة التي بدأت فيها عمليات تسليم هذه المنشآت الأميركية حتى نهاية عام 2022، زاد عدد ضحايا القصف الأوكراني بين السكان المدنيين في دونباس 4 مرات، وزاد عدد ضربات أجهزة الأمن الأوكرانية على أهداف مدنية 3 مرات.
وأضاف رئيس المركز الدولي للتحليل والتنبؤ السياسي، أنه عندما أعلن الرئيس الأمريكي جو بايدن في 4 أكتوبر\ تشرين الأول 2022، عن تسليم أنظمة هيمارس جديدة إلى كييف، أشارت نائبة مساعد وزير الدفاع لورا كوبر إلى أنه بمساعدة صواريخ "جملرس" المجهزة بأنظمة هيمارس، يمكن لأوكرانيا أن تضرب "معظم الأهداف في ساحة المعركة"، بما في ذلك شبه جزيرة القرم.
وبيّن كوركودينوف، أن الولايات المتحدة تعتبر الهجمات على أهداف في شبه جزيرة القرم قانونية، حيث سبق أن ذكرها وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن والممثل الخاص السابق لأوكرانيا في إدارة دونالد ترامب كورت فولكر، وأدلى ممثلو البنتاغون ووزارة الخارجية الأميركية بتصريحات مفادها أنهم "يفهمون حاجة" أوكرانيا لضرب أهداف تقع "خلف الخطوط الأمامية".
وأوضح رئيس المركز الدولي للتحليل والتنبؤ السياسي، إن قرار الضرب بالأسلحة الأميركية في عمق الأراضي الروسية يطمس الخط الفاصل بين المساعدة العسكرية ومشاركة الولايات المتحدة في الصراع.
وأشار كوركودينوف، إلى أن ممثلي الكرملين أكدوا في هذا الصدد مرارا وتكرارا أن المشاركة المباشرة للولايات المتحدة ودول أخرى في العمليات العسكرية في أوكرانيا غير مقبولة. بالإضافة إلى ذلك، على المستوى الدولي، لا تزال موسكو تلفت انتباه خصومها الجيوسياسيين إلى عدم جواز التدخل العسكري الخارجي في الأحداث الأوكرانية، مع التركيز على منع اندلاع صراع مسلح عالمي باستخدام الأسلحة النووية.
وتابع رئيس المركز الدولي للتحليل والتنبؤ السياسي، أن التدخل الأميركي المباشر يمثل سببا موضوعيا لتصعيد التوترات حول الصراع الأوكراني، والذي يمكن أن يشكل خطرا على الأمن الأميركي والأوروبي، لأن روسيا، من أجل ضمان الدفاع عن دولتها، تحصل على الحق في شن ضربات صاروخية وقائية. ليس فقط في مواقع الأسلحة الأميركية على أراضي أوكرانيا، ولكن أيضاً في أماكن إنتاجها في الولايات المتحدة ودول أخرى. بالإضافة إلى ذلك، يحق لموسكو وحلفائها، بأي وسيلة عسكرية، قطع اتصالات النقل التي تزود الولايات المتحدة من خلالها الأسلحة إلى أوكرانيا، وتدمير المطارات العسكرية والموانئ البحرية والمراكز اللوجستية، بغض النظر عن جغرافيتها.
وأردف كوركودينوف، أنه نظراً للتهديد المباشر للأمن القومي الروسي، يستطيع الكرملين أن يستخدم الأسلحة النووية بشكل مشروع لردع العدوان الأميركي الذي ينفذ عبر أوكرانيا، مبيناً أن الهدف المشروع للقوات المسلحة الروسية ليس فقط الأوكرانية، ولكن أيضا المنشآت العسكرية الأمريكية ومراكز صنع القرار الاستراتيجية.
بينما كشف إيفان أوس، مستشار مركز السياسة الخارجية الأوكراني، أن القتال بالقيود يشبه الملاكمة عندما تكون إحدى يديك مقيدة. أدى الحظر المفروض على استخدام الأسلحة التي قدمتها الولايات المتحدة لشن هجمات على الأراضي الروسية إلى حقيقة أن روسيا كانت قادرة بهدوء على التحضير لهجوم على منطقة خاركوف في النصف الأول من مايو\ أيار 2024. لذلك، سمح رفع هذا الحظر أوكرانيا لمنع روسيا من حشد المزيد من القوات للتقدم في منطقة خاركوف، مما أوقف هذا التقدم. كما مكّن من منع الهجوم الذي أعلنته روسيا على منطقة سومي في اوكرانيا.
وأكد أوس في تصريح خاص لوكالة فرات، أنه لا يمكن لأوكرانيا استخدام جميع أنواع الأسلحة لضرب الأراضي الروسية، ولذلك لا يمكن لأوكرانيا استخدام الصواريخ الأميركية التي يمكن أن تصل إلى مسافة 300 كيلومتر، و على هذه المسافة تقريباً توجد مطارات تهاجم منها الطائرات الروسية أوكرانيا وتطلق قنابل قابلة للتصحيح (سمحت هذه القنابل لروسيا بالاستيلاء على أفديفكا، ومن ثم إلحاق الضرر الأكبر بكل من مدينة خاركوف التي يبلغ عدد سكانها أكثر من مليون شخص و مدن أخرى في منطقة خاركوف).
وأضاف مستشار مركز السياسة الخارجية الأوكراني، إن الخطوة التالية لأوكرانيا ستكون مطالبة الولايات المتحدة، أولاً، بالسماح باستخدام الصواريخ التي تطير لمسافة 300 كيلومتر، وثانياً، السماح بضرب الطائرات عندما تكون في المطارات (وهذا محظور حالياً).