تستمر جرائم الحرب التي ترتكبها تركيا ضد السكان المدنيين في شمال وشرق سوريا وعملية استهداف البنية التحتية لتلك المناطق في ظل صمت دولي مطبق على هذه الجرائم، مما يثير التساؤلات حول التوصيف القانوني لتلك الجرائم وإمكانية محاسبة تركيا عليها أمام المحاكم الدولية.
كشف إبراهيم شيخو، رئيس منظمة حقوق الإنسان في عفرين، أن الاحتلال التركي قصف البنية التحتية في شمال وشرق سوريا من محطات توليد الطاقة والنفط.
وأكد شيخو في تصريح خاص لوكالة فرات، أن تركيا شنت هجماتها يوم 23 كانون الأول استهدفت فيه محطات المياه وخروج 700-800 مدرسة ومركز غسيل الكلى الوحيد الموجود في المنطقة، من أجل تهجير السكان من مناطقهم وبالفعل ذهبت أعداد للحدود التركية ولكنها عادت بسبب نيران مدفعية الجندرمة التركية، وهي خطوة نحو احتلال ما تبقى من الشمال السوري على غرار ما حدث في رأس العين (سري كانيه) وتل أبيض (كري سبي) وعفرين.
وأضاف رئيس منظمة حقوق الإنسان في عفرين، أنه يجب محاسبة تركيا على عمليات قصف البنية التحتية لأنها تعتبر جرائم حرب بحسب نظام روما الأساسي، سواء كانت الهجمات القادمة من الداخل التركي أو من أماكن المعارضة وفصائل الجيش الحر الموالية لتركيا بحكم التبعية وأن هناك والي تركي الذي يحكم المناطق التي تنطلق منها تلك الهجمات، ورأينا في الهجوم الأخير الدرونات تنطلق من الحدود التركية السورية.
وأوضح شيخو، أن ما يعيق عملية المساءلة هي الحصانة الممنوحة لوزير الدفاع ورئيس الأركان التركي والرئيس التركي رجب طيب أردوغان، وجود تركيا في حلف الناتو، ولكن ما يمكن فعله هو مساءلة قيادات الفصائل أو قيادات الجيش الحر، يمكن أن يقدم عبر الدول ذات الولاية القضائية العالمية مثل ألمانيا وهولندا ويجب أن يكون موجود طرف تابع للضحية أو الضحية نفسه.
وسبق أن قام طبيب كردي برفع دعوى قضائية ضد أردوغان ولكن رفضت الدعوى لأن أردوغان لديه حصانة دبلوماسية، وجود علاقات تربط كل من تركيا وألمانيا واحتياج برلين لأنقرة في مشروعات الطاقة، كما انه تربط بين الدولتان علاقات تاريخية منذ الدولة العثمانية وخاصة قطار الشرق الذي كان يربط بين دول الشرق الأوسط وتركيا بإشراف الماني.
بينما كشف دكتور مختار الغباشي، نائب رئيس المركز العربي للدراسات السياسية والاستراتيجية، أن هذه الجرائم تنتهك القانون الدولي والشرائع الدولية، ولكن المشكلة أن هناك دول لا تلتزم بالقانون الدولي مثل إسرائيل التي تنتهك قواعد القانون الدولي في غزة ومحصنة بحق النقض الفيتو وتركيا بسبب تجاذبات القوى الدولية ما بين الولايات المتحدة وروسيا والصين، فهي محط جذب من الطرفين لأن روسيا والصين يخطبون ودها وواشنطن لا تريد اغضابها، والضحية عادة تكون الدول الصغيرة وأصحاب الحقوق التاريخية مثل الشعب الكردي.
وأكد الغباشي في تصريح خاص لوكالة فرات، أن هذا الوضع يتيح لتركيا أن تنتهك القانون الدولي دون وجود من يسألها عما تفعله، وهذا رأيناه في إقليم شمال وشرق سوريا.
وأضاف نائب رئيس المركز العربي للدراسات السياسية والاستراتيجية، أن التجاذبات الدولية أتاحت لتركيا في الهجمات الأخيرة أن تهاجم البنية التحتية في شمال وشرق سوريا وليس مقرات حزب العمال الكردستاني أو مقرات قوات سوريا الديمقراطية كما كان يحدث في السابق، وهو وضع مستجد وكان الدافع له هو صراع غزة الذي خطف الأضواء من العديد من الصراعات في العالم والتجاذبات الدولية لأن كل من القطبين الكبار سواء في واشنطن أو موسكو في وضع لا يسمح لهما أن تبتعد تركيا عنهما، كما أن تركيا وإيران وروسيا هم الثلاثة أطراف الأكثر تحكما في الملف السوري.
وبيّن الغباشي أن تركيا تتحجج بالعملية النوعية التي نفذها حزب العمال الكردستاني في المقر الأمني في أنقرة وأعلن عن مسؤوليته عنها، فقامت بتلك الضربات واستهداف البنية التحتية، مشبها ما تقوم به تركيا بما تقوم به إسرائيل.
وأردف نائب رئيس المركز العربي للدراسات السياسية والاستراتيجية، أن المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان ومحكمة العدل الدولية لها الحق في محاكمة أردوغان على جرائم الحرب في شمال وشرق سوريا، ورأينا الشكوى التي قدمتها جنوب أفريقيا ضد إسرائيل تتهمها بجريمة الإبادة الجماعية، والمحكمة قبلت الشكوى، مبينا أن الوضع بالنسبة لتركيا يتطلب المزيد من التوثيق لهذه الجرائم بشكل كبير وبشكل تفصيلي، وتبدأ توثيق هذه الأفلام وهذه الفيديوهات من أجل تقديم شكاوي في المحاكم الدولية، وتبدأ تسويقها في المنظمات المعنية بحقوق الإنسان.