وتمر اليوم 100 عام على معاهدة لوزان التي وقعت من قبل الدول المنتصرة في الحرب العالمية الأولى مع مصطفى كمال أتاتورك والتي أجهضت تماماً حلم الكرد في إقامة دولة لهم أو إقليم ذاتي الحكم كانت تنص عليه اتفاقية سيفر المبرمة عام 1920، وهي المعاهدة ذاتها التي ينظر إليها باعتبارها قد مهدت الطريق أمام كل أشكال القمع والتنكيل بحقهم.
مصالح المنتصرين
وقال "مسلم" إن اتفاقية لوزان بها عديد من الجوانب، لكن الأبرز فيها الجانب المتعلق بقوى الهيمنة العالمية التي وضعت مخططاً تقسيم الرجل المريض في اتفاقية سايكس – بيكو عام 1916 والتي بموجبها تدخلت إنكلترا وفرنسا وبعض الدول الأخرى لتقسيم الرجل الميت أي الدولة العثمانية، ثم جاءت اتفاقية استسلام الإمراطورية في عام 1918 وهي اتفاقية مدراس، فخضعت تماماً واستسلمت للحلفاء، والحلفاء بدأوا منذ ذلك الوقت في عقد اجتماعات وتبادل آراء واتفاقات تتماشى مع مصالحهم بين 1919 و1920 و1921، وبموجب ذلك تقاسموا المنطقة.
وإضاف أنه لا نستطيع القول إن تلك القوى لم تكن تدرك وجود الشعب الكردي وغيره من شعوب المنطقة، فتلك القوى الدولية تعرف الكرد والأرمن والسريان والإبادات التي ارتكبتها الدولة التركية، ثم جاءت ثورة أكتوبر في روسيا عام 1917 والتي بها انسحبت روسيا من سايكس – بيكو، وعلى ضوء هذا الوقع رأوا دولة تركية مستسلمة لديهم ولأرائهم، وهكذا تقاسموها بينهم.
ولفت مسلم إلى أن الأهم في الأمر هو مؤتمر القاهرة الذي عقد عام 1921 لجميع المندوبين البريطانيين في المنطقة بقيادة تشيرشل الذي رسم سياسة إنجلترا في المنطقة فقد كانت بريطانيا الدولة الأعظم في الشرق الأوسط في هذا الوقت، وبناء على ذلك حددت سياساتها وكانت تتعامل مع فرنسا وتركيا وغيرها، ولهذا كانوا يدركون الواقع الكردي وكان يعلمون أن هناك شعب كردي، لكن الحلفاء قسموا المنطقة على حسب ما يحقق مصالحهم، ومصالحهم تطلبت خلق دول قوموية خاضعة لها ولأوامرها ومصالحها فقسموا كردستان بين 4 دول قومية، وهذا ما يخص الدول التي وقعت اتفاقية لوزان.
الطرف الكردي
أما بالنسبة للطرف الآخر في هذه المسألة وهو الطرف الكردي، فلم يكن هناك أحد من الأطراف يراهن على الكرد، لأن الشعب الكردي لم يكن موحداً آن ذاك ولكم يكن لديه من يمثله في هذه المحادثات، ولم يجدوا أن مصالحهم تتحقق من خلال شعب مشتت لديه آراء مختلفة.
وأوضح "مسلم" أن بعض الكرد كانوا يقفون إلى جانب مصطفى كمال أتاتورك بسبب مواقفه من مسألة الخلافة، وبعض الكرد كانوا يرون الإنجليز والفرنسيين كفار يجب محاربتهم، والبعض الآخر الذين كانوا أكثر تفتحا استطاعت الدولة العثمانية تشتيتهم مثل آل بدرخان في جميع أصقاع الأرض ونفيهم من كردستان، ولهذا لم تكن هناك قوى كردية موحدة ولا قوى طليعية تمثل الكرد.
وقال "مسلم" إنه لهذا كل الأطراف لم تجد مصلحتها في الشعب الكردي في هذه المنطقة ولم يراهنوا عليه، ولذلك تركوا العنان للدولة التركية، وليس الدولة التركية فقط، بل كل الدول التي تتقاسم كردستان، فأطلقوا العنان لها لتفعل ما تشاء، ووضعوا القوانين الدولية التي تمنع التدخل في شوؤن الدول الأخرى، وما إلى ذلك، وهذه هي حقيقة لوزان كما رأيناها.
وضع الكرد اليوم
أما بالنسبة لوضع الكرد اليوم، يقول الرئيس المشترك لحزب الاتحاد الديمقراطي إن اليوم نحن أمام شيء آخر، فهناك شعب كردي منظم له طليعته، والقوى الكردية تجتمع في لوزان وترى أن اتفاقية لوزان خطأ تاريخي كبير بحق الكرد حتى لو بعد 100 عام، ورأينا كيف تجمعت كل القوى الكردية في لوزان، وأصدروا بياناً برفض هذه المعاهدة.
وأضاف "مسلم" أن الشعب الكردي بعد 100 عام من لوزان أصبح منظماً ولديه طليعته وقواه على الساحة الدولية وفي الشرق الأوسط، أي أنه دخل للمعادلة الدولية، وأعتقد أن وحدة الصف الكردي وبالتعاون مع الشعوب الأخرى من خلال طروحات الأمة الديمقراطية يستطيع مواكبة العصر ويلعب دوراً طليعياً في تأسيس الديمقراطية بالشرق الأوسط وفي كردستان بالطبع، مع وصول الشعب الكردي إلى حقوقه الطبيعية والإنسانية، وهذا هو عملنا الذي نعمل عليه.