مرت على معاهدة لوزان 100 عام، وهي الاتفاقية التي أبرمت بين الدول المنتصرة في الحرب العالمية الأولى مع مصطفى كمال أتاتورك وأتت على حساب الشعب الكردي، وتم خلالها التنصل مما اتفق عليه في اتفاقية سيفر عام 1920 بشأن إقامة دولة أو كيان ذاتي الحكم للشعوب الكردية في المنطقة.
ظلم مرير ومأساوي للكرد
وأضافت الرئيسة المشتركة للمؤتمر الوطني الكردستاني أنه على أساس هذه الاتفاقات والمعاهدات تم تأسيس أو التحضير لتأسيس دول جديدة على أطلال الإمبراطوريات المنهارة التي خرجت من الحرب العالمية الأولى، وقد أفضت تلك المعاهدة إلى ظلم تاريخي مأساوي ومرير بحق الكرد، لأنها محت معاهدة سيفر التي وقعت عام 1920 والتي كانت تتضمن فقرات يتعهد الموقعون عليها بأن يكون للكرد حق في تقرير المصير وإنشاء دولة، وليس الكرد فحسب بل كذلك للأرمن.
وقالت إن اتفاقية سيفر شكلت ضربة ساحقة وقاتلة للدولة التركية، وقامت على إثرها بعقد عدد من الاتفاقيات والاجتماعات والمفاوضات مع الدول الكبيرة مثل بريطانيا لإجهاض اتفاقية سيفر وإحلال معاهدة لوزان مكانها.
وأوضحت أن كردستان على إثر معاهدة لوزان تم تقسيمها إلى 4 أجزاء بين دول العراق وسوريا وتركيا وإيران، بعد أن كانت مقسمة إلى قسمين بين العثمانيين والصفويين وفق معاهدة قصر شيرين في عام 1639، ولكن على أي حال وبالعودة إلى معاهدة لوزان فمنذ توقيعها أطلقت سلسلة من الأحداث المأساوية والمروعة بشدة في حياة ملايين الكرد على مدى عقود طويلة، حيث مورست سياسات قمعية ضدهم منها القتل والتهجير والإبادة الجماعية وطمس الهوية الكردية.
وأضافت أن ذلك يأتي إلى جانب سياسات التغيير الديمغرافي من خلال تتريك أو تفريس أو تعريب المناطق الكردية، كما تم حظر ثقافة ولغة الكرد وتم سرقة أموالهم ومواردهم الاقتصادية، وسياسياً تم تجاهلهم وإنكارهم، وهذه السياسات القمعية التي مورست من قبل الدول السلطوية التي تأسست بعد الحرب العالمية الأولى على أساس ما نستطيع تسميته بالدولة القومية، وهذه الدول تأسست على أساس القومية الواحدة والسياسة الواحدة وإنكار كافة القوميات والمكونات الأخرى الموجودة في هذه الدول كالعراق وسوريا وإيران وتركيا.
لوزان تحول تركيا إلى شرطي المنطقة
وبالحديث عن تركيا باعتبارها الطرف الأصيل في معاهدة لوزان، تقول زينب مراد إن تركيا الحديثة أو الوريثة للإمبراطورية العثمانية لعبت دوراً مهماً بالنسبة للنظام العالمي الذي تشكل أو تأسس بعد الحرب العالمية الأولى، حيث أوكل هذا النظام مهمة الشرطي أو المراقب لهذه المنطقة على أساسها عملت الدولة التركية على خلق الاضطرابات والفوضى لكي تسهل على الدول المهيمنة أن تنجح في تزعم النظام العالمي وتحقيق أهدافها وخططها على حساب الشعوب سواء الشعب الكردي أو العربي أو الشعوب الأخرى في المنطقة.
وأضافت أن معاهدة لوزان فتحت الباب على مصراعيه أمام هذه الدول، وخاصة الدول التركية لارتكاب مجازر ضد الشعب الكردي، وهذه المجازر استمرت على مدى عقود طويلة ومستمرة حتى الآن، وتركيا التي انتهجت الحرب على جميع مناطق كردستان أحرقت ودمرت مدناً وقرى كردية في شمال كردستان ارتكتب مجازر وطمست الهوية الثقافية واللغة الكردية والتغيير الديمغرافي، ولم تتوقف هذه السياسة على شمال كردستان فقط، بل مورست كذلك في المناطق الأخرى من كردستان سواء في سوريا أو العراق أو إيران.
وقالت إن سياسة الإقصاء والقتل والإبادة التي ارتكبتها للدولة التركية، مشابهة لما فعل تنظيم "داعش" الإرهابي في منطقة روجافا، وإن كان الكل يعلم أن داعش كان مدعوماً من تركيا أيضاً، وما تشنه أنقرة من حملات وعمليات توسعية في جنوب كردستان بهدف احتلال أراضي، وعلى أرض الواقع نفذت هجمات عديدة، والآن تسيطر على مناطق واسعة من الأراضي الكردية في شمال العراق بالمنطقة الحدودية.
وذكرت أن تركيا من خلال تلك الهجمات تريد أن تستعيد حلمها التاريخي كإمبراطورية عثمانية والعودة إلى ما قبل الحرب العالمية الأولى، فالخطط والمؤامرات التي تمخضت عن اتفاقية لوزان والتي حيكت ضد الكرد لا تزال مستمرة، ولعل ما يحدث إضافة إلى ما ذكرناه في أجزاء كردستان الأربعة وخاصة في شمال كردستان وبالأخص ما يحدث في جزيرة إمرالي بفرض الحصار المطبق على القائد عبدالله أوجلان هو جزء أو امتداد لمؤامرات حيكت على إثر اتفاقية لوزان.
مكاسب رغم القمع
وقالت زينب مراد إنه على الرغم من كل سياسات القمع والإنكار، فإن الشعب الكردي على مدار 100 عام لم يقف ساكناً، وقد مرت الثورات والانتفاضات في مناطق مختلفة واستمر الكرد في النضال من أجل قضيتهم سواء في الدول الأربعة أو في المهجر، واستطاعوا أن يحافظوا على هويتهم وقيمهم وثقافتهم رغم كل هذا القمع، واستطاع الشعب الكردي تحقيق مكاسب كثيرة على أرض الواقع في بعض من أجزاء كردستان، رغم كما ذكرت كل القمع والسياسات القمعية التي تركتب بحقهم.
وأشارت زينب مراد أنه على سبيل المثال ما يوجد الآن من نظام فيدرالي في جنوب كردستان هو مكتسب جاء على إثر نضالات طويلة، وما نراه اليوم في غرب كردستان في ورجافا من إدارة ديمقراطية تعتبر نموذج للديمقراطية في المنطقة أو حل الصراعات التي تعاني منها منطقة الشرق الأوسط، أيضاً هذا مكتسب كبير للشعب الكردي الذي أثبت اليوم للعالم أجمع أنه عامل استقرار في المنطقة، بعكس ما روجت له أنظمة الدول الاستعمارية مثل تركيا والعراق وسوريا.
وقالت إن للكرد دور كبير في الأمن والاستقرار، وكان لهم دور كبير في مواجهة الإرهاب في غرب كردستان والحرب ضد تنظيم "داعش" الإرهابي، إضافة إلى أنه من خلال الإدارة الذاتية عمل الشعب الكردي على تطبيق النظام الديمقراطي الذي يؤكد على التعددية والتعايش السلمي والمشترك بين الشعوب، وكل هذه تعتبر مكتسبات حققها الشعب الكردي على الرغم من كل هذه السياسات القمعية ضدهم.