ولطالما نظر كثيرون إلى أن الانتخابات تشكل بداية نحو مرحلة انتقالية يمكن أن تسهم في إنهاء الانقسام السياسي الذي يضرب البلاد بين الشرق والغرب منذ الإطاحة بنظام العقيد الليبي معمر القذافي عام 2011، وما ارتبط بذلك من صراع مسلح كلف الشعب الليبي كثيراً على كافة الأصعدة والمستويات.
قبل وبعد كارثة درنة
في هذا السياق، يقول الدكتور محمد الأسمر مدير مركز الأمة الليبي للدراسات الاستراتيجية، في اتصال هاتفي لوكالة فرات للأنباء (ANF)، إن مسألة الانتخابات وإجرائها لا يتعلق بكارثة درنة، فإذا عدنا إلى التواريخ التي سبقت الكارثة وعلى سبيل المثال لجنة (6+6) كانت أحالت مخرجاتها إلى مجلس النواب بشأن الانتخابات، والأخير أقر بأن تلك الرؤية غير مكتملة، وبالتالي الانتخابات معطلة حتى من قبل ما جرى في الشرق الليبي جراء العاصفة.
وأضاف "الأسمر" أن هناك وجهة نظر ترى أن الكارثة في درنة قد تعجل بإجراء الانتخابات، لكن هذا ليس حقيقياً، بل بالعكس اليوم وبعد الدمار الذي أحل بدرنة ومدن الشرق الليبي فإنه ملف الانتخابات لن يتحرك من موقعه، حتى البعثة الأممية لن تحرك ساكناً في هذا الملف.
ولفت مدير مركز الأمة الليبي إلى أن ما حدث هو أن هناك عبء إضافي وشديد وضع على كاهل الشعب الليبي فيما يتعلق بالمساعدات التي لا تصل بالشكل المطلوب وعملية إعادة الإعمار التي لا تزال مبهمة غير واضحة المعالم، موضحاً أن مجلس النواب أقر ميزانية لإعادة الإعمار قدرها 2 مليار دولار وحكومة الوحدة الوطنية لا تملك هذه الأرقام التي يمكن توجيها لتلك العملية.
وفي ختام تصريحاته، قال "الأسمر" إن ما حدث في درنة لم يقدم أو يؤخر فيما يتعلق بمسألة إجراء الانتخابات، فهي معطلة قبل الكارثة وستظل هكذا، بل ربما تأتي الأحداث في درنة كعقبة إضافية أمام إجراء الانتخابات.
هناك من لا يريد الانتخابات
بدوره، يرى الكاتب الصحفي عبدالستار حتيتة المتخصص في الملف الليبي، في اتصال هاتفي لوكالة فرات للأنباء (ANF)، أن معظم القيادات السياسية والأمنية الموجودة على الساحة في ليبيا ستحاول بطريقة أو بأخرى أن تستفيد من كارثة درنة لإطالة أمد الأزمة وعدم الدخول في عملية انتخابية، لأن العملية الانتخابية سوف تطيح بمعظم الأجسام السياسية الموجودة على الساحة في الوقت الراهن، معتبراً أنه لهذا يتم استغلال كارثة درنة الإنسانية استغلالاً سياسياً.
وأوضح أن الأجسام السياسية التي يمكن أن يطاح يها تتمثل في مجلس النواب ومجلس الدولة، والحكومة المنبثقة عن مجلس النواب التي يقودها أسامة حماد وحكومة عبدالحميد الدبيبة في العاصمة طرابلس، كل هؤلاء سينتهون لو أجريت انتخابات، لأنه الأكيد أنها ستأتي بوجوه جديدة في معظمها.
وأضاف "حتيتة" أن النواب الجدد سيختارون حكومة جديدة موحدة، ما يعني تغير الوضع السياسي في البلاد بشكل كامل، كما أنه قد يكون هناك محاسبة للأجسام الحالية، ولهذا فإن الأجسام السياسية الموجودة على الساحة الليبية لا تريد الوصول إلى مرحلة الانتخابات، وستناور من أجل إيجاد فرصة لإبعاد مسألة الذهاب للانتخابات التي باتت مثل الشبح بالنسبة لهم، في الوقت الذي باتت فيه البعثة الأممية منشغلة في كارثة درنة وما خلفته العاصفة دانيال.
وتسببت الفيضانات في جرف ثلث مدينة درنة، كما حصدت أكثر من 10 آلاف روح، وعقب تصاعد الأصوات الغاضبة المطالبة بالتحقيق وتحديد المسؤولين عن الكارثة، أعلنت النيابة العامة في البلاد توقيف 8 مسؤولين بينهم عميد بلدية درنة.
وأوضح مكتب النائب العام، الصديق الصور في بيان نشر يوم الإثنين أنه تقرر حبس 8 مسؤولين، بينهم عميد بلدية درنة عبد المنعم الغيثي، احتياطياً لانحرافه عن موجبات ولاية إدارة الأموال المخصصة لإعادة إعمار المدينة وتنميتها، كما طال التوقيف كلا من رئيس هيئة الموارد المائية السابق وخلفه ومدير إدارة السدود وسلفه ورئيس قسم السدود بالمنطقة الشرقية ورئيس مكتب الموارد المائية في درنة احتياطيًا.