وبحسب شركة "ديلويت" المتخصصة في مجال التدقيق المالي، فقد أنفقت أندية السعودية خلال موسم انتقالات اللاعبين في الصيف فقط 975 مليون دولار كحصيلة قياسية، إذ جاء الدوري السعودي خلف نظيره الإنجليزي في المرتبة الثانية الذي أنفق 1.39 مليار دولار، حيث استقطب 94 لاعباً أجنبياً بينهم قرابة 40 قدموا من الدوريات الكبرى مثل إنجلترا وإيطاليا وإسبانيا وألمانيا.
أبعاد استراتيجية
يقول عماد المديفر الكاتب السعودي، في اتصال هاتفي لوكالة فرات للأنباء، إنه مما لا شك فيه أن لهذه الصفقات أبعاداً استراتيجية مدروسة ومتنوعة، لا تقتصر فقط على الشقين الرياضي أو حتى الاقتصادي، لكن لا شك بأننا اليوم وفي ظل رؤية المملكة 2030، فإن لغة الأرقام ولغة الاستثمار هي من تتحدث.
وأوضح أنه من ذلك على سبيل المثال لا الحصر تعظيم قيمة الأندية السعودية كمشاريع استثمارية بنجوم ومدربين عالميين يساهمون في رفع نسب المشاهدة والحضور الجماهيري وزيادة قيمة وعدد الرعاة، وارتفاع مبيعات السلع التجارية الخاصة بالأندية والدوري وتحقيق اتفاقات وصفقات عالمية كبيرة جداً، ليس أقلها حقوق بث مباريات الدوري السعودي.
ويرى "المديفر" أن هذا التوجه الذي وصفه بالطموح للمملكة في الاستثمار في مجال كرة القدم، مطابقاً تماماً لتوجه قطاعي السياحة والترفيه الذي يرغب في تكوين قطاع خدمي كبير ومؤثر وفعَّال، ليكون جزءاً حيوياً من الاقتصاد الوطني ككل بحسب رؤية 2030 بطبيعة الحال، والتي يقف خلفها مهندس الرؤية، الملهم ولي العهد رئيس مجلس الوزراء الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز، على حد تعبيره.
ويقول الكاتب السعودي إنه اليوم ينظر للدوري السعودي باعتباره ماكينة اقتصادية مطلوب أن يكون في قائمة أكبر عشرة دوريات حول العالم، وهو بطبيعة الحال سيدخل في منافسات هائلة مع الدوريات الكبرى المعروفة مثل الإنجليزي، والإسباني، والإيطالي، والألماني، والفرنسي، والهولندي، والبرتغالي وطبعا هناك الأمريكي والياباني والكوري الجنوبي أيضاً.
توجه كبير خلف الصفقات
وأكد "المديفر" على ضرورة وأهمية فهم التوجه الكبير خلف الصفقات والتعاقدات مع لاعبين كبار في عالم الكرة المستديرة في الدوري السعودي لمعرفة المشروع الأكبر، ومن ثم استيعابه ضمن مفهوم اقتصادي ومالي واستثماري، إذ أن الدوري السعودي سيكون مثيراً في موسمه الحالي والمواسم القادمة، ليس بسبب وجود أسماء عالمية جاذبة ومهمة، ولكن بسبب وجود عقلية جديدة وفكر مختلف وخطة طموحة ومنهجية جريئة، وهذه إثارة ستترجم في نشوة الانتصارات وتحقيق العوائد.
ويقول أيضاً إن السعودية تسعى من خلال هذا المشروع إلى تحقيق قفزات نوعية في مختلف الرياضات بحلول عام 2030، لصناعة جيل متميز رياضياً على الصعيدين الإقليمي والعالمي، وهو ما يُمثل استثماراً طويل الأجل، يحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على نتائجه من الناحية الرياضية.
وأشار أنه على مستوى الإيرادات، تستهدف السعودية زيادة إيرادات رابطة الدوري السعودي للمحترفين من الرعايات التجارية من 450 مليون ريال إلى أكثر من 1.8 مليار ريال سنوياً، وقد ارتفعت عوائد الأندية السعودية، من الرعاية، بالفعل، من 88 مليون ريال في عام 2019 إلى 728 مليون ريال في موسم 2023، وهو ما يوضح حجم التطور الكبير في هذا القطاع.
مخاوف من تكرار سيناريو الصين وأمريكا
وتؤكد كثير من التقارير الغربية أن الأمر برمته نابع من توجهات لدى ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان الذي يريد صناعة صورة جديدة عن المملكة ليس أمام الشعب السعودي فقط ولا حتى العالم العربي بل أمام الغرب، ومحاولة تجاوز قطر والإمارات اللتين سبقتاه في مثل هذه الأمور.
بدوره، يقول الكابتن إبراهيم هلهول المدرب بالاتحاد الإنجليزي لكرة القدم، في تصريح لوكالة فرات للأنباء، إن تجربة السعودية جديدة على الشرق الأوسط، وأخشى أن تتبخر بعد عام أو عامين مثل التجربتين الصينية والأمريكية، وقد تكون تجربة اقتصادية، فاليوم ترى عديداً من القنوات التي تنقل المباريات والتي له عوائد لصناعة الكرة في المملكة.
وأضاف أن المملكة كان لديها موازنة كبيرة جداً بهدف استقطاب أسماء ذات ثقل كروياً تشكل إضافة للدوري السعودي الغرض منها أن نكون أمام دوري سعودي كبير، مع الأخذ في الاعتبار أن كرة القدم أخدت مناح استثمارية وعوائد سواء من بث المباريات ونقلها والرعاة، لكن أخشى فشل التجربة بسبب اختلاف الأجواء التي يلعب فيها هؤلاء النجوم.
ويرى "هلهول" أن مثل هذه التجربة ستفتح الباب أمام كثير من المجالات لا سيما فرص العمل، وتساعد في التعرف على الأجواء في المملكة والفنادق التي لديها، معرباً عن تمنياته باستمرار تلك التجربة بأن يرى العرب والعالم دورياً قوياً في المملكة العربية السعودية.