وكانت الصحراء الغربية مستعمرة إسبانية سابقاً وتسيطر المغرب حالياً على 80% من مساحتها، فيما تقترح المغرب أن تمنحها حكماً ذاتياً تحت العلم المغربي، إلا أن الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب "البوليساريو" تدعو إلى إجراء استفتاء بشأن تقرير المصير وهو ما تدعمه الجزائر، ما تسبب في خلافات كبيرة بين الدولتين وصلت إلى قطع العلاقات الدبلوماسية.
اصطياد إسرائيلي في الماء العكر
في هذا السياق، يقول الدكتور أيمن الرقب القيادي بحركة فتح وأستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس إن قرار إسرائيل الاعتراف بالسيادة المغربية على الصحراء الغربية هو نتاج طبيعي لما وصل إليه تطبيع العلاقات بين تل أبيب والرباط، من ذلك إبرام الأخيرة اتفاق للدفاع المشترك، معرباً عن اعتقاده بأن هذا الاتفاق المقصود منه مواجهة ومناكفة الجزائر.
وأوضح "الرقب"، في تصريحات لوكالة فرات للأنباء، أن الاعتراف الإسرائيلي بالسيادة المغربية على الصحراء الغربية نوع من الاصطياد في الماء العكر، ويأتي نكاية في الجزائر التي لا تزال تتمسك برفض التطبيع مع إسرائيل وفي نفس الوقت لا تعترف بسيادة المغرب على الصحراء الغربية وهناك خلافات كبيرة إثر ذلك بين الرباط والجزائر.
ويرى الدكتور أيمن الرقب أن اتفاقية الدفاع المشترك بين إسرائيل والمغرب كانت تتطلب أن يكون هناك موقفاً عربياً رافضاً لها، لأنه بهذه الطريقة إن حدثت مثلاً مواجهة بين المغرب والجزائر فإن تل أبيب ستتدخل عسكرياً لحماية المغرب وهي سابقة ستحدث لأول مرة في تاريخ الدول العربية.
اعتراض جزائري
وأعلنت الجزائر بشكل قاطع رفضها القرار الإسرائيلي مؤكدة أنه يأتي كخرق واضح للقانون الدولي وقرارات مجلس الأمن الدولي ولوائح الجمعية العامة للأمم المتحدة المتعلقة بقضية الصحراء الغربية، وشددت على أن القرار لا قيمة له، بل وشبهت موقف المغرب تجاه الصحراء بأنه كاحتلال إسرائيل لفلسطين وتواطؤ بين محتلين.
بدوره، يقول أحمد بوداوود الكاتب الصحفي الجزائري، لوكالة فرات للأنباء، إن إسرائيل كانت تساوم بتلك الخطوة مع المغرب منذ أكثر من سنة بهدف جر الرباط إلى مرحلة يمكن القول عليها إنها مرحلة ما بعد التطبيع، وبالتالي فإن هذا القرار لم يكن غريباً بالنسبة للجزائر حتى لو كان خرقاً للقانون الدولي وقد اعتادت إسرائيل على هذا الأمر.
وأضاف "بوداوود" أن هذا الاعتراف أياً كان لن يغير شيء ولن يضيف جديد بالنسبة للمغرب طالما أن الأمر في الصحراء الغربية متعلقاً بالقانون الدولي وما تدعو له الأمم المتحدة، وهو فقط يأتي في إطار تعميق التطبيع بين تل أبيب والرباط، متهماً المغرب بأنها أصبحت الدولة العربية الوحيدة التي قطعت شوطاً كبيراً في التطبيع رغم أنه لم يكن لديها أي محددات جغرافية تفرض عليها التطبيع.
وقال الكاتب الصحفي الجزائري إن إسرائيل قد تفتح قنصلية لها في الصحراء الغربية، لكن هذا سيدخل المغرب في حسابات ضيقة، لأن إسرائيل لا تعط شيء إلا وتفكر أن تأخذ بدلاً منه ألف شيء، وقد يكون ذلك على أقل تقدير على حساب القومية العربية، مضيفاً أن هذه صفقة ستأخذ منها إسرائيل كثيراً سياسياً واقتصادياً وثقافياً.
واعتبر "بوداوود"، في ختام تصريحاته، أن المغرب فتحت الأبواب لصراع أوسع، كونها أول دولة عربية تستعين في صراعها ضد دولة عربية أخرى بالكيان الإسرائيلي، وهذا بالتأكيد ستكون له تداعيات مستقبلاً، والدول العربية حتى لو اختلفت فيما بينها لا تزال لديها القناعة بأن إسرائيل هي العدو الأول، وهذا أمر قد يعرض الرباط لعزلة عربية، على حد تعبيره.
وترتبط المغرب بعلاقات تاريحية مع إسرائيل سواء في العلن أو في السر، ولا تعتبر الرباط علاقتها مع إسرائيل ضمن اتفاقات التطبيع أو ما يعرف بـ"اتفاقات السلام الإبراهيمي" التي عقدت قبل أكثر من 3 أعوام مع دول خليجية، بل ترى أن ما حدث هو عودة للعلاقات التي قطعت بين البلدين عام 2000 في أعقاب أحداث الانتفاضة الفلسطينية.