وقد أتت الضربات الروسية التي استهدفت مخازن أوديسا بعد ساعات من مقترح تقدم به الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي يدعو الأمم المتحدة وتركيا لأن يتم تصدير الحبوب بعيداً عن موسكو تحت إشراف أممي، وهو الاتفاق الذي علق الجانب الروسي مشاركته فيه ومن ثم حال دون تمديده.
تعطيل تصدير الحبوب
في هذا السياق، يقول الدكتور عماد أبو الرب عضو مجلس القوميات التابعة لرئاسة الوزراء الأوكرانية إنه بشكل عام روسيا تحاول تعطيل اتفاقية الحبوب لفرض مطالبها أو الاستجابة لما تريده ومن ذلك تسهيل بيع محاصيل الحبوب والأسمدة الروسية، لكنها تريد كذلك فتح نظام سويفت للتعاملات البنكية مع "موسكو"، ولا أعتقد أنه سيكون هناك توافق دولي حول ذلك.
وأضاف، في تصريحات لوكالة فرات للأنباء، أن هذا التعطيل الروسي لاتفاق تصدير الحبوب سيكون مؤقتاً، لأنه ليس من مصلحة موسكو استمرار تعطيل هذه الاتفاقية وقد تعرض نفسها لعقوبات أو حزمة جديدة من العقوبات على نحو يعقد المشهد لديها بشكل أكبر.
وقال "أبو الرب" إن أوكرانيا في المقابل بحثت عن نطاقات أخرى للتصدير بعد تعطيل "موسكو" العمل باتفاق تصدير الحبوب، وذلك من خلال الدول الأوروبية سواء عبر شاحنات أو القطارات عن طريق رومانيا، أو من خلال تأكيد طلب الرئيس الأوكراني اليوم من نظيره التركي أن يكون هناك استمرار لتلك الاتفاقية تحت إشراف الأمم المتحدة بدون روسيا، أي أنه لو ألغيت هذه الاتفاقية تستمر عملية تسيير بواخر الحبوب إلى العالم.
وقال السياسي الأوكراني إنه بعد هذا الطلب أو المقترح من قبل الرئيس الأوكراني أن تستمر الاتفاقية دون موسكو، تفاجيء الجميع باستهداف روسيا الموانيء الأوكرانية، والضربات كانت شديدة في 3 مناطق، في أوديسا وبعضها مرتبط بمخازن الحبوب التي تتواجد بصفة أساسية في ميناء أوديسا وبعض هذه المستودعات للأسف تعرض لإصابات.
ولفت إلى أن الضربات طالت كذلك مدينة ميكولايف وهي أيضاً قريبة من مدينة أوديسا وهي على مشارف شواطيء البحر الأسود وميناء من الموانيء الأوكرانية، وبالتالي يتضح أن روسيا تحاول الضغط من خلال استهداف الموانيء الروسية الواحد تلو الآخر.
وفي ختام تصريحاته، لوكالة فرات للأنباء، يقول الدكتور عماد أبو الرب إن المشهد حالياً معقد للأسف وخصوصاً في ظل عدم وجود مسار مواز للمسار العسكري أي المسار التفاوضي والدبلوماسي وهو معطل لأسباب متعددة، وبالتالي نأمل أن يكون هناك حراك جديد ووساطات جديدة من أجل إحداث مقاربة بين الجانبين الروسي والأوكراني يحفظ السلم والأمن الدوليين.
هجوم جسر القرم
إلا أنه في المقابل، أعلنت روسيا أن الضربات التي استهدفت أوديسا طالت مواقع استخدمتها كييف للتحضير لهجوم تسبب في تدمير جزئي لجسر القرم الذي يربط البر الروسي بشبه جزيرة القرم التي سيطرت عليها موسكو عام 2014 بينما لا تزال كييف متمسكة بأنها أرض أوكرانية.
وذكرت وزارة الدفاع الروسية أن القوات المسلحة الروسية شنت مجموعة ضربات انتقامية على منشآت تمّ فيها التحضير لأعمال إرهابية ضدّ روسيا باستخدام مسيرات بحرية، مشيرة إلى أن الضربات استهدفت أيضا موقعا لتصنيع هذه المسيرات في حوض لبناء السفن قرب مدينة أوديسا التي يضم موانيء رئيسية يتم تصدير الحبوب من خلالها وفق الاتفاق المعلق.
وإذا استطاعت القوات الروسية حرمان أوكرانيا من موانيء أوديسا ستتحول إلى دولة حبيسة، إذ أنه سبق وسيطرت "موسكو" على جميع شواطيء بحر أزوف المنفذ البحري الآخر للأوكرانيين، والسيطرة على أوديسا تعني حرمان الجانب الأوكراني من سواحل البحر الأسود.