وهاكم ردود عضو الهيئة القيادية لمنظومة المجتمع الكردستاني زبير آيدار على أسئلة وكالة هاوار للأنباء بمناسبة الذكرى السنوية الـ 46 لتأسيس حزب العمال الكردستاني:
مضى على تأسيس حزب العمال الكردستاني 46 عاماً، فما الصورة التي نراها عندما ننظر إليه منذ بداية تأسيسه وحتّى اليوم؟
مرّ 46 عاماً مهماً، ويمكن التمييز بين تاريخ كردستان قبل حزب العمال الكردستاني وبعد تأسيسه، تأسّس حزب العمال الكردستاني قبل 46 عاماً من قبل مجموعة صغيرة جداً، ثمّ نما وتعزّز بالنضال ووصل إلى جميع أنحاء كردستان والعالم أي حيثما وُجد الكرد، إنّه حزب وضع بصمته على صفحات تاريخ كردستان بكفاح عظيم، لذا ليس من السهل القول إنّ هذه السنوات الـ 46 حافلة بالنضالات العظيمة، علينا التنبّه لذلك، أي أنّنا نتحدّث عن 46 عاماً، وليس من السهل مشاركة أو سرد كل ما حصل على مدار كل هذه السنوات، إنّها ملحمة مستمرة منذ 46 عاماً ولم تُكتب أو تُسجّل كاملةً.
ما الذي يعنيه حزب العمال الكردستاني بالنسبة للكرد وشعب كردستان، ما الذي يميّزه؟
كان هناك نضال وتنظيمات ومجموعات وحروب وصراعات قبل تأسيس حزب العمال الكردستاني أيضاً، لكنّ حزب العمال الكردستاني كان أول تنظيم يشمل جميع أنحاء كردستان، قبل حزب العمال الكردستاني أي على مدار القرنين الأخيرين من نضال التحرير الوطني، لم يتجاوز أي تنظيم الحدود المحلية، لقد كان الحزب الديمقراطي الكردستاني الأكثر تقدّماً لكنّها مع ذلك كانت عبارة عن تنظيمات منفصلة، وبالنظر إلى برامجهم يمكن ملاحظة أنّهم ظلّوا في حدود جزء واحد من كردستان، لذا كانت جميع الانتفاضات محليّة أو محدودة ومقتصرة على جزء واحد فقط، لكنّ حزب العمال الكردستاني تخطّى كل ذلك ونظّم نفسه في جميع أنحاء كردستان ووضع مشاريع من أجل كردستان وجمع جميع الكرد تحت مظلّة واحدة، وهذا اختلاف في غاية الأهمية ووضع فاعل يتطلّب جهوداً وتضحيات عظيمة، لقد أصبحت كردستان وحزب العمال الكردستاني كياناً واحداً، وحزب العمال الكردستاني هو من عرّف العالم والرأي العام والجميع بكردستان وجعل الجميع يحترم نضالها، لقد بنى حزب العمال الكردستاني هوية كبيرة، فقبله جعلوا من الهوية الكردية سبباً للشعور بالإهانة والعار، لكن الآن، يمكن القول: "أنا صاحب هذه الهوية" بكل فخر، وهذه إحدى ثمار نضال حزب العمال الكردستاني.
تؤخذ إرادة الكرد بعين الاعتبار وتُناقش على الساحة الدولية أيضاً، فكيف يمكن تقييم دور حزب العمال الكردستاني في التعريف بلغة وثقافة وتاريخ الكرد؟
أدى حزب العمال الكردستاني دوراً حاسماً في إبراز الكرد في العالم، فسابقاً لم يكن الكرد معروفون في العالم، كان القليل فقط يعرفون الكرد، لكنهم لم يكونوا معروفين من قبل الرأي العام، أو أنّ من كانوا يعرفونهم كانوا قد لفّقوا صورة سلبية عنهم، فنظرتهم كانت مبنية على الدعاية المضللة لأعداء الكرد، ولأنّ المجازر التي ارتكبتها الدولة التركية في كردستان وتسبّبت بتشتّت الشعوب الأرمنية والسريانية والآشورية في جميع أنحاء العالم، لم تُقيّم بشكل صحيح، لقد كانوا يظهرون الكرد كشركاء في عمليات الإبادة الجماعية والمجازر، بالتالي خلقت هذه الدعاية المضللة صورة سلبية عن الكرد.
تردّد صدى النموذج الذي وضعه حزب العمال الكردستاني ونضاله في جميع أنحاء العالم، وبرزت المقاومة البطولية التي خاضها حزب العمال الكردستاني والقوات القريبة منه ضدّ هجمات مرتزقة داعش والمجموعات السلفية الراديكالية، ودور المرأة الكردية في هذه المقاومة في العالم أجمع، وإن كانت هناك صورة إيجابية في الخارج اليوم، فهي حتماً إحدى نتاجات حزب العمال الكردستاني، فقد عرّف حزب العمال الكردستاني العالم بكردستان أكثر من خلاله نموذجه، وهذا نتاج مؤسس حزب العمال الكردستاني، القائد عبد الله أوجلان، فالقائد هو من قدّم هذا النموذج وتنظيم المرأة، الشبيبة والشعب، ويحظى حزب العمال الكردستاني في العالم الآن بالإعجاب، إذ يهتم بهذا النموذج وينضم إليه اليوم العديد من الأشخاص من أمريكا اللاتينية، أستراليا، آسيا، أوروبا، أفريقيا والعالم أجمع، وبفضل هذا النموذج اكتسب نضال حزب العمال الكردستاني الطابع الأممي، وهذه إحدى القيم الأكثر قيمة لحزب العمال الكردستاني، إنّه يحظى بأهمية بالغة وتشكّل نقطة تحوّل في تاريخ كردستان.
الحرب في الشرق الأوسط آخذة بالتوسّع ويقال إنّ الخرائط ستتغير، ما الحل الذي يقدمه حزب العمال الكردستاني لحل هذه الأزمات في الشرق الأوسط؟ وما الدور الذي يمكن أن يلعبه؟
إنّ الحل الذي يطرحه حزب العمال الكردستاني لا يقتصر على كردستان فقط، بل يشمل حل أزمة الشرق الأوسط أيضاً، إنّنا إضافةً إلى أنفسنا نقدّم الحلول للشعوب المجاورة والتي نعيش معها أيضاً، وهذا مهم جداً، أي أنّ الأمر ليس من قبيل "أفعل هذا من أجل نفسي وليحترق الآخرون" إنّ حزب العمال الكردستاني يفكّر فيما يجب أن يحدث في الشرق الأوسط منذ فترة طويلة، والقائد عبد الله أوجلان هو أكثر من فكّر في هذا، وقد كانت هناك تقييمات وآراء تفيد بضرورة الاجتماع في إطار حوض دجلة والفرات، وبناء الوحدة في الشرق الأوسط أو بناء نظام الكونفدرالية الديمقراطية في الشرق الأوسط وتطوير منطقتنا، والآن هناك الحرب العالمية الثالثة، وتشهد مناطقنا أحداث كبرى على الصعيدين الديني والعرقي، وأمام هذا، يتبنى حزب العمال الكردستاني الكونفدرالية الديمقراطية والأمة الديمقراطية، إنّ النزعة القومية التي ترفض الآخر من منطلق أنّ "هذا كله لي ولا حقّ لأي أحد فيه" تثير الصراعات، لكن حزب العمال الكردستاني يدعو جميع المعتقدات والأديان والمجموعات العرقية إلى العيش المشترك تحت مظلة الأمة الديمقراطية ودون فصل أحد عن وطنه.
تشهد منطقتنا حرباً ضروسة آخذة بالتوسع، بدأت في فلسطين ثمّ امتدّت إلى سوريا، العراق، اليمن، لبنان وإيران، ومن المحتمل أن تمتد لأماكن أخرى، هذا ليس حلاً، هناك نضال وصراع في فلسطين منذ الحرب العالمية الأولى أي منذ نحو قرن، لكن رغم ذلك لم يتم التوصّل إلى أي حل، يمكن إيجاد الحل في إطار الأمة الديمقراطية والكونفدرالية الديمقراطية وليس بالصراعات، لذا قد تتغير الحدود والخرائط خلال الحرب العالمية الثالثة، والحل الذي يطرحه حزب العمال الكردستاني هو الحياة الديمقراطية المشتركة للشعوب، حينها سيحترم الجميع إرادة بعضهم البعض، إنّ تهميش أحد الأطراف للآخر يخلق الصراعات، لذا فإنّ مقترح الحل الذي يقدمه حزب العمال الكردستاني هو أنسب المقترحات وأكثرها ضرورة في هذه المرحلة.
تعارض دولة الاحتلال التركي مقترح الحل هذا على وجه الخصوص، فما الحل الذي يمكن التوصل إليه مع تركيا؟
الجزء الرئيس لهذا الأمر هو في شمال كردستان وتركيا، لكن الدولة التركية وعلى مدار قرن تتّخذ موقفاً صارماً، تترافق ومحاولات بناء دولة قومية ذات لغة واحدة، أمة واحدة وعقيدة واحدة العديد من الصراعات، لقد كانت هذه الصراعات موجودة قبل تأسيس الدولة التركية واستمرّت بعد تأسيسها، أي أنّهم همّشوا باقي الشعوب وقمعوا الشعوب التي قاومت، أبادت الروم، الأرمن والآشور والسريان، وصهرت باقي الشعوب، لكن الكرد صمدوا وقاوموا، لذا يريدون القضاء عليهم هم أيضاً، ومن الواضح أنّ هذه المحاولات لا تؤدي إلى الحل، لهذا يجري الحديث مجدداً عمّا يجب أن يحصل وما ينبغي ألّا يحصل، إنّ الحل الذي يحدّدونه في الاجتماعات ليس بحل فهو يفاقم الوضع أكثر، نصيحتنا لهم هي؛ لم تنتصروا في الحرب المستمرة منذ 40 عاماً، لم تتمكّنوا من القضاء علينا، إذاً فلنتفاوض، هناك طرق عديدة للقيام بذلك، فلتحترموا إرادة الآخرين وليحترم الآخرون إرادتكم، علينا أن نجتمع في مكان ما، على أرضية مشتركة، هذا هو مقترحنا، ليست هناك حاجة لتعقيد الأمور، فلا يمكن لتركيا الاستفادة من ذلك، فإمّا أن تتقلص تركيا وتخسر أراضيها في هذه المرحلة وإمّا أن تتفاهم مع الكرد وتكبر.
مؤخراً، صدرت عن حزب العدالة والتنمية والحركة القومية بعض التصريحات لفصل حزب العمال الكردستاني عن الشعب الكردي؟
هذا يحصل دائماً وليس الآن فقط، إنهم يقومون بذلك بهدف قمع النضال الكردي، إنّها محاولة لتقسيم الكرد ثمّ قمعهم واضطهادهم، حلفاء تركيا أيضاً قاموا بذلك وليس فقط زعماؤها، كل هذه السياسات للتصفية، على الجميع معرفة هذا جيداً، إن فصلوا بين حزب العمال الكردستاني والشعب الكردي، حينها لن يكون هناك ما يُفتخر به، أي سيكون الشعب الكردي ضعيفاً، لذا إن كان سيتمّ الحديث عن الكردايتية، يجب الحديث عن حزب العمال الكردستاني وقيمه.
يُعتقل قائد حزب العمال الكردستاني منذ 26 عاماً، ولن ينتصر أي نضال لا يشمل وضعه وإطلاق سراحه من السجن، لذا علينا في عامنا الـ 47 تعزيز النضال في سبيل حرية القائد عبد الله أوجلان، فحريته هي حرية الكرد، على الجميع التركيز في هذه المسألة والتفكير بها، يستقبل حزب العمال الكردستاني عامه الـ 47 ويقاوم ويواصل نضاله مع قائده وقواته في جميع أنحاء العالم، هذه القافلة هي قافلة الحرية وستصل إلى وجهتها حتماً.