أسرار الدور التركي في النيجر..هل يبارك الإنقلاب العسكري إنشاء قاعدة عسكرية لها بالبلاد

لا يعلم الكثير من المتابعين للأحداث في النيجر، أن تلك الدولة الغنية بمواردها الطبيعية لا يقتصر العمل فيها على القوى الدولية فقط، ولكنها ترتبط مع تركيا بشبكة من العلاقات وكانت تخطط لإنشاء قاعدة عسكرية قبل الإطاحة بالرئيس محمد بازوم.

كشف سلطان ألبان، الخبير الموريتاني المتخصص في الشئون الأفريقية، أنه إهتمت تركيا بشكل كبير بافريقيا وأطلقت عديد المشاريع في مختلف بلدان القارة، بل تنظر تركيا إلى نفسها كقوة موازية للقوى الدولية المنافسة في القارة الفتية وذلك من خلال سعيها لشراكات تعاون تتجاوب مع الطلبات الافريقية الكثيرة، ويمكن أن نأخذ النيجر كمثال خصوصا في ظل انقلاب 26 من يوليو الماضي.

وأكد ألبان في تصريحات خاصة لوكالة فرات، أنه ترتبط النيجر وتركيا بعلاقات ثنائية قوية،  تبدأ من المجال العسكري،  فنيامى أحد أهم زبائن سوق الأسلحة التركية، في عهد الرئيس المخلوع محمد بزوم، حيث أبرمت صفقة بين الطرفين بموجبها حصلت نيامى على طائرات مسيّرة وطائرات ومدرعات وقبل الإطاحة بالرئيس محمد بزوم كان الطرفان قد وقعا اتفاقية عسكرية.

وأضاف الخبير الموريتاني المتخصص في الشئون الأفريقية، أنه  أدركت تركيا جيدًا أن المجال العسكري هو المفتاح الرئيسي لقلب افريقيا النابض بالتحديات الأمنية، وهذا ما مكّن تركيا من المرور بسرعة إلى أبواب افريقيا المفتوحة على مصراعيها خصوصا أن تركيا وهي طائرة مسيّرة تركية الصنع وجدت نفسها أمام اقبال كبير من دول المنطقة ومن بين الطامحين للحصول على خدمات "بير قدار" جمهورية توغو.

وبين ألبان، أنه  في المجال الاقتصادي والاستثمارات التركية المختلفة فحدّث ولا حرج، فقد وصلت شركات تركية لدرجة الفوز بالصفقات العمومية، ومن بين تلك الصفقات "صفقة تحديث مطار نيامى" الذي كان من نصيب شركة تركية بقيمة 150 مليون يورو بالاضافة لعقد آخر لانشاء فندق في العاصمة بقيمة 50 مليون يورو، ثم عقد لإقامة مقر جديد لوزارة المالية النيجيرية في نيامي.

وأوضح الخبير الموريتاني المتخصص في الشئون الأفريقية، أنه قبل سنوات من الآن أنشأت تركيا مستشفى بقيمة 100 مليون يورو في مدينة مارادي، ثالث أكبر مدينة في البلاد، ومما يفسر جانبا من الحضور التركي الهام في النيجر، أن حوالي 1000 جواز دبلوماسي التي ألغاها قبل أيام المجلس العسكري الحالي، وكان نظام الرئيس المخلوع محمد بازوم قد منحها لمسؤولين ومقربين من نظامه، استفادت منها بعض الشخصيات التركية.

وأردف ألبان، أنه لا جدال في سعي تركيا وراء توسيع دائرة قواعدها العسكرية، وكانت هناك محادثات متقدمة في هذا الصدد مع الرئيس المخلوع محمد بزوم بهدف انشاء قاعدة عسكرية بريّة وجويّة تضاف إلى قواعد أنقرة في كل من جيبوتي والصّومال، وقد وجدت هذه الخطوة طريقها إلى النّور في شهر يوليو الماضي، مشيرًا إلى أنه بعد توقيع اتفاقية بموجبها تلتزم تركيا باقتصار القاعدة العسكرية على مهام تدريب جيش النيجر و تسليحه كما تشمل الاتفاقية مجالات أخرى منها تطوير قطاع النّقل والبناء والطاقة وغيرها.

وتطرق الخبير الموريتاني المتخصص في الشئون الأفريقية،  إلى الموقف التركي من الانقلاب على الرئيس محمد بزوم فقد كان يصب في فلك منظمة إيكواس حيث شعار التنديد وتبني قرارات وتدابير المنظمة المتعثرة، وهذه خطوة تقليدية في فلك الديموقراطية ولا تعني بالضرورة عدم استئناف الأتراك لمشروع الانتشار في النيجر والذي يقتضي الاعتراف بالمجلس العسكري الحاكم في نيامي، طبعًا في حال عدم تغيير السياسة الخارجية لحكّام النيجر الجدد تجاه فكرة سعي تركيا تشييد قاعدتها العسكرية في النيجر.

 وأشار ألبان إلى أن المؤشرات الآن لا تستبعد ذلك خصوصا أن الحلفاء الاستراتيجيين للنيجر (واغادوغو ، باماكو) هم أصدقاء مقربين لتركيا، إن رفضت نيامى مشروع بناء القاعدة العسكرية التركية فإن تركيا ستبحث عن بديل مجاور.

بينما كشف محمد أبو سبحة، الباحث المتخصص في الشأن التركي، أن تركيا تحاول فرض نفوذها في القارة الأفريقية منذ مدة، لكن في كل مرة يحدث ما يجعل تخطيطها يفشل، كان هناك مخطط في السودان وفشل بسبب الانقلاب العسكري، وكذلك في النيجر، لكنها تحاول اختراق القرن الأفريقي  بتواجد دبلوماسي مكثف وانشطة ثقافية وتعليمية، يتخفى وراءه نشاط مخابراتي غير معلن.

وأكد أبو سبحة في تصريح خاص لوكالة فرات، أن تركيا تريد تكرار تجربتها في الصومال لكن الظروف غير مهيأة لذلك، وسبب فشل إقامة تركيا القاعدة العسكرية  في النيجر النفوذ الفرنسي بلا شك، والذي بدأ يتراجع، لكن في المقابل يملأ مكانه النفوذ الروسي، لذلك لم يكن هناك مجال للوجود العسكري التركي.