القاهرة غاضبة.. سياسيون مصريون يدعون إدارة تحرير الشام إلى إثبات حسن نواياها

دعا سياسيون مصريون الإدارة التابعة لهيئة تحرير الشام في سوريا إلى إثبات حسن نواياها تجاه العلاقات مع القاهرة، لا سيما في ظل حالة الحذر والتوجس التي تخيم على علاقات الجانبين.

خلال الأيام الماضية أثار إرهابي مصري يدعى "أحمد المنصور" غضباً واسعاً في الأوساط السياسية والشعبية المصرية تجاه الإدارة التابعة لهيئة تحرير الشام؛ بعد ظهوره من داخل سوريا يوجه التهديدات والإساءات إلى الدولة المصرية، ويدعو إلى اضطرابات وفوضى وأعمال عنف، مع اقتراب حلول ذكرى ثورة 25 يناير/كانون الثاني.

وأتت واقعة "المنصور" لتفاقم غيوم القلق والتوجس المسيطرة على الجانب المصري إزاء توجهات هيئة تحرير الشام بعد سيطرتها على الحاكم، لا سيما أنه من المعروف طبيعة المواجهة الشرسة التي خاضتها القاهرة على مدار سنوات ضد التنظيمات المتطرفة، فضلاً عن وجود عدد كثير من الإرهابيين المصريين ضمن صفوف الهيئة، وتحريض بعضهم ضد الدولة المصرية.

ويؤكد سياسيون مصريون استطلعت وكالة فرات للأنباء (ANF) آرائهم أن هيئة تحرير الشام مطلبة بإثبات حسن نواياها تجاه مصر، إذا أريد إقامة علاقات طبيعية بين القاهرة ودمشق، وضرورة عدم تحويل الأراضي السورية إلى ساحة للجماعات المتطرفة، التي تنفذ أجندات الفوضى والخراب، التي كلفت منطقة الشرق الأوسط كثيراً على مدار السنوات الماضية.

إثبات حسن النوايا

لا يتوفر وصف.

يقول ناجي الشهابي رئيس حزب الجيل إن إدارة هيئة تحرير الشام عليها أن تثبت أنها جهة صالحة لحكم "سوريا العزيزة"، وأنها ستحكم البلاد طبقاً للأعراف المتبعة في العلاقات الدولية، وأنها لن تسمح بأن تكون مصدراً لإرهاب دول الجوار، وألا تسمح للإرهابيين الذين عاشوا معها على مدار سنوات أن يطلوا برأسهم ويوجهون إرهابهم إلى مصر وشعبها.

وأضاف الشهابي أن هذه الأمور يجب ترجمتها في ممارسات فعلية على أرض الواقع، وليس بمجرد التصريحات، منوهاً في هذا السياق إلى أنه يمكن أن يعتبر القبض على الإرهابي أحمد المنصور بمجرد ظهوره وتهديده للمصريين بادرة طيبة، كما أن عليها أن تقدم ما لديها من معلومات بشأن المخططات التي كان يسعى لتنفيذها ضد الدولة المصرية.

وشدد السياسي المصري البارز على أن القائمين على الإدارة التابعة لهيئة تحرير الشام مطالبون أن يثبتوا أنهم رجال دولة، وأنهم يحكمون عبر التزامهم القاطع وفق كافة الأعراف والمواثيق ذات الصلة بالعلاقات الدولية، وأن يتخلوا عن إرثهم التاريخي وممارساتهم السابقة المرفوضة بشكل كبير.

غضب مصري

وأفاد مصدر بوزارة الداخلية التابعة لإدارة هيئة تحرير الشام ومصدر أمني عربي آخر لوكالة أنباء "رويترز" أن سلطات دمشق الحالية اعتقلت الإرهابي المصري أحمد المنصور، إثر نشره عدة مقاطع فيديو تحريضية ضد الدولة المصرية، وهو الآن في أحد مراكز الاعتقال.

وذكرت مصادر أمنية مصرية، وفق رويترز، أنه على الرغم من أن القاهرة لم تطلب بشكل مباشر اعتقال هذا الإرهابي، إلا أن القاهرة عبرت عن غضبها من عودة ظهور المنشقين المتشددين في سوريا من خلال اتصالات استخباراتية مع دول أخرى، مُضيفة أن الجانب المصري يشعر أن الاضطرابات في سوريا قد تساعد مثل هذه الفصائل على إعادة تنظيم صفوفها.

إما التسليم أو الطرد

لا يتوفر وصف.

بدوره، يقول منير أديب الخبير السياسي المصري في شؤون الحركات الإسلامية إن توقيف أحمد المنصور قد يكون بادرة حسن نية، لكن حتى هذه اللحظة لا يمكن الجزم جزماً أكيداً بأنه تم القبض عليه، فقد نشر الخبر عبر إحدى وكالات الأنباء نقلاً عن مصادر مجهلة، كما أن القبض عليه ليس كافياً.

وأعرب عن اعتقاده أن السلطات المصرية لا تعنيها مسألة القبض على هذا الإرهابي فقط، وإنما تسليمه إليها، وحتى إذا لا توجد اتفاقية لتسليم المجرمين بين البلدين، فيجب على الأقل ألا يكون مرحباً به من قبل إدارة هيئة تحرير الشام في الأراضي السورية، ومن هنا عليها إثبات حسن نواياها بهذا الإجراء؛ إذا أرادت إقامة علاقات طبيعة مع الجانب المصري.

العناصر الإرهابية المصرية

وتقول تقارير عدة إن هناك نحو 70 إرهابياً مصرياً على الأقل ينشطون ضمن هيئة تحرير الشام، فيما أشارت تسريبات إعلامية إلى منح بعضهم رتباً وتعيينهم في القوات الأمنية التابعة للهيئة، لا سيما بعد تأكيد أبومحمد الجولاني عزمه منح الجنسية لبعض المقاتلين الأجانب كنوع من "المكافأة" لهم، وفق تصريحاته.

والإرهابي أحمد المنصور هو أحد هؤلاء المطلوبين للعدالة في مصر، وعقب المقطع المتداول له، خرج والده، مساء الثلاثاء، في مقطع مصور يعلن تبرأه منه، ويؤكد امتنانه لبلده التي علمت أحد أبنائه حتى حصوله على درجة الماجستير من إيطاليا، مشدداً على أن نجله يسيء للدولة المصرية، نافياً بشكل قاطع مزاعم نجله باعتقال أسرته في مصر.

ولم تكن مصر من بين الدول التي أرسلت وفوداً لها إلى دمشق بعد سيطرة هيئة تحرير الشام على مقاليد السلطة، وبعد أيام عديدة جرى اتصال هاتفي فقط بين وزير الخارجية المصري ونظيره بإدارة دمشق، في وقت تؤكد القاهرة تمسكها في مختلف المناسبات بضرورة إطلاق عملية سياسية شاملة في سوريا، وألا تكون الأراضي السورية قاعدة للإرهاب.