المفارقة أن الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب كان قد أخذ قرار وضع الحوثيين ضمن لوائح الإرهاب، إلا أن بايدن عندما جاء وتولى السلطة أخذ قراراً مثيراً عام 2021 برفع الجماعة من هذه اللوائح، في خطوة لاقت انتقادات واسعة وقتها، لكن واشنطن بررتها بأنها كانت ضرورة، بعد شكوى من المنظمات الإغاثية العاملة في اليمن من تداعيات القرار على عملها لا سيما أنه بحاجة للتعامل المباشر مع الحوثيين.
ومع مواصلة جماعة الحوثيين استهدافها للسفن التجارية المارة عبر البحر الأحمر وتسببها في خسائر كبيرة للتجارة العالمية، أقدمت الإدارة الأمريكية على تنفيذ ضربات عسكرية طالت عدة مواقع يقال إنها دمرت 30% من قدرات الحوثيين العسكرية وذلك قبل أيام، وبالأمس عدل جو بايدن عن قراره السابق وأعاد الجماعة إلى قوائم الإرهاب مرة أخرى.
قرار موضع ترحيب ولكن
في هذا السياق، يقول نبيل عبدالحفيظ وكيل وزارة حقوق الإنسان بالحكومة اليمنية، خلال اتصال هاتفي لوكالة فرات للأنباء (ANF)، إن قرار الولايات المتحدة الأمريكية قبل كل شيء موضع ترحيب وقد كانت خطوة متوقعة إزاء جماعة إرهابية، داعياً إلى ضرورة أن يكون هذا القرار ليس قاصراً على الولايات المتحدة فقط، بل أن يتبناه المجتمع الدولي ككل.
ورغم الترحيب بالقرار الأمريكي، إلا أن "عبدالحفيظ" انتقد في الوقت ذاته تعامل واشنطن مع واقع جماعة الحوثيين، إذ قال إن أمريكا تسير وفق مصالحها فقط في مواقفها من ميليشيات الحوثي، لأنه في آخر عام 2020 أخذ الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب قرار تصنيفها إرهابية، وبمجرد قدوم الرئيس جو بايدن تراجع عن القرار.
ويرى المسؤول اليمني أن أخذ القرار ثم التراجع عنه ثم أخذه لا يعبر عن موقف راسخ وقناعة بإرهاب ميليشيات الحوثي لدى الإدارات الأمريكية، وإنما يعبر عن السير وفق المصالح فقط، ولم تأخذ واشنطن القرار إلا عندما شعرت أن مصالحها ومصالح حلفائها مهددة بشكل مباشر من الحوثيين، إنما خلاف ذلك لم تأخذ قرار تصنيفها كتنظيم إرهابي.
وتتركز هجمات جماعة الحوثيين بالقرب من مضيق باب المندب عند الطرف الجنوبي للبحر الأحمر، وتستخدم في ذلك الصواريخ والطائرات المسيرة، ما عرض هذا الممر الملاحي الذي يمر عبره 12% من التجارة العالمية للخطورة، إذ يمر به سنويا أكثر من 21 ألف ناقلة بحرية بمعدل 58 ناقلة يومياً، إلا أن هذه الأعداد تراجعت بسبب ضربات الحوثيين، على نحو اضطر السفن للتحرك نحو جنوب أفريقيا وطريق رأس الرجاء الصالح.
اصطياد رؤس الحوثيين
بدوره، يقول الدكتور محمد صادق إسماعيل مدير المركز العربي للدراسات السياسية، في تصريحات لوكالة فرات للأنباء (ANF)، إن السبب الأول للقرار الأمريكي هو ما حدث في البحر الأحمر من خلال استهداف كل الناقلات أو الشاحنات الإسرائيلية المارة عبره، بالإضافة إلى الأمريكية، وما كان لذلك من تداعيات سلبية على مصالحها وتهديد مباشر للملاحة العالمية.
وأضاف "إسماعيل" أن واشنطن كان أمامها حلان في التعامل مع تهديد الحوثيين، الأول عسكرياً وهو ما قد كان ووجهت بالفعل ضربات لعدة مواقع حوثية في اليمن بالتعاون مع بريطانيا، والحل الثاني البحث في تصنيف جماعة أنصار الله تنظيم إرهابي وقد كان ذلك أيضاً، وهذا التصنيف يعطي واشنطن غطاء قانوني في عملياتها ضد الجماعة.
ويتوقع الدكتور محمد صادق إسماعيل أن تقدم الإدارة الأمريكية على تكرار ما كانت تفعله مع تنظيم القاعدة، فبعد إدراجه على لوائح الإرهاب بدأت في استهداف رؤوسه في أفغانستان واليمن، وبالتالي يمكن أن تقوم بالأمر ذاته مع جماعة الحوثيين، لكن قد يختلف الوضع بالنسبة للحوثيين بسبب تأييد إيران لها، وبالتالي يفهم كذلك من القرار الأمريكي أنه محاولة لتقليم أظافر، وإن كانت جماعة الحوثيين لن تصمت وستستمر في عملياتها، لأنها أعلنت أن هجماتها ستبقى مستمرة طالما بقت إسرائيل مستمرة في عدوانها على قطاع غزة.
ومنذ أن بدأت جماعة الحوثيين في 19 نوفمبر/تشرين الثاني نهاية العام الماضي ضرباتها استهدفت حتى الأمس سفناً تجارية تتبع 35 دولة، وقد تسببت في تغيير أكثر من 2000 سفنية لوجهتها، ما يعني ارتفاع في التكاليف والوقت، لتبدأ الولايات المتحدة في 18 ديسمبر/كانون الأول تشكيل مهمة دولية للتعامل العسكري مع ضربات الجماعة.