المونيتور: تركيا ستواجه مزيد من العزلة الدولية نتيجة مساعيها لحل الشعوب الديمقراطي

تتصاعد دعوات عالمية للوقوف بوجه مساعي حزب العدالة والتنمية الحاكم ورئيس النظام التركي لإتمام سنوات من حملات الإبادة السياسية الممنهجة، بقضية إغلاق حزب الشعوب الديمقراطي.

وبينما أبدى العديد من رؤساء الأحزاب والبرلمانيين حول العالم، تضامنهم مع حزب الشعوب الديمقراطي (HDP‎) ضد قضية إغلاق الحزب؛ وطالبوا المجتمع الدولي والمؤسسات الدولية والحكومات بالخروج عن صمتهم تجاه ديكتاتورية حزب العدالة والتنمية، وجهت قوى دولية انتقادات لاذعة للنظام التركي الذي يسعى بكل السبل إلى الحفاظ على بقاءه في السلطة مهما كلفه ذلك من تدمير للحياة السياسية، بل ومصادرة الحقوق السياسية لملايين الناخبين وانهاء التعددية.
وفي هذا السياق، هاجم عدد من نواب البرلمان الألماني، النظام التركي الساعي إلى حظر ثاني أكبر حزب معارض في البلاد.
وقالت الحكومة الألمانية إن "حظر أي حزب يجب أن يكون الملاذ الأخير في أي ديمقراطية".
دعت وزارة الخارجية الأمريكية السلطات التركية إلى احترام حرية التعبير، مؤكدة أنها تتابع عن كثب "الخطوات المقلقة" في البرلمان بعد إسقاط عضوية نائب ومحاولات حل حزب الشعوب الديمقراطي.
وقال موقع المونيتور الأمريكي إن تحركات تركيا لإغلاق حزب الشعوب الديمقراطي الموالي وهو ثاني أكبر تجمع معارض في البلاد في البرلمان، أثارت انتقادات حادة من إدارة جو بايدن في وقت متأخر من يوم الأربعاء. وقالت وزارة الخارجية إن قرار حل حزب الشعوب الديمقراطي كما طُلب في الدعوى التي رفعها المدعي العام التركي في 17 آذار مارس "من شأنه أن يقوض إرادة الناخبين الأتراك بشكل غير ملائم، ويزيد من تقويض الديمقراطية في تركيا ويحرم ملايين المواطنين من التمثيل الذي يختارونه".
ووصف البيان تجريد نائب حزب الشعوب الديمقراطي عمر فاروق غرغيرلي أوغلو من الحصانة البرلمانية في 17 مارس بأنه "مثير للقلق" وقال إن الولايات المتحدة "تراقب عن كثب الأحداث في تركيا". وتابع التقرير "اكتسب غرغيرلي أوغلو، وهو من أصل تركي، الاحترام عبر المشهد التركي شديد الاستقطاب بسبب دفاعه الشجاع المتفاني عن ضحايا التعذيب والانتهاكات الحكومية. ألغى البرلمان وضعه بعد أن قضت محكمة في فبراير / شباط بتأييد عقوبة بالسجن لمدة عامين ونصف للنائب لنشره مقالاً إخباريًا على حسابه على تويتر يدعو إلى استئناف محادثات السلام بين الحكومة ومقاتلي حزب العمال الكردستاني".
وتابع تقرير الموقع الأمريكي "ستكون اللغة القاسية بمثابة دش بارد لحسن مراد ميركان، العضو البارز في حزب العدالة والتنمية الحاكم (AKP) الذي تولى مهامه هذا الأسبوع كسفير جديد لتركيا في واشنطن."
وفي وقت تسعى فيه أنقرة إلى ترميم علاقاتها المضطربة بالولايات المتحدة والغرب على خلفية العديد من الأزمات التي خلفتها سياسة أردوغان في المنطقة، يسعى السفير التركي الجديد في واشنطن إلى تحقيق مهمة واحدة، تتمثل في محاولة تحسين العلاقات مع حلفاء الناتو وعلى رأسهم واشنطن، لكن "اعتداء أنقرة المتواصل على الحقوق والحريات يستعد لتقويضه في كل خطوة"، بحسب المونيتور الذي اشار إلى اعلان تركيا مرارًا وتكرارًا أنها "لن ترضخ" للضغط الأمريكي وخاصة بشأن صواريخ S-400 التي حصلت عليها من روسيا، والتي كانت في اساس الانهيار الذي تعرضت له العلاقات التركية- الأمريكية، حيث أدى موقف تركيا إلى فرض عقوبات على وكالة المشتريات الدفاعية الحكومية في تركيا بموجب قانون مكافحة أعداء أمريكا.
تشير إدارة بايدن إلى أن تعاملاتها مع تركيا لن تمليها السياسة الواقعية فقط وأن سجلها المروع في مجال حقوق الإنسان سيخضع لمزيد من التدقيق بعد أربع سنوات من المراوغة الرديئة من قبل الرئيس السابق دونالد ترامب. وانتقدت تركيا بسبب استمرار احتجاز رجل الأعمال والحقوقي التركي عثمان كافالا بسبب اتهامات واهية بالإرهاب وأبدت استياءها من مزاعم كبار المسؤولين الأتراك بأن الولايات المتحدة دعمت الانقلاب الفاشل "المزعوم" عام 2016 لإطاحة حزب العدالة والتنمية بدموية. ولم يتصل بايدن بالرئيس التركي رجب طيب أردوغان بعد. تضاعفت نبرة العداء التركية عندما قالت السكرتيرة الصحفية للبيت الأبيض جين ساكي في إحاطة إعلامية في 3 مارس / آذار إن بايدن سيفعل ذلك "في مرحلة ما"، بحسب المونيتور.
مسؤولو حزب الشعوب الديمقراطي يشيدون بالنبرة الجديدة لواشنطن. قال جيران أوزكان ، ممثل حزب الشعوب الديمقراطي في واشنطن، في تعليقات عبر البريد الإلكتروني إلى "المونيتور": "كان البيان بالتأكيد تغييرًا مرحبًا به في الصمت بشأن حزب الشعوب الديمقراطي وقمع الكرد في تركيا". "على الرغم من عدم وجود ذكر للكرد في البيان، فإن هذا بالتأكيد مؤشر على أن الإدارة الحالية جادة في التعامل بشكل حاسم مع انتهاكات حقوق الإنسان في جميع أنحاء العالم ، حتى لو كانت الدولة المعنية حليفًا". وتابع أوزكان: "نأمل أن يعني هذا أن وزارة الخارجية ستكون أكثر انفتاحًا على الأفكار الجديدة حول كيفية التعامل مع السياسات الرجعية والمزعزعة للاستقرار للحكومة التركية ومكافحتها".
إلى ذلك، اشار تقرير المونيتور إلى أن حزب الشعوب الديمقراطي يشكل مصدر قلق كبير لأردوغان منذ أن سلب HDP حزب العدالة والتنمية من أغلبيته البرلمانية في الانتخابات البرلمانية في عام 2015. وساعد دعم حزب الشعوب الديمقراطي لكتلة من مرشحي المعارضة على انتزاع اسطنبول وأنقرة في الانتخابات البلدية التي أجريت في عام 2019.
وبدوره، يرى قال الباحث المصري المختص في الشؤون الدولية، رامي إبراهيم، إن مساعي رئيس النظام التركي رجب طيب أردوغان، لحل حزب الشعوب الديمقراطي تندرج تحت ممارساته الممنهجة لقمع المعارضة وإسكات صوت الكرد.
واشار إبراهيم كذلك إلى ارتباط التحركات التركية الأخيرة، بانتصارات الكريلا في جبال غاري، وأضاف الباحث المصري في تصريح خاص لوكالة فرات للأنباء ANF، بأن أردوغان لجأ إلى خطوات هادفة إلى حل الحزب حتى يتمكن من أعضاءه ونوابه في البرلمان من البقاء في السلطة، خاصة أنهم يكشفون فشل أردوغان في العديد من الملفات الداخلية والخارجية، ومن ضمنها العمليات الفاشلة في شمال العراق وخاصة العملية في جبال غاري أدت إلى مقتل ١٣ أسير تركي، بيد القوات التركية نفسها.
وتابع "الرئيس التركي لديه عداء واضح ضد الكرد ويحاول الانتقام منهم بشتى الطرق ليس فقط فيما يتعلق بالكرد في تركيا، أنما رأينا هذا أيضا في الحملة العسكرية الفاشلة التي شنها ضد الكرد في العراق".
وأضاف الباحث في الشؤون الدولية، أن أردوغان يستخدم القضاء كأداة لقمع المعارضين وخاصة الكرد، كما انه أيضا يلجأ إلى المناورات مع بعض الأحزاب الأخرى، وذلك لإعادة ترتيب أوضاعه، قبل الانتخابات التشريعية والرئاسية، والتي يتوقع أن تكون قاسية جدا بعد الانقسامات التي يشهدها حزب العدالة والتنمية، بسبب فشل سياسات أردوغان.