بايك: "الشعوب الديمقراطي" يختلف عن القالب السلطوي التقليدي القائم في تركيا

أكد الرئيس المشترك لمنظومة المجتمع الكردستاني، جميل بايك، أن القائد أوجلان يعد حزب الشعوب الديمقراطي بعيداً كل البعد ومختلف عن القالب السلطوي التقليدي في تركيا، وأنه ينتهج الخط الثالث.

قَيّم الرئيس المشترك لمنظومة المجتمع الكردستاني (KCK) جميل بايك في الجزء الثاني من لقائه مع وكالة فرات ANF، الأزمات التي تنتج عن النظام التركي والدستور الأساسي وموقف القائد أوجلان والمرحلة التي وصل إليها حزب الشعوب الديمقراطي(HDP).

وأكد بايك أن الأزمة، التي تمر بها تركيا سببها النظام السياسي، قائلاً: "إنّ السياسة العنصرية والمركزية التي يتبعها النظام التركي تُشكِّل أزمات كبيرة في تركيا. هذه السياسة تُزيد من الأزمة بدلاً من إيجاد حلول لها، فمشكلة الشعب الكردي والعلوي والمكونات الأخرى في تركيا، مشكلة المرأة والعمال جميعها سببها السياسة التي يتبعها النظام التركي".

وأشار بايك إلى أن نظام الرئاسة في تركيا يختلف عن كل دول العالم، وأوضح: "يوجد رئاسة في الولايات المتحدة الأمريكية، إلا أن النظام السياسي فيها ينحصر منذ البداية على شكل ولايات مستقلة تدير نفسها بنفسها معتمدة على إرادة الشعب والديمقراطية وعلى أساسها تشكلت الرئاسة. لهذا فإن النظام الرئاسي في الولايات المتحدة الأمريكية يحتضن في طياته على قيم الديمقراطية". 

وتطرق بايك إلى النظام شبه الرئاسي في فرنسا، وقال: "جرت في فرنسا ثورات شعبية ديمقراطية لوجود نظام شبه رئاسي فيها حيث قدم الشعب نضالاً كبيراً كي يثبت وجوده وإرادته وهذا النظام لا يربط جميع منافذ الدولة بنفسه ويحتضن الإرادة الديمقراطية للمجتمع". 

كما ذكر بايك أمثلة أخرى عن دول متعددة، وقال: "هناك دول عديدة مثل انكلترا والسويد والنرويج وفنلندا وبلجيكا وهولندا النظام الرئاسي فيها ملكي إلا أن صلاحياتهم محدودة وهذا دليل على وجود الإرادة الديمقراطية للشعوب التي ناضلت بشكل كبير لحصر واجبات ومسؤوليات الملوك. وهناك أنظمة رئاسية مختلفة في دول العالم، ولكن ليس هناك ما يُشبه النظام الرئاسي في تركيا، فيتطلب النظام الرئاسي بتشكيل البرلمان الذي يدير مصالح الشعب المشتركة، أما ما يتعلق بالمسائل التي تخص كل ولاية، فإن إرادة الشعب تكون الأساس. أما النظام الرئاسي أو ما يُقال عنه النظام الجمهوري في تركيا لا يعترف بالإرادة الديمقراطية للشعب والمجتمع ولا يسمح لأية منطقة بأن تدير نفسها بنفسها وتسعى دائماً لإبادة الجبهات التي خلقت من خلال نضال الشعوب وبهذا تشكل لنفسها نظام عنصري ومركزي كي تفرض سيطرتها على جميع منافذ الدولة".

وأشار إلى أن هذا النظام لم يلعب دوراً في حل الأزمات التي تُخْلَق مع مرور الزمن بل زادت من حدتها وأسست لنفسها نظام يعتمد على سياسة الحرب والقمع، مضيفا: "لذلك فإن النظام السياسي في تركيا هو سبب الأزمة مع وجود الدستور الأساسي الذي يتكئ عليه هذا النظام، بحيث لا يوجد دستور ديمقراطي يمثل إرادة المجتمع وإرادة الشعب لهذا يدور النقاش في تركيا بشكل دائم عن الدستور الأساسي".

وأوضح بايك أن حزب الشعوب الديمقراطي سلط الضوء على ضرورة وجود دستور ديمقراطي بعد الانتخابات المحلية التي جرت في إسطنبول، وقال: "إن الأزمات التي تحدث في تركيا سببها الدستور اللساسي وهذا ما أشار إليه القائد أوجلان، لذلك حزب الشعوب الديمقراطي يقترح تأسيس دستور ديمقراطي لساسي". 

ولفت إلى أن هذا الدستور يعد كميثاق مجتمعي وعليه يتم بناء جميع أجزاء المجتمع سوياً. فإما أن يتم تشكيل الثورة الديمقراطية وتأسيس الدستور الأساسي من خلالها، أو تشكيل قوات عسكرية فاشية وتأسيس الدستور الأساسي من خلالها. والدستور الحالي في  المرحلة الراهنة تأسس نتيجة القوة العسكرية دون أن يتم استشارة الشعب. ولم يكن بمقدور القوى الديمقراطية والثورة الديمقراطية إثبات إرادتهم في وضعه. والشعب التركي في المرحلة الراهنة تواق للديمقراطية". 

كما أشار بايك إلى أن حزب الشعوب الديمقراطي طرح مشروع بحيث يشغل الجميع وأكد لن مشروع الدستور الديمقراطي الأساسي هو مشروع يتمناه الجميع، وقال: "إن الدستور الجديد ليس نصاً، يتم تحضيره من قبل الأحزاب السياسية فقط، بل يجب نقاشه مع الشعب والمنظمات المدنية وجميع المكونات الديمقراطية المنظمة في المجتمع لأخذ آرائهم ومقترحاتهم بعين الاعتبار وتأسيسه على هذا النهج". 

وتطرق بايك في حديثه إلى اللقاء الاخير مع القائد أوجلان ورسالته ومفهومه عن حل الأزمات، قائلاً: "قدم القائد أوجلان في لقائه الأول رسالة مكونة من سبعة نقاط للرأي العام، مشيراً إلى النقاط الأساسية في حل الأزمة في تركيا وإيجاد حلول ملائمة لقضية الشعب الكردي. أما في اللقاء الثالث فتحدث بشكل أوسع  في رسالته عن السياسة الديمقراطية والمصالحة المجتمعية ولم يتحدث عن الانتخابات بأي شكل من الأشكال".

وذكر بايك أنه بعد لقاء المحاميين في الثاني من آيار بالقائد أوجلان طُرحت بعض الآراء التي تتحدث عن أن إبطال انتخابات إسطنبول وبيانات محامو القائد أوجلان التي صرحوا بها، تشير إلى أن بيانات القائد أوجلان لها علاقة بالانتخابات مؤكداً أنه لا يوجد شيء كهذا.

وقال: "إن الرسالة التي كتبها القائد كان يجب أن تسلم للمحاميين منذ ثلاثة أو أربعة أيام، إلا أن المحكمة سلمتها قبل عدة أيام لذلك اضطر المحامون لتوضيح البيان في السادس من آيار. وأفاد المحامون في بيانهم أن اللقاء ليس له علاقة بالانتخابات، وإنما له علاقة بحملات الإضراب عن الطعام، فالقائد أوجلان تحدث أثناء اللقاء به عن السياسة الديمقراطية والحوار الديمقراطي والمصالحة المجتمعية".

وأضاف "تحدث أيضاً عن الحل الديمقراطي فيما يخص الحدود السورية والتركية من أجل شمال سوريا، ولكنه لم يتحدث عن الانتخابات بأي شكل من الأشكال".

ولفت إلى أنه عندما قيم القائد أوجلان حزب الشعوب الديمقراطي ذكر أنه حزب ديمقراطي يعتمد على الحوار الديمقراطي، مؤكدا أن تركيا تحتضن تحالف حزبي العدالة والتنمية والحركة القومية اللذان يعتمدان على التركيبة الإسلامية التركية والنظام السلطوي التقليدي مثل حزب الشعب الجمهوري، إلا أن حزب الشعوب الديمقراطي مختلفاً عنهم وينتهج الخط الثالث الذي يهدف إلى التحول الإصلاح الديمقراطي في تركيا. 
وقال: "أدركنا ذلك خلال ما أفاده المحامون للرأي العام إلا أن هذه الرسالة تم تسليمها لهم قبل عدة أيام من الانتخابات التي جرت في إسطنبول أثناء لقائهم بالقائد أوجلان كي يتم الإفصاح عنها للرأي العام".   

وتابع: هنا صرح القائد أوجلان عن آرائه عبر رسالته التي تألفت من سبعة نقاط، وفيما يتعلق بحزب الشعوب الديمقراطي أوضح أنهم انتهجوا الخط الثالث مبتعدين عن القالب السلطوي التقليدي، مؤكداً أنه على حزب الشعوب الديمقراطي ألا يُغيّر من نهجه بسبب الانتخابات لأجل التقاربات، وأشار القائد إلى أن حزب الشعب الديمقراطي سيتخذ قراراته بنفسه، ولن يقول أي شيء في هذا الصدد.

وقال: "وفي هذه الرسالة تمت الإشارة بشكل أساسي إلى ماهية السياسة التي يجب أن تُنفذ في تركيا. ولم يشر إلى أنه يجب أن تسير الانتخابات المحلية، التي جرت في إسطنبول بشكل معين، كما لم يصرح بموقف من أجل الأحداث اليومية. فقط أراد أن يوضح أن حزب الشعوب الديمقراطي انتهج الخط الثالث ضد القالب السلطوي التقليدي وهو خط بعيد عن التعصب.  إلا أن العديد من الأشخاص أرادوا توضيح هذا بشكل مختلف بسبب صدور التصريح قبل الانتخابات".

ولفت إلى أن السلطة استغلت ذلك؛ وحاولت تشكيلات الأمن القومي التركي وقوى الحرب الخاصة استغلال واستثمار ذلك؛ في وقت ليس بإمكان أحد التوجه إلى إمرالي، أقدمت حكومة AKP على إرسال شخص يدعى علي كمال أوزجان إلى إمرالي؛ وما السبب وراء إرسال هذا الشخص قبل الانتخابات بيومين؟ حقيقة هذا الشي أثار شكوكاً لدى الجميع وأدركوا بأن حزب العدالة والتنمية تنوي توظيف هذا اللقاء لمصلحته في الانتخابات.

وأوضح الرئيس المشترك لمنظومة المجتمع الكردستاني أن المهمة الأساسية، التي تقع على عاتق (HDP)، هي تصعيد النضال وتحقيق التحول الديمقراطي في تركيا، وأن حزب الشعوب الديمقراطي ومن أجل تغيير الذهنية السياسية التي تعتبر إحدى القضايا الأساسية في تركيا، والعمل على إطلاح سراح معتقلي HDP في السجون التركية بإمكانه على المدى القريب البدء بحملة في هذا الإطار إلى جانب بعض السياسيين الديمقراطيين ودعوة الجميع إليها.

كما أشار جميل بايك في سياق حديثه إلى أهداف المدى المتوسط وقال: يجب العمل حالاً من أجل صياغة دستور ديمقراطي، وهذا حكماً لن يحدث بين ليلة وضحاها، بل سوف يستمر على مدار المرحلة وأن يُعتبر أحد أهداف المدى المتوسط، بهدف دفع تركيا نحو دستور ديمقراطي؛ وهذا عملٌ مهم للغاية. 

وأكد بايك أيضاً، أنه من المهم جداً البدء بحملة أخرى مناهضة للحرب والسياسات الداعية إليها، وقال: "إنه من الضروري البدء بهذا النضال وإشراك أكبر عدد ممكن من القوى الديمقراطية ومناهضي الحرب إلى هذه الحملة".

وفي ختام حديثه ركز الرئيس المشترك لمنظومة المجتمع الكردستاني (KCK)، جميل بايك، على مهام وأهداف حزب الشعوب الديمقراطي على المدى القريب والمتوسط، وقال: يجب أن تتمحور أهداف ومهام (HDP) في المدى القريب والمتوسط حول التحول الديمقراطي في تركيا، وأن يمارس حزب الشعوب الديمقراطي سياسته في المرحلة المقبلة بهدف القضاء على كافة السياسات ذات الصبغة الفاشية التي تستند إلى القمع والاضطهاد والتسلط والتعصب القومي.