حيثما رسخ النظام الرأسمالي نفسه، تلاشت الحرية فيه، وحيثما الناس يصبحون روبوتات آلية، يرقد الدماغ فيه، وحيثما يكون مليئاً بالأكاذيب، تكون الخيانة ملتحفة نفسها فيه، وحيثما يتواجد النسيان، تكون الإنسانية مجردة عن نفسها فيه، وحيثما تنعدم الرفاقية يكون العدو حاضراً، وحيثما تنعدم الشفافية تكون الإرادة ضائعة فيه، وحيثما تنعدم المعنويات يكون البقاء هناك عبثياً، وحيثما لا يُنظر للكثيرين كوجود، تنتهي الحياة هناك، وحيثما يُشاهد الهجوم على القائد بصمت، فإن التنشئة الاجتماعية والإنسانية تكونان بحكم الميتة هناك، ما الفائدة من البقاء في مكان يحدث فيه كل هذا وينعدم فيه الضمير؟ وتبدأ قصة الحياة الثورية لـ تشي غيفارا الكردي بهذه الاستفسارات.
البحث عن الحقيقة يبدأ بالاشتراكية
وُلد شيخموس آيدن عام 1998 في ناحية محسيرت في ميردين، لكن، مثل العديد من العائلات الكردية، نزحت عائلة شيخموس إلى المدن الكبرى في تركيا بسبب القمع الشديد لدولة الاحتلال التركي، ونشأ شيخموس في إزمير، بعيداً تراب وطنه، ولذلك، لا يتعمق كثيراً في الثقافة الكردية، إلا أنه يعلم أنه كردي وأنه هُجر قسراً من وطنه، ويواجه ضغوطاً من الدولة في سن مبكرة مرة أخرى بسبب الهوية الكردية والاستئثار السياسي للعائلة، فالنزوح مثل الأرض القاحلة والجافة تنتظر الماء، وفي الوقت نفسه، عندما لا تكون هناك أرض، تبقى المياه أيضاً لاجئة وتدور في أرجاء البلاد، وتصف حالة شيخموس ذلك الأمر في تلك المدينة.
ويدرس شيخموس في مدارس النظام لمدة 11 عاماً، إلا أنه غير راضٍ عن المعرفة المقدمة له ولا يحصر نفسه بذلك، لأنه يرى أن سياستهم مثل إظهار الموت لهم وإرقادهم تحت وطأة الحمى، ولذلك، ينخرط في التحقيق وإجراء الأبحاث، إنه شاب واسع المعرفة ولديه وعي متعمق، ويبدأ بالبحث عن طريقة لخوض النضال في مواجهة النظام الرأسمالي، لأنه يرى أنه لا يبنى شيئاً سوى الليبرالية والأنانية، حينها يتذكر المثل الذي يقول: "ابتعد عن القرية بلا كرم، والخيمة بلا غنم، والشخص الذي يقول أنا وأنا"، فهو يعرف معنى هذه الجملة أنه إذا كانت هذه الأمور موجودة، فلن يبقى هناك شيء اسمه الجوهر، ونتيجة لذلك، يجد الفكر الاشتراكي ويدرسه ويؤمن به، ويرى في الاشتراكية كأيديولوجية والطريق الوحيد للخلاص، ويتأثر بشكل متزايد بشخصية تشي غيفارا ونضاله، وهو أيضاً، يريد أن يتبع نفس الدرب وأن يكون ناجحاً مثله، ولكن، كيف كان سيحدث هذا في كردستان؟ ويصبح هذا الأمر مسألة للبحث والدراسة بالنسبة له، ويحصل شيخموس على الإجابة على هذا السؤال عندما يتعرف على حزب العمال الكردستاني عن كثب في عام 2013، ويعلم أن الاشتراكية في كردستان لا يمكن تحقيقها إلا من خلال نضال حزب العمال الكردستاني، ولذلك، يقرر في عام 2015 المضي قدماً في درب الثورة والانضمام إلى صفوف الكريلا.
يؤدي واجباته الوطنية في روج آفا
يتوجه شيخموس من خلال الانضمام في البداية إلى غرب كردستان، ويحمل اسم الثوري الذي تأثر به في البداية ويطلق على نفسه اسم تشي غيفارا، فهو لا يريد الذهاب إلى جبال كردستان دون إنقاذ العالم من خطر كبير، ولكي يؤدي دوره كثوري كردي، ينضم إلى معركة التحرير، وينتقل تشي غيفارا من حملة إلى أخرى، ومن جبهة إلى أخرى، ويشارك فيها ويخوض النضال دون أن يلتقط أنفاسه، ويأخذ مكانه في العديد من العمليات الناجحة ويصبح مقاتلاً متمرساً، ومع قيام ثورة روج آفا، يرى أن الاشتراكية الصحيحة يتم بناؤها هناك خطوة بخطوة، وهذا يخلق لديه إثارة كبيرة، وبهذه الطريقة، يخوض ثلاث سنوات من النضال الشامل ملتزماً بالمعايير الأساسية دون أي تنازلات، ولأنه يريد أن يكون ثورياً أممياً مثل غيفارا، لذلك، كان يعيش ويحارب من أجل جميع الشعوب المضطهدة، وبعد مضي ثلاث سنوات، قرر التوجه إلى القوة التي تقدم الدعم والاستخبارات والتعليمات لداعش ومحاربة نظام حزب العدالة والتنمية وحزب الحركة القومية، ولذلك، توجه نحو جبال كردستان.
يسعد روحه بحرية بإثارة بضعة أيام
يجعل تشي غيفارا بالذهاب إلى الجبال الحرة، هدفه الرئيسي القضاء على الدولة التركية الفاشية، ويعتقد أنه مع دحر الفاشية، سيتحقق خلاص الشعب الكردي أولاً ومن ثم شعوب الشرق الأوسط بأكملها من الهجمات الفاشية، كما أن السلطة العثمانية الجديدة التي يفرضونها سيتم دحرها بهذا النضال.
ويرحب تشي غيفارا بالحياة الجبلية بعشق وحماس وولع كبير، ويرحب في تلك الأيام الأولى بانبعاثه الجديد، ويعطر الشوق بالقدوم إلى أرضه بتقبيل أرض الجبال، ولذلك، مع هذه المشاعر، التي تمضي كل يوم، يضفي معنى جديداً للحياة، ويبني باكتساب كل تعلم جديد في الوقت نفسه تطوراً في شخصيته، ويُظهر مشاركة قوية بهذه القواعد الأساسية، وتدفعه رغبته في أداء دوره بنشاط وتحديد مكانه في النضال، ويشارك الرفيق تشي غيفارا بتفان في العديد من الأنشطة، ويصبح بالحب الذي يظهره في كل عمل قدوة بين رفاقه، ويخوض بهذه الطريقة نضالاً قوياً.
ونتيجة هجوم دولة الاحتلال التركي، يرتقي إلى مرتبة الشهادة برفقة 5 من رفاقه في مناطق الدفاع المشروع.
وإيماناً منه بالقائد أوجلان والاشتراكية، فقد ضحى تشي غيفارا بحياته من أجل الإنسانية دون حتى أن يفكر بنفسه، ولذلك، فإن نضال تشي غيفارا سيمتد بأمواج متلاطمة من كوبا إلى بوليفيا، ومن كوباني إلى جبال كردستان، وسيُتوج بالنجاحات الكبيرة.