سيناريوهات انتخابات إقليم كردستان.. هل سيسقط "البارتي" من جديد

يشهد إقليم كردستان العراق انتخابات مختلفة عن الاستحقاقات الماضية قد تغير من خريطة توازنات القوى داخله، ستحدد مصير المناصب السيادية في الإقليم.

تفصل أيام قليلة عن الموعد الذي حددته المفوضية العليا المستقلة للانتخابات في العراق لانتهاء الحملات الدعائية لانتخابات برلمان إقليم كردستان العراق، في 15 تشرين الأول الحالي، أي قبل 5 أيام من موعد إجراء الانتخابات في العشرين من الشهر ذاته.

وتأتي تلك الانتخابات بعد دخول الإقليم مرحلة "فراغ قانوني" عقب إعلان المحكمة الاتحادية العراقية في بغداد في نهاية أيار 2023، بطلان قانون "تمديد برلمان كردستان" المُقر من البرلمان نفسه في تشرين الأول 2022، وتبعه قرار آخر في أيلول 2023، بعدم دستورية تمديد ولاية مجالس محافظات الإقليم.

انتخابات مختلفة

ويترشح في انتخابات الدورة السادسة 1190 شخصا و136 قائمة انتخابية، وسيتم التصويت في 1431 مركز اقتراع تشمل مراكز للتصويت العام وأخرى للخاص.

يقول سعدي بيرة الناطق الرسمي باسم حزب الاتحاد الوطني الكردستاني وعضو اللجنة المركزية بالحزب، في تصريح خاص لوكالة فرات للأنباء(ANF)، إن هناك فرقين جوهريين بين الانتخابات الماضية منذ ١٩٩٢ وحتى الآن، وانتخابات الدورة السادسة لبرلمان إقليم كردستان، يكمن الفرق الأول أنه كانت تتم المشاركة في الانتخابات عبر دفتر حضور هوية أحوال مدنية والتي كانت عبارة عن هويات قصيرة المدى، وكانت قابلة للتاليف، وسبب في التزوير، والتصويت لأكثر من مرة، ولكن هذه المرة الانتخاب بكارت انتخابات باموترية وبطاقة هوية وطنية وفقاً للأحوال الوطنية للعراق، ويتم الانتخاب آليا بواسطة الانفرا، من لا يملك الاثنين لا يمكنه التصويت، ولذلك نسبة عدم النزاهة لا تتجاوز ١ في المائة.

وأضاف أن الحزب الديمقراطي الكردستاني كان لا يعتمد على الحملة الانتخابية، ولكن يعتمد على قائمة الانتخابات، والتي تضم الوفيات الذين صوتوا منذ عام ١٩٩٢، وكان يمكن لأحد من الأحياء أن يصوت بدلاً منهم، ولكن هذه المرة يجب أن يحضر صاحب الصوت بنفسه، والآلة الإلكترونية تطابق بصمة الأصابع وورقة الانتخابات، ولذلك هي انتخابات مهمة جداً، وقد يحدث بها تغيير واضح في المقاعد البرلمانية

وبيّن المتحدث باسم الاتحاد الوطني الكردستاني، إن المتغير الثاني في هذه الانتخابات أن هناك دائرة كومسيون فيدرالية مركزية تدير الانتخابات، ولا يمكن الاعتماد على هيئة لإدارة الانتخابات غير الإدارة الفيدرالية، مشيرا إلى أن في الانتخابات السابقة كانت إدارة محلية كانت من تشرف على هذه الانتخابات

ويقول بوزان كرعو، المحلل السياسي الكردي في تصريح خاص لوكالة فرات للأنباء (ANF)، إنه مع اقتراب موعد الانتخابات البرلمانية في إقليم كردستان، تتزايد المخاوف من أن المنافسة المحتدمة بين الحزبين الرئيسيين، الحزب الديمقراطي الكردستاني (PDK) والاتحاد الوطني الكردستاني (PUK)، قد تدفع الإقليم نحو حالة من عدم الاستقرار السياسي التي قد تؤثر سلباً على حلم الشعب الكردي في إقليم مزدهر ومستقر.

وأضاف، أن إقليم كردستان العراق يخضع منذ ثلاثة عقود لوجود حكم مشترك بين الحزبين الأكبر في الساحة الكردية، الديمقراطي الكردستاني بقيادة مسعود البارزاني، والاتحاد الوطني الكردستاني الذي أسسه جلال طالباني، رغم التعاون الظاهر بين الحزبين في بعض الفترات، فإن خلف هذا التعاون تتوارى منافسة شديدة وشكوك متبادلة.

ملفات تؤثر في التصويت

يشهد الإقليم عدد من الأزمات التي ستؤثر في التصويت خلال الانتخابات، على رأسها العلاقة بين هولير وبغداد، وأثرها على رواتب موظفي الإقليم التي تمس شريحة واسعة من الشارع الانتخابي، وقضية تصدير النفط من حقول الإقليم بعد عام 2014 عبر أنبوب جيهان نحو تركيا دون الرجوع لشركة تسويق النفط العراقية "سومو"، ما أدى لتوقف تصدير النفط وإيراداته.

وأشار بيرة إلى أن هناك إشارات كبيرة تظهر احتمالية تقدم حزب الاتحاد الوطني الكردستاني خلال الانتخابات القادمة، خاصة بعد تقدم الحزب في انتخابات مجالس المحافظات العراقية، حيث فاز الاتحاد في محافظات كركوك والموصل وديالى وصلاح الدين، حيث حصل حزب الاتحاد على ٦ مقاعد في محافظة كركوك مقابل مقعدين للحزب الديمقراطي الكردستاني، وفي محافظة نينوى خسر الحزب الديمقراطي الكردستاني خمس مقاعد من أصل ٩ مقاعد حصدها خلال الانتخابات السابقة، وفي كل من محافظتي صلاح الدين وديالى حصل حزب الإتحاد الوطني الكردستاني على مقعد واحد بينما لم يحصل الحزب الديموقراطي الكردستاني على أي مقعد.

وحول تلك الأزمات يقول الناطق باسم الاتحاد الوطني الكردستاني، أن هناك مشكلة كبيرة بين الحكومة الفيدرالية وحكومة الإقليم، رغم أن الإقليم جزء من العراق، وهو إقليم ذات صفة قانونية فيدرالية، وحزب الاتحاد الوطني ملتزم بالقوانين للفيدرالية، ولكن الحزب الديمقراطي الكردستاني لا يلتزم بتلك القوانين إلا بعد حدوث مشاكل كبيرة.

وعدد بيرة بعض من تلك المشكلات والتي كان أبرزها أزمة الرواتب، والتي قررت الدولة صرفها عبر حساب مصرفي للمواطن. وذلك عبر فتح حسابات في فروع البنوك الفيدرالية، ولكن هناك محاولة من الحزب الديمقراطي الكردستاني أن تكون تلك الرواتب عبر بنك أهلي يتبع لرموز الحزب.

وأشار "كرعو"، إلى أن المنافسة بدأت تأخذ منحى أكثر خطورة مع اقتراب الانتخابات البرلمانية المقبلة، حيث يبدو أن كلا الطرفين يسعى لتعزيز سيطرته على المؤسسات السيادية في الإقليم، مبيناً أنه في السنوات الأخيرة، اتخذ الاتحاد الوطني الكردستاني مواقف أكثر جرأة، متطلعاً لاستعادة ما يراه حقوقه الضائعة في الحكم.

وأوضح المحلل السياسي الكردي، أن الاتحاد الوطني الذي يشعر بأنه فقد زمام المبادرة السياسية أمام الديمقراطي الكردستاني في السنوات الأخيرة، يبدو عازماً على استخدام كل الوسائل المتاحة لتحقيق نصر سياسي يعيد له دوره القيادي، ويعتقد الكثيرون أن الحزب يسعى للاستفادة من أزمات الديمقراطي الكردستاني واستغلال علاقاته مع تركيا التي حولت الاقليم الى قاعدة خلفية للأمن القومي التركي، وأزمة الرواتب مع الحكومة الفيدرالية، لإقناع الناخبين الكرد بقدرته على تحسين الأوضاع في الإقليم.

ولم يغفل المحلل السياسي الكردي، أنه يظل الحزب الديمقراطي الكردستاني ملتزماً بالدفاع عن مواقعه المكتسبة عبر السنوات، خاصة وأن الحزب يتمتع بقوة اقتصادية وعسكرية، بالإضافة إلى نفوذ واسع في مناطق رئيسية من الإقليم، مثل هولير ودهوك.

العلاقات الخارجية

تشهد علاقة الإقليم مع الجارتين إيران وتركيا تقلبات وعلاقات متباينة بين الحزب الديمقراطي الكردستاني وحزب الاتحاد الوطني الكردستاني، تتعلق ببعض الحركات المسلحة التي يحتضنها الإقليم، ويتعرض للقصف بين فترة وأخرى بسببها، خاصة حملة الإبادة التي يقودها جيش الاحتلال التركي والتوغل ووضع ارتكازات عسكرية في محافظات مثل دهوك.

ولفت الناطق باسم حزب الاتحاد الوطني الكردستاني، أن هناك مشاكل تتعلق بالحدود والدول المجاورة للإقليم مثل تركيا وإيران وسوريا، وهي من الصلاحيات الحصرية للحكومة الفيدرالية، مشيرا إلى أن المناطق التي يوجد فيها حزب الاتحاد الوطني الكردستاني لا يوجد بها جندي أجنبي واحد، ولا خلية واحدة لداعش، ولكن في مناطق الحزب الديمقراطي الكردستاني توجد مقرات للجيش التركي، ووحدات لداعش.

وشدد بيرة في ختام تصريحاته لوكالة فرات للأنباء (ANF)، أن المناصب السيادية في حكومة كردستان العراق موزعة بحسب الاستحقاقات الانتخابية على الأطراف السياسية، متوقعاً تغيير في تلك المناصب.

بينما يرى "كرعو"، أنه من المتوقع في حالة فوز الاتحاد الوطني بأغلبية المقاعد البرلمانية، أن يرفض الديمقراطي الكردستاني التخلي عن المناصب السيادية بسهولة، حيث يمكن أن يشمل هذا الرفض تعطيل عمليات تشكيل الحكومة أو حتى استخدام الموارد الاقتصادية والإدارية للحفاظ على سيطرته، مشيراً إلى أن هناك مخاوف جدية من دخول إقليم كردستان في "نفق مظلم "، حيث من الممكن أن يؤدي النزاع بين الحزبين إلى تفكك النظام السياسي الكردي أو حتى إلى مواجهات عنيفة بين أنصار الطرفين، كما أن ضعف الاستقرار السياسي قد يدفع المجتمع الدولي إلى الابتعاد عن دعم الإقليم، ما يزيد من تعقيد الأزمة الاقتصادية التي يعاني منها الإقليم بالفعل.