في عيد المرأة... التجربة الكردية ركيزة انطلاق الثورة النسوية
حققت المرأة العديد من النجاحات في الشرق الأوسط على كل الأصعدة، نتيجة بروز نماذج نسوية ملهمة صارت نبراساً يضيء الطريق للنساء نحو الحريات والحقوق.
حققت المرأة العديد من النجاحات في الشرق الأوسط على كل الأصعدة، نتيجة بروز نماذج نسوية ملهمة صارت نبراساً يضيء الطريق للنساء نحو الحريات والحقوق.
أحرزت المرأة في الشرق الأوسط الكثير من الأهداف خلال الأعوام القليلة الماضية، سواءً على المستوى المادي الملموس من زاوية الوصول للمناصب والمزيد من المقاعد التشريعية والنيابية كبداية وخطوة على مسار التمكين السياسي إلى جانب تراجع معدلات التسرُّب من التعليم وتشريع قوانين مناهضة لزواج القاصرات وعمليات تشويه الأعضاء التناسلية الأنثوية، ورغم تزايد حدة العنف خاصةً الزوجي والأسري بحق النساء إلا أن الضغوط التي مُورست على الحكومات بشأن توفير مجتمعات آمنة للنساء حققت بعض المكاسب حتى وإن كانت بطيئة ولكنها خلقت تغييرا حقيقيا علي المستوي الشعبي والإعلامي.
الذهنية الذكورية
زهيدة معمو الإدارية النسائية في مؤسسة «جينولوجيا»، قالت في تصريح لوكالة فرات للأنباء «ANF »، إنّ «8 آذار عيد المرأة العالمي مناسبة مهمة لتسليط الضوء على القضية النسوية وحقوق المرأة في الشرق الأوسط، إلى جانب استعراض نضال المرأة الكردية التي تركت بصمات مهمة في صفحات التاريخ، وعموماً فإن دور المرأة في المجتمعات الشرقية مهم والمرأة في الشرق الأوسط لها دور مهم في المجتمع العربي والكردي وغيرها من المجتمعات، إلا أن هذا الدور يواجه تحديات عدة في العديد من الدول أبرزها هيمنة الذهنية الذكورية على دول المنطقة بما تشمله من ممارسات خارجة أو انتهاكات تؤثر على نهوض المرأة التي لازالت تناضل لنيل حقوقها».
وحول التحديات التي تواجهها المرأة وتمثل عائقاً أمام نضالها وتطور وعيها الفكري والأيديولوجي، أكدت «معمو»، أنّ المرأة تعاني من الممارسات المجتمعية التي تتمثل في العادات والتقاليد ودائماً ما تحاول كسرها لتخطو خطوات مهمة نحو الحريات والحقوق فضلاً عن تحقيق إنجازات كبيرة في مجال العمل والسياسة، الأمر الذي عظّم من دورها في الثورات التي شهدتها المنطقة على مدار السنوات الماضية والتي عكست قوة الثورة النسوية وامتداد تأثيرها على المجتمعات المحيطة، وأكبر نموذج هو المرأة الكردية وثورتها النسائية في «روج آفا»، التي انطلقت من إقليم شمال وشرق سوريا لترسم ملامح نضال المرأة الكردية والتجارب النسائية الملهمة التي يجب أن تنطلق منها ثورة المرأة في كل الأرجاء .
تجربة الإدارة الذاتية
فاتن محمد الكاتبة الصحفية المتخصصة في الشأن النسوي، أكدت في تصريح لوكالة فرات للأنباء «ANF »، أنّ «المرأة الكردية جسدت نموذجاً رائعاً للنضال والصلابة في مواجهة الاحتلال، واستطاعت أن تبني لنفسها عقلية واعية مكّنتها من الاستقلال وفهم أهمية دورها كمواطنة وزوجة وأم، كما نجحت في تطبيق مبادئ الحياة التشاركية التي تعلمتها على يد المناضل القائد عبدالله أوجلان وحملت السلاح وواجهت الاحتلال وعنف داعش بكل شجاعة حتى حرّرت مناطقها في إقليم شمال وشرق سوريا، وهذا الوعي والمكتسبات التي تحققت دفعت ثمنها المرأة من أرواح الرفيقات وعلى رأسهن المناضلات «ساكينة جانسيز وفيدان دوغان وليلى شايلمز»، عضوات حزب العمال الكردستاني اللاتي تعرضن للاغتيال في العاصمة الفرنسية باريس».
وكان من ثمار نضال المرأة الكردية تأسيس الحياة التشاركية والإدارة الذاتية حتى أصبحت التجربة نموذج رائع تقتدي به النساء في الشرق الأوسط ليؤكدنَ قدرتهن على الوصول للمناصب السياسية، كما مثلت قرية «جن وار»، التي استطاعت نساءها أن تبني حياة كاملة لهن بعيداً عن الرجال، تجربة فريدة وملهمة لنساء المنطقة اللاتي وقفن أمام تجربة الإدارة الذاتية وقرية "جن وار" تحلمن بتحقيق هذا النموذج، تزامناً مع جهود مكثفة على الصعيدين الإعلامي والدرامي الذي نتج عنه إنتاج بعض الأعمال التي تناقش قضايا النساء بشكل واعي كما زاد الاهتمام باللغة الحساسة و المستجيبة للنوع الاجتماعي.
الواقع والتحديات
ورغم النجاحات التي حققتها المرأة إلا أنها لازالت تواجه تحديات عدة أبرزها العنف الأسري والمجتمعي دون أن تقتصر التحديات على الحقوق الاجتماعية وحدها ولكن قد ينتج عنها حرمان من التعليم والعمل وحق التنقل والسفر وفرص التقدم في الحياة المهنية، وهذا العنف ناتج عن تمييز في القوانين ضد النساء تمنح للأسرة أو الزوج الحق في تعنيفها بدعوى التأديب، وبالتالي فإن فرص الإفلات من العقوبة وغياب العدالة الناجزة يمنح المجتمع المزيد من التصالح مع هذا العنف، وكذلك غياب العدالة في العمل واللوائح المنظمة للأجور التي تجرم التمييز على أساس النوع مع قواعد صارمة للحماية من التحرش سواء في العمل أو الحياة العامة، ومازالت هناك مطالب تتعلق بتمكين حقيقي للنساء في السلطات التشريعية وجهات إنفاذ القانون ولعل أصعب تحدي بات يواجه النساء في الشرق الأوسط هو التطرف المناخي وكذلك الحروب والنزاعات المسلحة التي عادةً ما تدفع النساء ثمنها من تهجير ولجوء وفقدان عوائلهن ومواردها الاقتصادية وتحويلها لفريسة يسهل استغلالها في ظل موقف ضعيف للمجتمع الدولي.