لقد أولى قائد الشعب الكردي عبد الله أوجلان أهمية كبيرة لحرب الشعب الثورية في مرحلة بداية انطلاق النضال والمراحل الصعبة التي مرت به والنتائج التي يجب تحقيقها.
تجربة حزب العمال الكردستاني لحرب الشعب الثورية ونتائجها
أجرى القائد أوجلان تقييماً من هذا النوع فيما يتعلق بالضغوط والصعوبات التي واجهها عندما تم الإقدام على خطوة من أنقرة: "عندما اتحدث عن الضغوط والصعوبات، فإن نيتي ليست بصدد الحديث عن القوة المفرطة والمغرورة، لأنه بسبب استقلالية الفاشية، مهما يكن الانخرط هنالك صعباً، فإن الخروج منها أيضاً صعب بذات القدر، فبأي روح وثقافة تم اتخاذ الخطوة، لقد كان هذا الأمر مهماً للغاية، وإن حزب العمال الكردستاني في سنوات البسعينيات كان حزباً إيديولوجياً في كردستان وتركيا، وكان قد تبنى إيديولوجية الدولة القومية الاشتراكية البنيوية، ولقد خلق حزب العمال الكردستاني ذو الفكر الأيديولوجي، على الرغم من أسسه الأيديولوجية غير الواضحة، أملاً كافياً لدى الناس في حياة حرة، ولو لم نكن قد أخذنا الحرب بعين الاعتبار، لما كنا حصلنا على أي حرية، ناهيك على الحياة الحرة، لما كنا تمكنا من الحصول هويتنا، وبالنتيجة، على الرغم من أن الأمر كان محفوفاً بالمخاطر، فقد حصلنا على الهوية الكردية، لذلك انخرطنا ضمن معركة حرية الهوية، فوجوده وهويته تتعرض للإنكار وتمارس على باقي الأجزاء المتبقية منه مرحلة قوية من الإبادة، وفي وضع من هذا النوع، يصبح الوجود والحرية مفهومين متشابكين، حيث لا يتحقق أي منهما بدون الآخر، فإن كنت تريد الحرية ، فيجب أن يكون لك وجود، وإن كنت تريد الوجود، فيجب ان تكون ناجحاً في مجال تحقيق الحرية، ومن الواضح أن النضال من خلال الأساليب والأدوات ضد أساليب نظام المحو والإنكار، ولو بطريقة مختلفة، يكسر نفوذها، ويكون شرطاً لتحقيق الوجود والهوية والحرية معاً."
لو لم تكن حرب الشعب الثورية لما تحققت الحرية ولا الهوية
وتحدث القائد عن بدايات حرب الشعب الثورية وعن ضرورة حتميتها، واستعرض ذلك من خلال هذا التقييم: "لم يكن لدينا شك في الحاجة إلى حرب الشعب الثورية، وجرت مرحلة من هذا النوع، حيث لم يكن المرء قادراً على الحديث عن الهوية، ولا الحديث عن الحرية، وقد كانت كردستان قطعة أرض أو بلد تم احتلالها في السابق، ولا يغيب عن النظر في وضع من هذا النوع، إذا كان لديك أدنى إرادة، يمكنك أن تحمي نفسك من خلال أساليب قوية، وقد اضطر حزب العمال الكردستاني بطريقة ما على تنظيم نفسه كقوة، وفي حالة معاكسة لما كان تمكن من الصمود ولو ليوم واحد، ولو بقي صامداً، فلن يكون له أي اختلاف عن القوى الأخرى ولكان تم تصفيته والقضاء عليه، ففي حرب الشعب الكلاسيكية، حتى لو لم تتواجد فيها تكتيكات الكريلا العادية، فسوف يتم إجبار هذا الجيش، حيث أكدت الأحداث السابقة ذلك الأمر، وقد كانت الشروط والظروف مهيأة لتطوير حرب الشعب سواءً في مجال إقامة العلاقات الاستراتيجية، ولا سيما في مجال تقديم الدعم التكتيكي للوجستيك والتدريب.
حرب الشعب الثورية والتحالف
بدون أدنى شك، هنالك العديد من المجموعات والأشخاص العصاميين من تقليد الشعب التركي التي تسمي نفسها باليساريين ضمن نضال الحرية والهوية الأممية لحزب العمال الكردستاني، وشغلوا مكانهم ضمن ذلك، و تضامنوا واتحدوا مع حزب العمال الكردستاني، وفي مقدمتهم كمال بير وحقي قرار، حيث شارك العديد من الرفاق والرفيقات من أصول تركية في الصفوف الأمامية للنضال كأهم كوادر حزب العمال الكردستاني حتى الوصول إلى مرتبة الشهادة، ومازال يوجد ضمن صفوف حزب العمال الكردستاني أيضاً العديد من أمثال هؤلاء الرفاق والرفيقات، حيث لم تكن تنمية الصداقات الهادفة وتحقيق التضامن بين جميع قوى الشعب الاجتماعية فقط بين الكرد والأتراك، والقوى الاشتراكية والديمقراطية، بل كانت هناك حاجة لذاكرة تاريخية واجتماعية صحيحة قبل كل شيء.
حرب الشعب الثورية فتحت الطريق أمام الأمة الديمقراطية
إن أحد أهم نتائج تجربة حرب الشعب الثورية التي يقودها حزب العمال الكردستاني، هو أنها مهدت الطريق لحقيقة الأمة الديمقراطية، ولقد قدنا الحرب من خلال قوى الشعب، وسواءً كانت إقطاعية أو برجوازية، كانت هناك حدود بيننا وبين الطبقة العليا، فخطواتنا وتوجهنا نحو الجانب الوطني لم يفرض حكمه على مفهوم حرب الشعب، وبدلاً من القومية البرجوازية، تشكل بشكل تدريجي مفهوم مثل أممية الشعب، ولقد جعلت فئة الأمة الديمقراطية نموذجاً بديلاً من الناحية الطبقية ومن ناحية حل القضية الوطنية، وقد جعلت الأمة الديمقراطية من الحداثة الديمقراطية أهم عنصر.
وأصبحت الحدود بين الكرد في الأجزاء الأربعة غير مجدية من خلال بناء الأمة الديمقراطية، فالحدود هي بالنسبة للدول القومية كل شيء، لكنها تُعتبر لا شيء بالنسبة للأمة الديمقراطية، فالأمة الديمقراطية تُعتبر في ذهنية الشعب كأهم ثورة تم بناؤها في الذاكرة، كما تُعتبر الإدارة الذاتية الديمقراطية أيضاً كأهم ثورة تم بناءها من خلال نموها في كل جزء.
حرب الشعب الثورية وخلق المناضلين لدى الكرد
على الرغم من ذلك أيضاً، لقد جعلنا من الحياة والمقاومة أساساً بالنسبة لأنفسنا، وعلى الرغم من أن كردستان العراق اكتسبت اعترافها الفيدرالي من خلالنا، إلا أن حربهم ضد قواتنا في تلك المنطقة لم تستطع تصفيتنا والقضاء علينا، والعكس من ذلك انتشرنا في جميع أرجاء جنوب كردستان، ولقد سد الجيش التركي الطريق أمام النصر العسكري من الناحية الاستراتيجية، لكنه كان قد تلقى ضربة استراتيجية لأنه مهد الطريق أمام كردستان الفيدرالية، وعلى الرغم من أن حزب العمال الكردستاني فقد النصر العسكري الاستراتيجي الذي اتيح له، إلا أنه حافظ إلى حد كبير على قوته العسكرية والسياسية، وكان قد تم الاعتراف به على الصعيد الدولي وتمركز في العديد من الدول وأصبح بطريقة ما من المستحيل أن يغادرها مرة أخرى، حيث كسب دور الحزب القيادي في كردستان إيران وعراق وسوريا، وحصل على دعم غالبية الكرد في أوروبا ووصل إلى درجة إقامة ممثليات في العديد من دول البلقان والقوقاز وآسيا الوسطى، وعلى الرغم من سد الطريق أمام تحقيق النصر العسكري لحزب العمال الكردستاني، فهذا لم يكن يعني بأن تقدمه وتحقيقه للنصر قد انتهى، بل على العكس من ذلك، لم يتمكنوا من منعه في امتلاك تلك القدرة لخوض التجربة في أي وقت، وفي القدرة على اتخاذ المبادرة بالانخراط في مراحل أكبر واكتساب قوة هذه الإمكانات."