انتفاضة قامشلو الشعاع الذي وصل نوره لجميع المدن السورية - 1

مضى 18 عاماً على مجزرة قامشلو التي ارتكبها النظام البعثي في 12 آذار 2004، حيث أكد الشاهد على الانتفاضة التي وحدت الشعب الكردي، حمدين نبي، ان الانتفاضة انطلقت في قامشلو لكن صداها وصلت لعفرين.

في 12 آذار 2004، ثار أهالي قامشلو على حكومة دمشق عقب مباراة كرة قدم بين الفريقين الفتوة والجهاد، وبالرغم من مرور 18 عاما على انطلاق هذه الانتفاضة، الا ان ألم المجزرة التي ارتكبتها حكومة دمشق ما يزال مغروساً في نفس كل كردي.

عندما بدأت المباراة في مدينة قامشلو بين فريقي الفتوة من دير الزور والجهاد من قامشلو, ردد البعض وخاصة من عينتهم حكومة دمشق, شعارات تحيي الديكتاتور العراقي صدام حسين وضد الشعب الكردي, وحينها اعرب الشعب الكردي في قامشلو عن غضبهم حيال تلك الشعارات, وعلى اثره هاجمت مجموعة العنصريين الذين كانوا قد جهزوا أنفسهم, أهالي قامشلو بالسكاكين والحجارة والسلاح, وبدورها قامت شرطة وجنود النظام البعثي بمهاجمة أهالي قامشلو بدلاً من إيقاف أولئك العنصريين, ونتيجة إطلاق الرصاص استشهد تسعة مدنيين بينهم طفلان, وسار سكان قامشلو إلى ملعب المباراة بعد سماع الواقعة, لكن هذه المرة، وبناءً على أوامر من محافظ مدينة الحسكة، سليم كبول  أطلقت الشرطة النار على المحتجين, وانتفض الكرد في مناطق روج افا ودمشق ومدن سورية أخرى, واستشهد خلال الانتفاضة التي استمرت 36 يوماً 50 كردياً ، واصيب مئات آخرين.

الانتفاضة الكبرى

نظم الكردستانيون انتفاضة واسعة النطاق في 13 آذار في مدينة قامشلو, حيث تجمع الالاف من الأهالي أمام مسجد قامشلو وعقدوا مسيرة حاشدة لمواراة الشهداء، كما شارك أهالي عامودا وتربسبيه أيضا في الانتفاضة، ونظراً لأن حكومة دمشق منعت حركة المرور، اضطر معظم الناس في هذه المناطق إلى السير حتى مدينة قامشلو، وحينها فر عناصر النظام البعثي من مراكزهم بسبب الغضب الشعبي العام، وعلى اثره أقدم النظام البعثي بإطلاق الرصاص على المنتفضين المدنيين، وبدورهم تخلى ممثلو المجلس الوطني الكردي السوري (ENKS) الذي ينظم نفسه الآن تحت مظلة الحزب الديمقراطي الكردستاني من حزب (PDK)، عن جثامين الشهداء ولاذوا بالفرار, وقام المتظاهرين من أهالي قامشلو والنواحي المحيطة بها  الذين وصل عددهم 600 ألف شخص بحمل جثامين الشهداء على أكتفاهم وساروا بهم صوب المزار ليواروا الثرى.

كافة الشعوب في روج آفا انتفضوا ضد النظام الشوفيني

وانتفض الشعب الكردي في كافة مناطق روج افا, في مدينة قامشلو وديرك وعامودا والحسكة وكوباني وعفرين والأحياء الكردية في الرقة وحلب, وكما اندلعت الانتفاضة الكردية لأول مرة في 13 آذار في العاصمة السورية دمشق, لذلك قامت القوات المسلحة للنظام البعثي بإطلاق الرصاص وبشكل كثيف على الشعب الكردي وارتكاب المجازر ردا على الانتفاضة الشعبية المطالبة بوقف المجازر وإطلاق سراح الأسرى وحقوقهم الشرعية، مما اثار غضب الشعب الكردي، وقاموا بهدم تماثيل الرئيس السوري حينها حافظ الأسد في الدرباسية وعامودا، وفي كوباني قاموا بمحاصرة المراكز الحكومية رداً على الهجمات الأخيرة للنظام البعثي.

وفي هذا السياق تحدث حمدين نبي أحد الشاهدين على الاحداث التي جرت في ملعب قامشلو حيث قال:

"قام أنصار فريق الفتوة لكرة القدم من دير الزور الذين أتوا لافتعال المشاكل وأعمال التخريب، بمهاجمتنا بالسكاكين والحجارة وحاولوا بكل السبل قتلنا، كما هتفوا بكلمات لا أخلاقية بحق السياسيين الكرد، ومسؤولو النظام   كانوا فقط يشاهدون الهجوم ولم يقوموا بإيقافهم، لذلك أصيب بعض الأشخاص، ثم أطلقت قوات النظام النار على المشجعين الكرد في الملعب".

سليم كبول أعطى الأوامر بإراقة دم الشعب الكردي وهو بنفسه شارك بذلك

وذكر حمدين نبي إنه حوصر في المدرج الذي كان يحوي مشجعي فريق الجهاد قرابة الساعة، وقال: " كنا وسط الزحام، ثم دخل محافظ مدينة الحسكة سليم كبول وأمر قوات النظام السوري بإطلاق النار، كما أطلق بسلاحه الخاص الرصاص على الأهالي، وهاجمت قوات الأسد الأهالي الذين كانوا محاصرين هناك، وأفادت وسائل إعلام موالية للنظام حينها عن مقتل ثلاثة أطفال بالدهس، لكن كانوا ستة اشخاص قد استشهدوا".   

قمنا بنقل شهدائنا بالرغم من العقبات

وذكر حمدين نبي أن بعض السياسيين الكرد أرادوا منع دفن الشهداء، لكن الشعب الكردي لم يقبل ذلك ورغم كل العراقيل نقل جثامين الشهداء إلى مثواهم الاخير وقال: "نقل أهالي قامشلو شهداءهم إلى مسجد قاسملو ومن ثم أرادوا مواراتهم الثرى، وكان قد انتشر قوات الأسد من حي العنترية  ووصولا ًإلى وسط مدينة قامشلو، حيث امتلأت الشوارع والأحياء بجنود النظام البعثي، وبعد أن وصلنا إلى مسجد قاسملو تسلمنا جثامين شهدائنا، لقد سببت المجزرة التي ارتكبت بحق الشعب الكردي آنذاك بآلام كبيرة لنا، لكن بوحدة وتضامن الشعب الكردي وروحه الوطنية أصبحت إرادتنا قوية".

تم سجني لمدة شهر و17 يوما

وأكد نبي أن الانتفاضة انطلقت في قامشلو ووصلت صداها لمدينة عفرين، وإنه قد أُعتقل من قبل النظام خلال الانتفاضة، وقال: "في 13 آذار، تم اعتقال العشرات في غضون يوم واحد، وتم اعتقالي أنا وأخي أيضاً وقضينا لمدة شهراً و17 يوماً في السجن، وكما تم اعتقال أشقائي الثلاثة الآخرين لمدة 9 أشهر في سجن دمشق، الكلمات لا تكفي لوصف ممارسات التعذيب التي خضعنا لها في السجن، تعرضنا للاضطهاد بطرق وأساليب عديدة، واستمر الأمر على هذا النحو لمدة شهر ونصف".

في كل سنة تقام مباريات كرة القدم

أكد حمدين نبي، ان مناطق شمال وشرق سوريا تتمتع بنموذج الديمقراطية واخوة الشعوب اليوم وتقام مباريات كرة القدم كل عام في 12 آذار بين فريقي دير الزور وقامشلو وقال: "مشروع أخوة الشعوب تم تنفيذه في شمال وشرق سوريا، حيث الكرد والعرب والسريان والتركمان والشركس يعيشون كأخوة تحت مظلة الإدارة الذاتية".

يتم استذكار الشهداء في كل عام

أعادت الإدارة الذاتية في شمال وشرق سوريا تسمية الملعب الذي ارتكب فيها النظام السوري المجزرة بـ "ملعب شهداء 12 آذار"، حيث أصبحت انتفاضة 12 آذار 2004 في مدينة قامشلو أساس ثورة روج آفا في 19 تمور.

ومنذ عام 2005 يشعل أهالي قامشلو الشموع في مساء يوم 11 آذار من كل عام، ويستذكرون شهداء الانتفاضة في 12 آذار من كل عام بدقيقة صمت في تمام الساعة (11:00) إجلالا واحتراما لأرواحهم الطاهرة.