مع اقتراب موعد الإحصاء العام المقرر إجراؤه في 20 نوفمبر في العراق، تتزايد المخاوف في الأوساط الكردية بمحافظة كركوك، خصوصًا في ظل استمرار الخلافات حول المناطق المتنازع عليها بين الحكومة المركزية وإقليم كردستان. وتأتي هذه المخاوف على خلفية وجود عدد كبير من المواطنين العرب الذين تم توطينهم في المنطقة خلال السنوات الماضية، في الوقت الذي لا يزال العديد من المواطنين الكرد المنحدرين من كركوك يعيشون في محافظات إقليم كردستان ولا يستطيعون العودة إلى مدينتهم.
في السياق تحدث دلشاد هساري سكرتير مكتب الحزب الشيوعي في كركوك لوكالة روج نيوز مشددا على ضرورة حماية هوية كركوك الوطنية.
وقال دلشاد هساري أنهم “كأحزاب كردية عقدوا عددا من الاجتماعات بخصوص الإحصاء، وقال” كان يستوجب في البداية مناقشة المادة 140 من القانون، واتخاذ خطوات بخصوص وضع كركوك، من ثم البدء في الإحصاء، حيث تم جلب 58 ألف مواطن من المكون العربي من المناطق الأخرى من العراق إلى كركوك، مع وجود عدد كبير من مواطني المدينة في محافظات أخرى من إقليم كردستان، لم يعودوا بعد، مما يشكل تهديدا وخطورة كبيرة على الهوية الكردية في كركوك، وفق المادة 140 يجب تسجيل قيود المواطنين في مكان تواجدهم”.
كما أبدى دلشاد هساري استيائه من النواب الكرد في البرلمان العراقي، وبرلمان إقليم كردستان، بسبب إهمالهم في تحمل مسؤولياتهم تجاه المناطق الكردية.
وأكد دلشاد هساري أن “الأطراف الكردية في كركوك تؤكد على الهوية الكردية للمحافظة، وأبدى تخوفه من تكرار المشاكل التي ظهرت في الإحصاء الماضي، منوها أنه في حال إجراء الإحصاء وفق الظروف الراهنة سيكون المكون العربي هو الأكثرية في المحافظة، والحكومة العراقية تصر على إجراء الإحصاء لمنع استعادة هوية كركوك الوطنية”.
وفي النهاية شدد دلشاد هساري على “ضرورة عودة جميع سكان كركوك إلى مدينتهم، وتسجيل قيودهم وهويتهم في الإحصاء العام المراد البدء فيه، وتحمل مسؤولياتهم الوطنية تجاه كردية محافظة كركوك، وإثبات وجودهم في مشروع الإحصاء”.
الخلافات المستمرة حول كركوك وتأثيرها على الإحصاء
كركوك تعد واحدة من أبرز المناطق المتنازع عليها بين الحكومة العراقية وحكومة إقليم كردستان، ويأتي الإحصاء العام ليزيد من حدة هذه الخلافات. وفقاً للقانون العراقي، يتوجب على كل شخص تسجيل قيده في مكان إقامته الحالي خلال الإحصاء، إلا أن هذه القاعدة تثير قلق الكرد الذين هُجّروا أو نزحوا من كركوك ولا يستطيعون العودة إليها.
يعيش الكثير من هؤلاء الكرد في محافظات إقليم كردستان منذ فترة طويلة، وهم يخشون أن تؤدي نتائج الإحصاء إلى تقليص حصتهم السكانية في كركوك، مما قد يؤثر على التوازن الديموغرافي والسياسي في المحافظة. في المقابل، هناك مخاوف من أن يؤدي تسجيل السكان العرب الذين تم توطينهم في كركوك إلى تعزيز سيطرة الحكومة المركزية على المحافظة وتغيير طابعها القومي.
المخاوف الكردية: الديموغرافيا والسياسة
التغير الديموغرافي الذي شهدته كركوك خلال العقود الماضية لا يزال يُعد قضية حساسة للكرد. إذ يعتبر الكثير من الكرد أن السياسات السابقة التي اتبعتها الحكومات المتعاقبة في بغداد هدفت إلى تغيير الطابع السكاني للمدينة لصالح العرب. ومع عدم قدرة الكرد الذين يعيشون في إقليم كردستان على العودة إلى كركوك، يخشى البعض أن يتم استبعادهم من الإحصاء، مما قد يقلل من حجم تمثيلهم السياسي والإداري في المحافظة.
وتعتبر مسألة الإحصاء العام مسألة مصيرية بالنسبة للسياسيين الكرد، حيث قد يؤثر التعداد السكاني بشكل كبير على توزيع الموارد والنفوذ في كركوك. ويرى كثيرون أن نتائج الإحصاء قد تكون أداة لتعزيز سيطرة جهة معينة على حساب الأخرى.
الحكومة العراقية والإجراءات الرسمية
في الوقت الذي تؤكد فيه الحكومة العراقية أن الإحصاء سيجري بشفافية وبالتنسيق مع جميع الأطراف، يطالب المسؤولون الكرد بضمانات حقيقية تتيح للمواطنين الكرد تسجيل أنفسهم في كركوك رغم إقامتهم في إقليم كردستان. هناك مطالب بتقديم استثناءات تسمح لهؤلاء الأشخاص بتسجيل قيدهم في موطنهم الأصلي حتى وإن لم يكونوا مقيمين فعليًا فيه.
يبقى الإحصاء العام في العراق لعام 2024 حدثًا ذا أهمية كبيرة، خاصة في كركوك، حيث تمثل التركيبة السكانية مسألة بالغة الحساسية. ومع تصاعد المخاوف الكردية بشأن تأثيره على مستقبل المحافظة، ستظل كركوك محورًا للصراع السياسي والديموغرافي، مما يتطلب حلولًا عادلة تضمن حقوق جميع الأطراف وتجنب إشعال التوترات.