بالعودةِ إلى الافتراضيّةِ المُجدولةِ لبلورةِ الرِّياضاتِ المشهورةِ في القاعِ، فنحنُ بصددِ تذكير رياضةَ كمال الأجسامِ كنوعٍ من فنونِ اللياقةِ البدنيّةِ والتناسقيّةِ الفيزيولوجيّةِ، الرِّياضاتُ الكرويّةُ ذاعت صيتها في الأرجاءِ المبعثرةِ للواقعِ الحاليِّ بينَ الفئةِ الشّابةِ والمسنّين، فتدهورت تقميس الفكرة الرِّياضيّة بمنطلقها الواسع ضمن السِّياق المحليّ، بهذا الصّدد؛ حاورت وكالة فرات للأنباء (ANF) مجموعة من المدرّبين والمتدرّبين الرّياضيّين في مركز كمال الأجسام "الرِّياضة أخلاق" بمدينة عامودا.
وعن دورِ رياضةِ كمالِ الأجسامِ في حياةِ الشّبابِ داخلَ المجتمع قاطبةً، قال المدرّبُ والمشرفُ في نادي "الرّياضةُ أخلاقٌ" بمدينةِ عامودا، شيندار حسين محمَّد: "إنّ الرَّياضةَ لا تبقى في إطارِ الجسدِ فقط، بل تتمدَّدُ في تحسينِ القدراتِ العقليّةِ والنَّفسيّةِ للمرءِ على حسبِ الدِّراساتِ العلميّةِ للتخصّصاتِ الرِّياضيّةِ المركزيّة الدّولية، فإن وضعنا عنوانًا واحدًا للرّياضةِ عامةً ولرياضةِ كمال الأجسامِ خاصةً، فسأختار "الحياةُ والصّحّة والفنُّ".
وأوضح شيندار أنَّه يعمل كمدرّبٍ لرياضة كمال الأجسام منذ عام 2011 دون توقّف أو تراجع، فهو ترعرع في بيئةٍ احتضنت الرّياضة لتكون الأخيرة ثمرةً ناضجةً لجميع أفراد الأسرة، والفشل ليس إلّا كلمة دخلت في عقول ضعيفي الإرادة والصّبر، ولا يخلو الأمر من العثرات والشّعور بالإحباط في البداية، ولكن القوَّة والدَّيمومة في العمل الهادف تزرع شعرة الفوز بجدارة، وإنَّ سرَّ تفوّق نتائج رياضة كمال الأجسام هو التّغذية السّليمة والرَّاحة الجسديّة والتَّمارين الصَّحيحة، فالتغذية الرَّئيسيّة السّليمة تغطّي 90% فقط من محفّزات نموّ عضلات الجسد نحو الأفضل، ولتغطّي الرّاحة 5% والرياضة 5% فقط من نسبيّات العمل الرياضي بحسب تعبيره.
السّنُّ المناسبُ للبدءِ برياضةِ كمالِ الأجسامِ، هل من مقايّيس علميّةٍ معتمدةٍ، وكيف يمكننا زيادةَ معدّلات انضمام الشّباب لهذه الفئة الرّياضيّة برأيك؟
في المطلق، لا يتوازن السّنّ مع الرّياضة قط، إنّما يختلف طريقة التحضير لبرنامج رياضي من فئة إلى أخرى بحسب ما جاء في التّخطيط الرّياضيّ العالميّ للموازين الموثوقة في برنامج رياضة الشباب، لا أمانع من ممارسة رياضة كمال الأجسام ابتداءً من سّن الـ 15 إلى ما يطلق بقاطع النّهاية، ولكن كل هذا يُضمر بأُسسٍ وضوابطٍ معيّنةٍ، مثل الحركة المفرطة، الأداء العكسيّ ونظام فائق الجهد المتطوّر، بطابع الحال، علينا أن نراعي الأمراض المزمنة أو العصبيّة أو القلبيّة وألّا نفرط في الحركة لمنع حدوث مضاعفات عصبيّة مزدوجة، فعلى كلّ الشّباب أن يدركوا خضَّ المهنيّة بالاهتمام في الذّات وعدم الاختلاط بين الرّياضة العامة ورياضة كمال الأجسام بمنظورها الواسع.
كثيراً ما نسمع بالتّدريبات والتّمارين المنزليّة، دون مراقبة أو إشراف من المدرّب، هل هذا يعطي نتائجَ مثاليّة بقدرِ ما يُطرح في النّاديِّ الرّياضيّ، وإن كانت الإجابة نعم، ما مدى تلقّي تحدّيات المداومة دون انقطاع أو تقاعس؟
الشفافيّة والسَطع في الكشف عن دلالات اِرتكاب سطوة الأخطاء تبدو غير مقبولة في حقبة معينة من العصر الحاليّ، كمتدرّب دون مشرف يعمل طوال عمره دون نتيجة، أو يأكل كميّات وفيرة من الكربوهيدرات والدّهون بشكلٍ مجاوزٍ وقريصٍ، وذلك بسبب الاستخدام الخاطئ للمعدّات الرّياضيّة والتّغذية غير المنتظمة، هذه من جهة، من جهة أخرى المتدرّب سيشعر بالرتابة والملل جراء التّمارين الجامدة في المنزل، ففي النّادي الرّياضي يشعر بالحسِّ الحماسيِّ مع المتدربين قاطبةً، أمّا لوحده فسيكتفي بأسبوع أو شهرٍ ثمّ يتراجع لعدم توافر مقتضيات المحفزات الواردة النّفسيّة. لذا أنصح الجميع بالتَّوجه إلى النّادي الرّياضيّ لكسب الخبرة والتّعقيب المؤهل لتجميل صورة القفزة الرّياضيّة النّوعيّة بمدننا.
ما الصّعوبات المطروقة أمام قارعة الشّباب وهم في التّدريب؟
في بادرِ الحال، لا يخلو الأمرَ من المأزقِ والمعضّلة ربّما يصيبك نقرًا من الاحباط والتوطئيّة والمغامسة، لكن بمرور الفترة البدائيّة سيمضي ثأر التّعب والكلل والعناء، عندما ندخل للناديّ الرّياضيِّ نشعر بالطاقة الإيجابيّة الجديرة، وسرعان ما يبدأ الفارق الصّادح الانفعاليِّ الرّياضيِّ، والذي يعلم بأنّ الرّياضة الجماعيّة تخلق جوًّا حماسيًّا لتأدية الواجب الرّياضيّ، فهو قد اِمتهن الحرفيّة اللازمة للرّياضة الفعّالة في كمال الأجسام، وعليه أن يستمر في عقبة رياضة كمال الأجسام اِستكمالاً لملحقات الرياضة الجسدية والعقلية العامة.
كلمتك الأخيرة بصدد اِنهاء اللقاء، موجهةً لجميع الفئة الشّابة بشأن رياضة الشَّباب؟
الرِّياضة حياة، فن، علم، دراسة، مهنة، موهبة، ربّما نواة ويجب أن نسقيها بماء الاهتمام والقوض، لا يستسلم إلّا الضعيف، ولا يتراجع إلّا الهزيل، فقط تابع هذه المهنة برحابة الصدر، ولا تجعل للملل مكانةً في حياتك، النهوض إلى حياة الرياضة يعني حياةً خالية من التعب والسقوط.
ومن جهته، أعرب المتدرّب الرياضيّ في نادي "الرياضة أخلاق" بمدينة عامودا "اسماعيل خليل موسى" عن شغفه وحبّه لهذه المهنة وأضاف أنّ منذ دخوله لرياضة كمال الأجسام، لاحظ بعض التغييرات الواضحة في حياته، مثل النّوم والمشي والعمل والقدرة على التفكير السليم، لأنّ الرياضة لا تتعامل مع الجسد فقط، بل تعانق العقل والنفس أيضًا، وعلى كلّ من يرغب في جسمٍ مأمونٍ وسويٍّ، عليه برياضة كمال الأجسام خاصةً، فهي ليست برياضة قاسمة، إنّما رياضةٌ تعتمد على حسٍّ رياضيٍّ فعّال.
ومن جانب أخر، تحدّث المتدرّب محروس بشير أحمد، من مدينة عامودا، وقال أنّ رياضةَ كمال الأجسام تتطلّب مهارة المد العقليّ، وعلى كلّ من يخوض هذه التجربة لا بد أن يتحمّل المصاعب والتحديّات ويترك طابعاً رياضيًّا ذوقيًّا. فالمتدرّبون المبتدئون يقطفون ثمرتهم في بادئ الطريق دون أن تنضج، لذا من الأمر الضروي أن يتجلّون بالصبر المحكم لإرضاء حاجاتهم الرياضيّة، نحن دائمًا على صراط التّردّدية أي بين الموافقة والرفض حسب الحالة المزاجيّة، عندما نشعر بحسن السلوك العقلي، نوافق على الذهاب للنادي الرياضي لإرضاء المتطلبات الهرمونيّة والفيزيولوجية، فمن يرغب بتحسين عمل الجسم، عليه بالرياضة، لتكون مؤنسة دائمة بحوزة الشباب عامةً.