مصر: ثقافة مختلفة للجمهورية الجديدة داخل السجون

استمرارا للسياسة المصرية بفتح أبواب السجون أمام وسائل الإعلام الدولية، نُظمت جولة للصحفيين الأجانب لزيارة مركز الإصلاح والتأهيل بدر، والذي يعمل وفق تشغيل تجريبي، تمهيدًا للتشغيل الرسمي.

نُظمت في مصر جولة للصحفيين الأجانب لزيارة مركز الاصلاح والتأهيل بدر، والذي من المقرر أن يدخُل مرحلة التشغيل الرسمي خلال أسبوعين.

وكان في استقبال الحضور اللواء طارق مرزوق رئيس قطاع الحماية المجتمعية. ويقع المركز على مساحة ٨٥ فدان، مخصص للنزلاء الذين يمضون مدد قصيرة، سيتم غلق عدد ٣ سجون عمومية عقب التشغيل الفعلي للمركز .

ويضم المركز ثلاثة مراكز تأهيل، إضافة إلى مركز طبي عالي المستوى، ومبنى للاستقبال الرئيسي، مجمع للمحاكم ومنشآت خدمية، واستراحات العاملين إضافة إلى مسجد وكنيسة لأداء الشعائر الدينية.

وقال رئيس قطاع الحماية المجتمعية إن مجمع الإصلاح والتأهيل بدر هو نموذج مصغر من مركز وادي النطرون، وهو على وشك التشغيل الرسمي بعد التشغيل التجريبي له الآن.

وأوضح أن المسار الذي يعمل به المركز يتسق والاستراتيجية الوطنية التي أطلقها الرئيس المصري في سبتمبر 2021.

وبدأت الزيارة بتفقد المركز الطبي، وفي شرح مفصل لمكوناته قال المشرف على التجهيزات الطبية بالمركز، المكون من خمسة أدوار إنه مقام على 15 ألف متر مربع، ويضم 175 سرير، إضافة إلى مركز لصحة المرأة يتضمن أحدث الأجهزة من بينها الكشف المبكر على السرطان، عبر أجهزة الماموجرام وموجات صوتية، إضافة إلى جهاز متطور لقياس كثافة العظام وتشخيص الهشاشة في مراحلها الأولى، إضافة إلى حضانتين للأطفال حديثي الولادة والمبتسرين.

كما تضمن المركز أيضا غرفتي عمليات، غرفة إفاقة، وغرفة للغسيل الكلوي تتضمن أربعة أجهزة بواقع تشغيل يومي 16حالة، منها وحدة عزل. كما لم يغفل المركز الطبي علاج الإدمان والتفاعل مع الاضطرابات النفسية المصاحبة لما بعد انسحاب المخدر عبر جلسات نفسية فردية وجماعية.

ويضم المجمع في الجزء المخصص للنساء مبنى للتأهيل والحضانة، ضم عدد من السجينات المحكومات بأحكام عدة، وتشرف عليه نائبة مأمور سجن القناطر.

ويضم الدور الأول معروضات للسجينات نُفذت خلال تواجدهم في السجن، وتنوعت بين المفروشات اليدوية والملابس والمنسوجات وأعمال الكروشيه، كذلك الحُلي المصنوعة من الأحجار الكريمة، هذا إضافة إلى ألوان الأطعمة والمخبوزات وأنواع المخللات وغيرها.

وتُعرض أعمال السجينات في معارض وتُودع مخصصات كل سجينة في الأمانات حتى تُنهي فترة محكوميتها فتخرج وقد اكتسبت مهنة وفي الوقت نفسه باتت قادرة بدء مسار لحياتها.

في نفس المكان غرفة للموسيقى تُقدم نشاط فني للسجينات، بل وتضم كورال منهن قدمن انشاد لأغنية "مولاي صل وسلم.." وأغنية "لو كنا بنحبها"، وعلى بعد خطوات لوحات فنية مرسومة بعناية لفنانة تشكيلية تقضي فترة السجن في قضية أموال عامة، وفي المواجهة قاعة مكتبة تضم بعض من السجينات منهم من نلن مراحل التعليم المختلفة داخل السجن خلال فترة محكوميتهن.

لم تغفل إدارة السجون في المجمع أيضًا الحاضنات وأطفالهن، حيث جهزت للسجينات الحاضنات إقامة خاصة مع أطفالهم حتى سن عامين، يتحول بعدها الطفل إلى أم بديلة داخل السجن حتى وصوله إلى سن أربعة سنوات.

ويؤكد المسؤولون أنهم وفي إطار الحماية المجتمعية يسعون إلى الموائمة بين المعاملة الإنسانية وبين تنفيذ العقوبة كونهم في النهاية جهة تنفيذ قانون.

وفي القسم المخصص لتأهيل الرجال كان الملمح البارز لمبنى الخدمات التعليمية والذي تضمن قاعتان للمحاضرات، كان يُقام في أحدها لقاء مع أحد شيوخ الأزهر الشريف، وفي المكتبة تواجد عدد أكبر من المحكومين، تنوعت اهتماماتهم، بين مسجون منذ 1993 أكمل مراحل التعليم المختلفة وصولا إلى درجة الماجستير، وآخر حصل على الماجستير ويسعى للتسجيل لدرجة الدكتوراه في القانون، وأخير فتح حمل الشوقيات وأشهر صفحاتها على مقدمة الدكتور محمد حسين هيكل، والتي جاءت مع أول جمع للشوقيات، مع أجندة متخمة بقصائد ودواوين شعر مخطوطة، يقول إنه شاعر طبيب يقضي فترة سجن عشر سنوات. 

وفي قسم التأهيل قاعة موسيقى يُشرف عليها أحد أساتذة الموسيقى من كلية التربية الموسيقية، كالحال في القسم النسائي، وخلال الجولة قدموا أغنية "يا أغلى اسم في الوجود، يابلادي" وكلتاهما أغنيتين وطنييتين تستلهم الحماسة الوطنية لدى المصريين، وضم قسم التأهيل ورش مشغولات ولوحات مرسومة، وكذلك ورشة لحام وسباكة و مصنع ملابس تضمن 12 ماكينة خياطة.

واختتمت الجولة بمجمع المحاكم، الذي يأتي ليعبر عن حالة متكاملة لسهولة إجراءات التقاضي، ويضم المجمع أربعة أدوار بقاعات محاكمة مجهزة تجهيز حديث تضم أقفاص للمتهمين مجهزة ومغطاة بزجاج عازل يمنع خروج الصوت حال حاول المتهمين إحداث شغب أو غير ذلك، في حين يبقى لهيئة المحكمة أن تمنح المتهم الذي تستدعيه للحديث إما الحديث من داخل القفص أو إخراجه إلى خارجه للإدلاء بإفادته.

خلال الجولة ملامح مختلفة للمحات فنية وجمالية بدءًا من تصميم المباني والتي رُسمت على جدرانها زهرة اللوتس، بما تُحييه من ذكرى لتاريخ مصر القديمة، وحتى لوحات فنية بدرجات تأثير مختلفة زيّنت طرقات المجمع الطبي في ملمح يدعو للبهجة ويستدعي غرابة وتساؤل حول صور التغيير المُبشر في الدوائر الرسمية التي وصلت بمصر  إلى استحضار التاريخ بمعزوفات وفعاليات ثقافية عالمية كموكب المومياوات واحتفالية طريق الكباش، وكذلك العاصمة الجديدة بكل ملامح نهضتها الجديدة على مستوى العمران والمجمعات الثقافية والإبداعية الجديدة.