هوزان مزكين..إحدى رموز شهداء حركة الثقافة والفن التحررية  

أصبحت الشهيدة هوزان مزكين بفنها ونضالها المسلح، إحدى رموز حركة التحرر الكردية، وفي الوقت نفسه، أشارت حركة التحرر الكردية إليها كرمز من رموز حركة الثقافة والفن التحررية.

وُلدت الشهيدة هوزان مزكين في العام 1962 في قرية بيليدار التابعة لمدينة إيله في شمال كردستان، وعُرفت بصوتها الجبلي الجميل الأصيل.

كانت إيله مركز النضال

لقد كانت مدينة إيله إحدى مراكز النضال بالنسبة لحركة التحرر الكردية، وبدأ العديد من الكوادر القيادية لحزب العمال الكردستاني بالتنظيم هناك، ومن بين هؤلاء الكوادر القيادية، خاض النشاط فيها كل من القيادي حقي قرار، ولاحقاً مظلوم دوغان، وفي غضون فترة قصيرة من الوقت، نظمت كل فئة من فئات المجتمع، وخاصةً الشبان والشابات، أنفسهم ضمن نضال التحرر الكردية، وكان القائد الأسطوري لقفزة 15 آب عكيد (معصوم كوركماز) أحد هؤلاء الشبان، وفي عام 1979 فاز مرشح حركة حزب العمال الكردستاني أديب سولماز في الانتخابات البلدية، ووصل التنظيم في هذه المدينة بهذه الطريقة إلى أعلى المستويات، وبعد مرور 29 يوماً على الانتخابات، تعرض للاغتيال من قِبل قوات الكونترا التابعة للدولة التركية.    

تخوض التدريب في ساحة القائد

هوزان مزكين، التي انضمت إلى التنظيم في سن مبكرة، كسبت مكانتها في قلوب الجميع بصوتها المفعم بالكردياتية الأصيلة، وبالإضافة إلى نشاطها الفني، تنخرط أيضاً في البدء بالتدريب الأيديولوجي للتنظيم وتتلقى التدريب في ساحة القائد.

من أجل تعزيز صوت الحرية في خارج الوطن

وتم إرسالها مع رفيق دربها الفنان هوزان صفقان (جلال أرجان) إلى أوروبا، وكانت المهمة الموكلة لكلا الفنانين الثوريين، هي تنظيم الفنانين الكرد في أوروبا وعلى وجه الخصوص في ألمانيا، وضمهم إلى الثورة لكي يصبحوا صوت حركة الحرية.      

رفيقتي الدرب والثوريتين

عندما يتطرق المرء بالحديث عن غوربت آيدن (هوزان مزكين) فإن لم يأتِ الذكر على رفيقة دربها بنفش آغال (بيريفان)، فسيكون هذا تقصيراً بحد ذاته، لأنه هناك روح رفاقية ونضالية قويتين لدى هاتين الشهيدتين منذ الخطوة الأولى وحتى استشهادهما، وكانت مدينة إيله تحظى بمكانة خاصة في نضال حرية كردستان وكانت في السنوات الأولى، إحدى مراكز أنشطة التنظيم، وكانت كل من بنفش آغال (بيريفان) و غروبت آيدن (هوزان مزكين) من مجموعات دينية مختلفة عن بعضها البعض، وكانتا امرأتين كردتين ثوريتين اللتان وُلدتا في نفس الجغرافيا، وتصادفتا مرات عديدة خلال سنوات الثمانينيات، حيث كانت بنفش آغال قد وُلدت في العام 1966 بقرية بازيوان، التي كانت قرية إيزيدية تابعة لناحية قوبينه في إيله، فيما وُلدت هوزان مزكين في العام 1962 بقرية بليدار، التي كانت قرية مسلمة تقع على بعد مسافة 30 كم من تلك القرية الإيزيدية.   

وكانت بنفش آغال أيضاً قد توجهت إلى أوروبا بعد سنوات قليلة من ذهاب هوزان مزكين، حيث اضطرت أخر العائلات الإيزيدية للرحيل عن ديارها بسبب فاشية انقلاب 12 أيلول، وكانت عائلة آغال قد توجهت نحو ألمانيا، واستقرت غالبية العائلات في مدينة تسيله، ومن بين الثوريين الأوائل للمجتمع الإيزيدي، شغل في تلك الفترة كل من زكي شنكالي وعبدالله سفكات وأحمد أرغين مكانهم ضمن حركة التحرر الكردية، وكانوا يعيشون في المنفى، وانخرطت آغال في قراءة كتب حركة التحرر الكردية وأدركت ماهية الثورة، وشاركت في العام 1984 في المسيرة الطويلة بين هانوفر وبون، والتي كانت إحدى أكثر الفعاليات الجماهيرية تجمعاً في ذلك الوقت، ولاحقاً بعد هذه الفعالية، تنضم إلى صفوف حزب العمال الكردستاني وتبدأ في خوض النضال.

طوّرت فن الثورة

وكانت هوزان مزكين في تلك الفترة تتولى قيادة أنشطة هوناركوم (Hunerkom) وفرقة برخدان، وكانت تجذب الانتباه بصوتها الجميل في احتفالات نوروز و "ليالي الحزب"، ونشأ جيل بأكمله على صوتها وعلى أغاني "جميه هيزيل" و "كوندينو هاوار" و"عكيد" وعلى الأغاني الثورية.   

حملت سلاح بيريفان

يُعتبر عدم ترك سلاح رفيق من الرفاق أو الرفيقات على الأرض ضمن نضال ومقاومة الشعب الكردي، إحدى المورثات الثورية، ولهذا السبب، تخلت هوزان مزكين عن الميكرفون في السنة التي استشهدت فيها بنفش آغال وحملت سلاحها، وهذه المرة، انخرطت هوزان مزكين ضمن الشعب كقائدة لـ جيش التحرير الشعبي الكردستاني ARGK في البداية بمدينة ميردين ومن ثم في آيلات خرزان، ومثل بنفش آغال، عندما كانت منخرطة في القيام بالأنشطة التنظيمية ضمن صفوف الشعب، تعرضت للحصار داخل إحدى البيوت في مدينة تطوان في 11 أيار 1992، واستشهدت برصاصتها الأخيرة لكي لا تقع أسيرة في يد الدولة التركية.   

رمزاً من رموز شهداء حركة الثقافة والفن التحررية

وكانت لجنة الثقافة والفن (TEV-ÇAND) لحزب العمال الكردستاني قد قالت في ذكرى الـ 30 لاستشهاد مزكين ما يلي: "انضمت الرفيقة مزكين لإبلا نضال الحرية في العام 1980، وفي سنها المبكرة تلك، حملت على عاتقها حملاً أكبر من عمرها، وبعد أن مكثت لفترة من الوقت في ساحة القائد، انتقلت في العام 1991 إلى جبال شمال كردستان، وفي الوقت نفسه، واتخذت من نهج وأساليب القائد كأساس لها، وأسست خطها الفني على هذا الأساس من أجل إدراك واقع الاحتلال والعبودية والإبادة الجماعية، وكذلك لإيصال معاناة وأنين شعبها والمرأة الكردية التي بقيت تحت نير  سلطة الرجل واضطهاد الدولة على مدى آلاف السنين، إلى مجتمعها من خلال الفن.

وأصبحت الرفيقة مزكين بموقفها وحياتها ونضالها وثوريتها رمزاً من رموز شهداء حركة الثقافة والفن التحررية، كما تم اختيار وإعلان يوم 11 أيار كـ يوم شهداء حركة الثقافة والفن، الذي يصادف الذكر السنوية لاستشهاد الشهيدة مزكين".    

والجدير بالذكر أنه عندما تم تطويق المنزل الذي كانت تقيم فيه من قِبل جنود دولة الاحتلال التركي في ناحية تطوان ببدليس في شمال كردستان في 11 أيار 1992، أبدت الشهيدة مزكين المقاومة ضدهم واستشهدت في النهاية.