صوتان من أجل حرية الشعب الكردي في منطقة بهدينان
أصبح أياز يوسف و أردوان زاخوي اللذان تم اغتيالهما قبل 37 عاماً، صوتين لا يُمكن نسيانهما بأغانيهما ونضالهما من أجل حرية الشعب الكردي في منطقة بهدينان واحتلا مكانهما في تاريخ كردستان.
أصبح أياز يوسف و أردوان زاخوي اللذان تم اغتيالهما قبل 37 عاماً، صوتين لا يُمكن نسيانهما بأغانيهما ونضالهما من أجل حرية الشعب الكردي في منطقة بهدينان واحتلا مكانهما في تاريخ كردستان.
لقد ترك أردوان زاخوي من خلال أغنيته " Kurdistan barê giran Kurdistan, derdê dilan Kurdistan" وأياز يوسف من خلال أغنيته " Eger dunya hemî gul bin, gulek bi tinê besî min e"، إرثاً لأجيال في الأجزاء الأربعة من كردستان.
وُلد أردوان علي، المعروف باسمه الفني أردوان زاخوي، في عام 1957 في عائلة فقيرة، أردوان زاخوي، الذي لم يكمل تعليمه بسبب الأوضاع المادية لعائلته، بدأ بالموسيقى في سن مبكرة، وفي شبابه، أصبح قائد للمجموعة الموسيقية المعروفة باسم "نوروز" في السبعينيات، ذهب أردوان زاخوي، الذي نجح في إطلاق أول شريط كاسيت له في عام 1978 عن عمر يناهز 21 عاماُ، إلى بغداد وأصبح من أجمل الأصوات التي تبثها الإذاعة في العاصمة العراقية.
عندما كان في راديو بغداد
في عام 1958، بعد الإطاحة بالنظام الملكي في العراق، بدأ النظام الجديد في بث البرامج الكردية على إذاعة بغداد للتأثير على الشعب الكردي، على الرغم من أن البث باللغة الكردية كان تحت التأثير الكبير للقومية البعثية، إلا أن هذه الإذاعة أوجدت فرصة عظيمة لفن جنوب كردستان للوصول إلى كل منزل.
في السنوات التالية، كانت أغاني الفنانين الكرد المشهورين في أجزاء كردستان الأربعة، تبث في إذاعة بغداد، وبعد عام 1980 زاد بث الراديو إلى ساعتين و 45 دقيقة، حيث أصبحت أغاني محمد عارف جزراوي، عيسى برواري، عيشة شان ومحمد شيخو الرئيسية في هذا الراديو.
بالإضافة إلى أردوان زاخوي، في نهاية السبعينيات، توجه فنان آخر من زاخو إلى بغداد وهو أياز يوسف (زاخوي).
ولد يوسف زاخوي واسمه الكامل أياز يوسف أحمد، في عام 1961، بعد تعليمه الابتدائي والثانوي التحق بالمدرسة العسكرية للجيش العراقي ونال رتبة ضابط، في النصف الثاني من السبعينيات، عندما تعرضت حركة الحرية في جنوب كردستان لضربات شديدة، وبدلاً من أن يكون جندياً في الجيش العراقي، بدأ أياز يوسف في البحث عن الموسيقى، وفي عام 1977 تولى القيادة لفرقة موسيقية شكلها تحت اسم " شبيبة دهوك" وأصبحت الأولى في جنوب كردستان وفي العراق بأسره.
سنوات في صفوف البيشمركه
أصدر أياز يوسف، الذي عمل في إذاعة بغداد في نفس الوقت الذي عمل وغنى فيه أردوان زاخوي، أول شريط كاسيت له تحت اسم " Min dît cara ewilî" في عام 1982، وسرعان ما تردد صدى هذا الصوت الشاب البالغ من العمر 21 عاماً في جميع أنحاء كردستان بمقامه وأسلوبه، في العام الذي ارتفع فيه صوت أياز يوسف في إذاعة بغداد وعلى أشرطة الكاسيت، قرر أردوان زاخوي الالتحاق بصفوف البيشمركة في مواجهة ضغوط النظام العراقي.
كان النصف الأول من الثمانينيات هي السنوات التي اندلعت حرب عنيفة بين القوات التي تناضل من أجل حرية جنوب كردستان والجيش العراقي، وكان أردوان زاخوي أحد مقاتلي البيشمركه الذين انسحبوا إلى شرق كردستان، واعتقلته القوات الإيرانية بعد أن ظل في السجن لعدة أشهر، أطلقت سراحه، وبعدها ذهب إلى شمال كردستان إلى منطقة جزير، وبحسب بعض المصادر، فقد اضطر إلى البقاء في جزير لفترة بسبب وجود خطر التعرض للاعتقال في جنوب كردستان.
التقى أردوان زاخوي بكوادر ومقاتلي حزب العمال الكردستاني في منتصف الثمانينيات، عندما كان يتنقل بين الأجزاء الثلاثة من كردستان، تأثر بأعضاء حزب العمال الكردستاني ، الذين لم يعرفوا بعد ويشار إليهم باسم "ثوار كردستان"، وفي أحد شرائطه خاطبهم بعبارة " من جبهات القتال في زاخو تحية لثوار كردستان"، أرسل أردوان هذا الشريط إلى فناني فرقة برخدان المشكلة حديثاً في أوروبا في أوائل الثمانينيات.
تم اغتيالهما في غضون أيام قليلة
عاد أردوان زاخوي إلى زاخو في عام 1985 ولكن اعتقل من قبل القوات العراقية وبعد تعذيب شديد تم الافراج عنه، ومثله، تم استهداف أياز يوسف أيضاً من قبل النظام العراقي.
ومن أجل اسكات وترهيب هذين الفنانين البهدينيين واللذان يغنيان لحرية الشعب الكردي ولكردستان، بدأت الدولة العراقية باستهداف أياز يوسف والذي كان مريضاً بالسل ويتعالج في المشفى العسكري بالموصل، وفي 25 كانون الثاني عام 1986 تم تسميمه من قبل النظام العراقي وبعده بيوم فقد حياته.
ووفقاً لأقوال العائلة، فقد بدأ أياز يوسف بجولة وأجبر على التبرع بالدم لقوات الدولة في كل مدينة زارها، ولهذا فقد تسمم أثناء تبرعه بالدم في المشفى العسكري بالموصل وتوفي في 26 كانون الثاني 1986.
أما بالنسبة لأردوان زاخوي، فقد لجأت قوات الدولة العراقية إلى أسلوب مختلف هذه المرة لإسكاته، ففي 28 كانون الثاني 1986، وهو ذكرى إذاعة بغداد، قالوا لأردوان زاخوي "سنمنحك مكافأة" ودعوه لزيارة بغداد، بعد ظهوره على خشبة المسرح وحصوله على جائزته، اختطفته القوات العراقية من الفندق الذي يقيم فيه ليلة 28-29 كانون الثاني.
ومنذ ذلك الوقت لم ترد عنه أية معلومات ولازال مصيره مجهولاً، وحسب بعض المصادر، أن أردوان زاخوي كان يريد مغادرة البلاد وقد سافر إلى بغداد من أجل الحصول على جواز سفر، ولكنه اعتقل هناك ولأنه لم يقبل الاستسلام تم تصفيته، ودفن جثمانه في مكان لا أحد يعرفه.
تم سرقة اغانيهم وتحويلها إلى اللغة التركية
أعد أياز يوسف خلال 25 عاماً أربعة كاسيتات، وكتب العشرات من الأغاني، أردوان زاخوي كان محظوظاً أكثر، خلال 29 عام، أعد 20 كاسيت، وكتب عشرات الأغاني، كان صوته ومقاماته ذات تأثير كبير، حيث سرق العديد من الفنانون في تركيا وكانوا من أصول كردية الكثير من أغانيه، مثلاً أغنيته التي تحمل عنوان"Nazê Nazo" تم تحويلها إلى اللغة التركية من قبل الفنان عزت آلتنمشه باسم "Nazey" واغنيته " Silavan li min dikî " من قبل إبراهيم تاتليس تحت عنوان"Hiş hişi hançer".
أياز يوسف و أردوان زاخوي اللذين تم تصفيتهما في غضون أيام قليلة، ترعرعوا ضمن المركز الموسيقي في زاخو، في الثمانينات تشبثوا بكردستان، بالرغم من أن المستعمرون قد قطعوا علاقتهما مع الشعب الكردي من الناحية الجسدية، فقد تركا إرثاً للأجيال القادمة في كردستان، اغنية " Hatin hatin " التي أعدها أردوان زاخوي حينما كان مقاتلاً في صفوف قوات الحرية في جبال كردستان بإمكانياته المحدودة، لا تزال بمثابة شعلة في وعي الشعب الكردي بالحرية.