شهدت المواقع الأثرية في سوريا عموماً لتخريب وتدمير وجرف والتنقيب الغير الشرعي ناهيك عن نشاط سوق السوداء للآثار، وذلك إثر الفوضى التي خلفتها الحروب والصراعات في البلاد.
تعد سوريا مهد الحضارات لانتشار 4500 موقع أثري ضمن أراضيها، وتضم في جوفها آثاراً لنحو أربعين حضارة إنسانية.
وبعد تحرير مناطق شمال وشرق سوريا على يد قوات سوريا الديمقراطية، بدأت هيئة الثقافة بلم شتات المواقع الأثرية المنهكة بعد تعرضها لأنواع مختلفة من الأسلحة الثقيلة منها والخفيفة فضلاً عن تدمير العديد منها على يد مرتزقة داعش وتحويل بعض المواقع الأثرية لنقاط عسكرية وسجون وساحات قتال، بينما كانت تحفظ بين جدرانها روايات من التاريخ.
وذكر تقرير نشرته مؤسسة جيردا هنكل والجمعية السورية لحماية الآثار ومقرها باريس، عام 2020، أن أكثر من 40 ألف قطعة أثرية نُهبت من المتاحف والمواقع الأثرية منذ بداية الحرب في آذار ٢٠١١.
ولمعرفة تفاصيل الأعمال التي قامت بها هيئة الثقافة والأثار في الإدارة الذاتية لإعادة تأهيل وترميم المواقع الأثرية في مناطق شمال وشرق وسوريا، التقت وكالتنا بالرئيس المشترك لهيئة الثقافة والآثار في إقليم شمال وشرق سوريا، مرهف الفهد، والذي أكد بأن أعمال الترميم مستمرة رغم الإمكانيات المتاحة، فيما طالب المنظمات الدولية بتكثف الدعم لاستمرار أعمال الترميم.
وتحدث مرهف الفهد حول برنامج هيئة الثقافة لتأهيل وترميم المواقع الأثرية، قائلاً: "مستمرين في تأهيل وترميم وحماية المواقع الأثرية وفق برنامج مدروس من قبل مختصين في المجال الأثري ووفق المعايير العالمية".
ترميم وتأهيل المواقع الأثرية
وأوضح مرهف الفهد أن بعد الحروب والصراعات التي مرت بها البلاد تعرضت المواقع الأثرية لدمار هائل ناهيك عن الجرف والتفجير والانتهاك بحق المواقع الأثرية على يد مرتزقة داعش الإرهابية فضلاً عن تهريب القطع الأثرية إلى الخارج.
وأضاف: "بعد تحرير المنطقة فعّلت هيئة الثقافة مكاتبها في كافة مناطق شمال وشرق سوريا لحماية والحفاظ وترميم المواقع الأثرية، منها ترميم قلعة جعبر وسور الرقة الأُثري، وقلعة نجم، وحمام منبج الأثري، ومواقع أثرية في إقليم الجزيرة وإقليم دير الزور، وأنشأنا غرف في ريف الرقة الغربي في موقع هرقلة الأثري للحفاظ على لوحات فسيفسائية يعود تاريخها لمئات السنين، كما تستمر هيئة الثقافة على متابعة وتوثيق الانتهاكات، وترميم المواقع الأثرية والحفاظ عليها وفق المعاير الدولية والعالمية التي تعمل عليها منظمة اليونسكو".
وتابع مرهف: "وفي الوقت الراهن نعمل على تأهيل سور الرقة الأثري، حيث تعرض السوري لتجاوزات وتخريب، وتفجير أجزاء منه، حيث تم تخصيص فرق مختصة لتأهيل سور الرقة الأثري".
حماية الآثار
وقال مرهف الفهد: "عملنا على تجهيز مراقبون جوالون لرصد كافة المواقع الأثرية في مناطق شمال وشرق سوريا لحمايتها ومنع التعديات عليها، فضلاً عن الاستمرار في عمليات الترميم رغم الإمكانيات المتاحة".
انتهاكات وتجاوزات في المناطق المحتلة
فيما أكد الرئيس المشترك لهيئة الثقافة والآثار في إقليم شمال وشرق سوريا أن المناطق الأثرية في المناطق المحتلة تتعرض للانتهاكات والتجاوزات والجرف على يد المرتزقة، منوهاً على المنظمات المعنية الحفاظ على المواقع الأثرية والتدخل الفوري.
وناشد مرهف الفهد في ختام حديثه كافة الجهات الدولية العاملة في مجال الآثار، لضرورة المساهمة في الحفاظ على إرث الشعوب التراثي والثقافي، وتكثيف الدعم والتنسيق مع الإدارة للاستمرار في ترميم المواقع الأثرية، حيث الإرث الثقافي لمناطق شمال وشرق سوريا جزء من الثقافة العالمية التي تعمل عليها منظمة اليونسكو.
وخلال جولة على المواقع الأُثرية وتحديداُ موقع سور الرقة الأثري الواقع شرقي مدينة الرقة، التقت وكالتنا مع المشرف على تأهيل سور الرقة، أحمد الموسى، المختص في تأهيل المواقع الأثرية، حيث كان مشرف على تأهيل مواقع أثرية عدة منها الرصافة وقلعة جعبر.
وقال أحمد الموسى: "نتيجة تعرض المواقع الأثرية للعوامل الجوية المختلفة ناهيك عن التجاوزات والتخريب على يد مرتزقة داعش، عملنا على تأهيل عدة مواقع أُثرية في الرقة والطبقة منها متحف الرقة الأُثري وقلعة جعبر، وفي الوقت الراهن نعمل على المرحلة الثانية لتأهيل سور الرقة، باستخدام مواد البناء البدائية منها الفخار والطوب".
واختتم، أحمد الموسى حديثه قائلاً: "نأمل من المنظمات الدولية والمعنية بزيادة الدعم لنستطيع استكمال تأهيل وترميم المواقع الأثرية".