حالات الاختفاء القسري باتت جزءاً من الحياة اليومية في تركيا

باتت حالات الاختفاء القسري في تركيا أمراً اعتيادياً منذ محاولة "الانقلاب الفاشلة" التي حدثت في تموز عام 2016.

باتت حالات الاختفاء القسري في تركيا أمراً اعتيادياً منذ محاولة "الانقلاب الفاشلة" التي حدثت في تموز عام 2016.

مصطفى يلماز ، معالج فيزيائي يبلغ من العمر 33 عاما،يعتبر أحد المختفين الذي جرى توقيفه في الأول من تشرين الأول 2018، لاتهامه بالانتماء إلى جماعة غولن. حكم عليه بالسجن لستة أعوام وثلاثة أشهر، ولكن أفرج عنه خلال مرحلة الاستئناف التي لا تزال مستمرة.

بعد نحو 100 يوم من الاحتجاز بسبب تهمة الانتماء إلى "جماعة إرهابية"، استعاد مصطفى يلماز حياته الطبيعية في أنقرة إلى جانب زوجته وابنته. ولكن في 19 شباط الفائت، اختفى أثناء توجهه إلى عمله.

كان ذلك بعد أقل من شهرين على الإفراج عنه. وتشتبه زوجته سمية (27 عاما) بتورط أحد أجهزة الدولة. وتقول في حديث إلى وكالة فرانس برس في صالون منزلهما الذي كانا يتشاركانه منذ زواجهما قبل ثلاثة أعوام، "تخطر أسئلة كثيرة على بالي (...) لماذا لا يتم الإفراج عنه؟ ماذا سيفعلون له؟ الأسوأ، هل هو على قيد الحياة؟".

في صور حصلت عليها من كاميرا مراقبة تابعة لمحل بقالة مجاور، رأت زوجها يتعرض إلى الضرب من رجل في أسفل العمارة حيث يسكنان، قبل أن يحمله آخران وتمر بعد لحظات عربة سوداء.

في البداية، كانت ابنتها ذات العامين تسأل عن والدها وتطالب به. لم يعد الأمر كذلك. تقول بصوت مضطرب "إنها تنسى".

وفي هذا الصدد يقول نائب عن حزب الشعوب الديموقراطي، عمر فاروق غرغرلي أوغلو، يعدد 28 حالة تحت خانة ما يصفه بـ"حالات الاختفاء القسري" المتواصلة منذ محاولة الانقلاب في تموز 2016 على الرئيس رجب طيب أردوغان.

عثر على 25 شخصا من أصل العدد الإجمالي. كلهم على قيد الحياة، ولكن بعضهم وجِد في قلب الجبال وآخرين وجدوا أمام مراكز شرطة.

وغادر عدد من هؤلاء البلاد وفقا لغرغرلي أوغلو، بينما عاد آخرون إلى السجون للاشتباه بصلات لهم بالانقلاب الفاشل. وينقل عن البعض أنهم احتجزوا وتعرضوا للتعذيب.

وأطلقت الحكومة التركية حملات تطهير واسعة بعد محاولة الانقلاب، استهدفت بالأخص من يشتبه بأنهم من أنصار الداعية فتح الله غولن، المتهم بأنه العقل المدبر لمحاولة الانقلاب.

ويعلق رئيس الجمعية التركية لحقوق الإنسان أوزتورك تورك دوغان قائلا "بالطبع الطرف الرئيسي الذي نشتبه به هو الدولة"، مستندا أيضا إلى سوابق وقعت في تاريخ البلاد.

ويبدي أسفه "إذ في كل مرة تتم الأمور على نفس المنوال"، مشيرا إلى أن حالات الاختفاء التي وقعت في السنوات الأخيرة تتصف غالبا بوجود عربة سوداء وذلك بالاستناد إلى صور كاميرات مراقبة أو إفادات شهود.

ويتساءل "هل يوجد في تركيا منظمة إجرامية فريدة من نوعها ولا نعرفها؟".

يشير تورك دوغان إلى أنه يصدق وزارة الداخلية حين تنفي تورطها، ويلفت إلى أنه يشتبه بوجود وحدة ضمن الأجهزة الأمنية تعمل على "بث الذعر" في أوساط أنصار غولن.

ولم تحصل فرانس برس على أي تعليق من جانب النيابة العامة في أنقرة أو من جانب الشرطة. كما لم تستجب وزارة الداخلية لطلبات فرانس برس.