بعد تشكيل الحكومة الموازية في السودان.. جبهة الصراع تتسع إقليمياً
دفعت إجراءات تشكيل حكومة سودانية موازية بالخارج، دول الجوار إلى اتخاذ مجموعة من الإجراءات الفاعلة لحماية أمنها القومي والتصدي لمخطط تفتيت السودان مرة أخرى.
دفعت إجراءات تشكيل حكومة سودانية موازية بالخارج، دول الجوار إلى اتخاذ مجموعة من الإجراءات الفاعلة لحماية أمنها القومي والتصدي لمخطط تفتيت السودان مرة أخرى.
تعتبر مصر، السودان هي بوابتها الجنوبية للقارة الإفريقية وعمقا استراتيجيا قويا للدولة، ومنذ اندلاع الحرب بين الجيش وقوات الدعم السريع، تحرص القاهرة على دعم الجيش النظامي تزامنا مع حماية الحدود وتكثيف الجهود الدبلوماسية على الصعيدين الدولي والإفريقي لإنهاء الحرب التي تؤثر على أمنها القومي من جوانب عدة أقلها أزمة اللاجئين الذين باتوا يمثلون عبئا على الدولة المصرية، في مقابل موقف إماراتي داعم لقوات الدعم السريع وقائدها حميدتي الذي يتبنى أجندة انفصالية أو إقصائية وفقا لما سيفرضه الواقع الميداني خلال الأيام القليلة المقبلة.
ميثاق نيروبي
قال كمال كرار الكاتب الصحفي والمحلل السياسي السوداني في تصريح لوكالة فرات للأنباء «ANF»، إنّ «توقيت توقيع ميثاق نيروبي لتشكيل حكومة موازية أو رديفة، هدفه وضع ترتيبات مسبقة لليوم التالي للحرب، وأطراف الحرب كلها تعلم أن سنتين من الصراع العسكري لم تحقق نصراً مؤزراً أو هزيمة ماحقة وبالتالي فهناك مائدة تفاوض قادمة، كما أن الميثاق والحكومة الرديفة ستستخدم ككروت ضغط خلال التفاوض في المستقبل، وبالتالي لن يكون التفاوض في اليوم التالي بعد الحرب فقط بين طرفين عسكريين بل بين مجموعات سياسية تحت راية كل طرف وهذا سيُعّقد الوصول إلى حلول جذرية لإنهاء الحرب وبدء عملية سياسية، وواقع الحال يقول إن الحكومة الموازية قفزة في الظلام ولا مستقبل لها، وكذلك أي حكومة ستشكل في بورتسودان من واقع أنهما لا يمثلان الشعب، ولم تحصلا على تفويض شعبي، بل هي محاولات مستميتة لفرض سلطة على الشعب بفوهة البندقية، وبالتالي فحتى لو اعترفت بها قوى إقليمية فالشعب لن يعترف بها أبدا، وربما كانت هذه الخطوة بدافع أجنبي إفريقي أو إقليمي من دول ترى أنها قد تدفع بحكومة بورتسودان نحو التفاوض بخلاف التمترس حول الحرب، وفي كل الأحوال ففكرة حكومة بالخارج تبدو فكرة عقيمة وتفتقد للسند والتفويض الشعبي».
النموذج الليبي
ويخشى الكثيرون من تكرار النموذج الليبي في السودان، ومن كونها خطوة قد تؤدي لتفكيك النسيج الاجتماعي إذا ما أصبح التقسيم حقيقة وقد تكون هناك تداعيات خطيرة إذا نالت هذه الحكومة اعترافا من جهات دولية والتزامات بدعمها سياسيا وعسكريا، ولكن افتقاد الحكومة الموازية لأي ثقل سياسي أو شعبي يؤكد أنها لن تعدو كونها مناورة سياسية في سياق الترتيب لما بعد الحرب.
أحمد كامل الباحث في شؤون الإرهاب أكد في تصريح لوكالة فرات للأنباء «ANF»، أنّ «تنظيم داعش يسعى إلى ترتب الصفوف والعودة للساحة السودانية، وهو ما عبر عنه في رسالته الأخيرة، في 23 يناير/كانون الثاني 2025، بعنوان السودان المنسي، ودعا فيها عناصره في دول الجوار السوداني إلى إعادة الارتكاز والتموضع وتفعيل نشاط التنظيم وتعزيز وجوده في القارة الإفريقية، وهو ما يمكن ملاحظته في إنشاء التنظيم خمسة أفرع تشكل ما يمكن تسميته بالهلال الداعشي يبدأ من منطقة الساحل الإفريقي ويمتد إلى غرب القارة مروراً بموزمبيق وصولاً إلى الصومال. ومن هنا، يعتبر التنظيم أن السودان تمثل نقطة غلق الدائرة ومحوراً رئيسياً للربط بين الأفرع الخمسة.
الهلال الداعشي
ويمثل السودان ممراً للتنظيم الإرهابي من الصومال إلى غرب أفريقيا ومنطقة الساحل والصحراء على نحو يوحي بأن تركيز التنظيم المركزي على السودان خلال المرحلة الجارية نابع من سعيه إلى استكمال الاستراتيجية التي أعلن عنها مؤخراً وتقضي بإنشاء دائرة داعشية إفريقية هدفها الاقتراب من البحر الأحمر في ظل اهتمام التنظيم بالممرات الملاحية، وبشكل خاص مضيق باب المندب والبحر الأحمر، وذلك في محاولة من جانبه للتأثير على طرق الملاحة وخطوط المواصلات العالمية، وبشكل خاص ناقلات النفط. ويفسر ذلك إلى حد كبير تركيز التنظيم خلال السنوات الماضية على محاولة تعزيز نفوذه في كل من الصومال واليمن وجيبوتي.
ووفقا لما سبق فإن الأجواء التي تشهدها السوداني على الصعيدين السياسي والأمني ترتب إلى أوضاع جديدة فيما يخص تقسيم الدولة ما بين قوات الجيش والدعم السريع وتنظيم داعش الإرهابي ليحتل كل منها الأرض وتستمر الحرب على الأراضي السودانية وسط استمرار عمليات النزوح والتهجير وهو ما يتطلب موقف حاسم من الدول العربية والإفريقية يحقق أمن القارة ودوليها ويفرض حالة من الاستقرار في الشرق الأوسط.