وجاء في مقالة السفير المصري الأسبق لدى العراق؛ شريف شاهين التي كتبها لوكالة فرات للأنباء ANF:
"في ذكرى المؤامرة الدولية على المفكر والقائد أوجلان يصادف اليوم 9 أكتوبر ٢٠٢٤ مرور ٢٦ عاما على بدء المؤامرة الدولية لاختطاف واعتقال المفكر والقائد عبد الله أوجلان من كينيا على يد أجهزة المخابرات الغربية المتعاونة مع الحكومة التركية، ونقله إلى جزيرة إمرالى حيث يتعرض لأقصى قدر من انتهاكات لحقوقه الإنسانية، بفرض عزله مطلقة لا يمكن قبولها أو السكوت عليها من قبل المجتمع الدولي والأفراد والهيئات العاملة في مجال حقوق الإنسان حيث فرضت عليه عزله تامة ولا يسمح له بمقابله محاميه أو أيا من أفراد أسرته، ولعل هذه الممارسات المدانة من قبل كافة الهيئات والجمعيات بل والأفراد العاملين في مجال حقوق الإنسان، تذكرنا بذات الممارسات البربرية الهمجية التى يقوم بها الإحتلال الإسرائيلي ضد الشعب الفلسطيني وقادتها ومقاومتها، بل هى ذات المدرسة النازية التي تعلم منها الغرب الممارسات المقيته والتي تتعدى في إجرامها كافة الأعراف والمواثيق، في وقت تتشدق فيه الحكومات الغربية بقيم الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان وتمارس ذات النفاق الرخيص على شعوب وحكومات دول الشرق الأوسط، فيما هي ضالعة في أكبر مؤامرة إمبرايالية لوأد أحلام شعوب المنطقة في الحرية والعدالة والديمقراطية.
ولعل هذه المقدمة الضرورية واجبة، لتذكرنا بحجم المؤامرة على أوجلان وهو ما يدعونا للتساؤل بعيدا عن الذكرى وعما حدث من تواطؤ دولي لاختطافه ثم سجنه. لماذا الرجل ورمزية الحدث ودلالاته؟
إن أفكار القائد أوجلان وكتاباته وما طرحه من قضايا مؤطرة بوقائع التاريخ وما قدمه من حلول مبتكرة لقضايا المنطقة للتحول الديمقراطي وتطبيق نموذج حداثي لا ينفصل عن تاريخ المنطقة أو تراثها هو ما شكل خطورة بالغة، على مصالح الغرب الذى زرع في منطقة الشرق الأوسط حكومات تابعة تمارس ذات السياسات الاستعمارية البغيضة وذلك دون أن تتلوث يداه أو سمعته، يكفى الغرب أن يلوح بعقوبات صورية لحكومات وأنظمة زرعها ورعاها لتكون امتدادا لسياساته القديمة وبلون وشكل جديدين.
إن ما طرحه أوجلان من حلول واقعية الزم نفسه بها استطاع أن يطبقها على أرض الواقع، وجعل منها أنموذجاً لحرية المرأة ومشاركتها في قضايا مجتمعها وهو ما يستتبع تحرير كافة قوى المجتمع البناءة لإعداد أمة ديمقراطية تستلهم قيمها من واقعها المعاشي وهو ما أعطى هذه الأفكار قوة وخطورة على مشروع الغرب الاستعماري في الشرق الأوسط ولا غرو أن ما نراه الآن من تدمير شامل فى غزة وامتد إلى جنوبه لبنان ما هو إلا حلقه من حلقات بربرية الغرب، الذي يستخدم إسرائيل كأداة فظة ووقحة لتمرير مشروعه الجديد فى المنطقة.
إن ما رأه العالم من أحداث الاغتيالات لشخصيات مقاومة أبلغ دليل على أن الغرب الاستعماري لا يتوقف ولا يتورع عن استخدام أحط الأساليب لتمرير مؤامراته على شعور المنطقة، ولذا فنحن على أبناء منطقة الشرق الأوسط لا نتعجب من إقدام السلطات التركية على استخدام أحط أساليب القمع الذهني والفكري ضد القائد أوجلان لأنهم جزء وأداة من مخطط عالمي يسعى لوأد أي خطوة أو فكرة لتحقيق الحضارة والديمقراطية فى منطقتنا، ولكن هذا الغرب لا يدرك أن معركته مع الأفكار ستكون دوما خاسرة فالأفكار ليس لها أرض أو وطن وستنتصر شعوبنا في نهاية كفاحها بتحقيق حلمها في التحول الديمقراطي وبناء المجتمع الديمقراطي القائم على المساواة وتحرير المرأة و مشاركتها فى كافة الأنشطة الإنسانية وستنتصر أفكار أوجلان التى نستلهم منها الدرس والبصيرة والتطبيق العملي على أرض الواقع رغم المعاناة والآلام التى تكابدها شعوب المنطقة المتطلعة إلى الحرية و الحداثة والتقدم.
وتحيه إلى القائد أوجلان ليس في ذكرى مؤامرة اعتقاله بل في ذكرى تقديمه للعالم والإنسانية كمفكر رفيع المستوى يسعى إلى تطبيق الأحلام على أرض الواقع .
عاش كفاح الشعب الكردي - عاش كفاح الشعب الفلسطيني إلى أن نرى النصر في حرية أوجلان وحرية أفكاره وانطلاقتها نحو التطبيق فمهما طال الزمن ستنتصر قضيتنا بعزيمة الشعوب الحرة المتطلعة إلى غد أفضل".