أحزاب سياسية تشكل تكتلاً حزبياً لدفع مسار الانتخابات.. هل تشهد ليبيا تغيرا في المشهد

تواجه الأحزاب السياسية في ليبيا تحديات معقدة، تتنوع بين الانقسامات الداخلية، التدخلات الخارجية، الوضع الأمني الهش منذ سقوط نظام القذافي، دخول البلاد بمرحلة إنتقالية، لقد الآونة الأخيرة شهدت بوادر انفراجه سياسية إثر اتفاق مجموعة من الأحزاب على تشكيل تحالف.

في أكتوبر/تشرين الأول الماضي أعلن 14 حزباً سياسياً الاندماج في تحالف جديد تحت اسم «الاتحاد الوطني للأحزاب الليبية»، ضمن خطة اتفقت عليها مجموعة من الأحزاب السياسية في محاولة منها لإعادة الحياة إلى العملية السياسية وقطع الطريق على القبلية والجهوية، وفيما يرى عدد من المتابعين للحياة الحزبية في ليبيا ضرورة ائتلاف هذه الأحزاب فيما بينها لتتمكن من التواصل مع الأطراف السياسية، يعتقد آخرون أن دوافع تلك التحركات ناجم عن حالة الهشاشة للقاعدة الشعبية للأحزاب في مقابل الوجود القبلي، وتذهب تقديرات غير رسمية إلى أن ما يقارب 95 حزباً اندمجوا ضمن تحالفات، وهو ما وصفه عمار الديب رئيس الحراك الوطني للأحزاب الليبية، بأنه ضرورة تستهدف الدفاع عن حق الأحزاب في المشاركة وإنهاء حالة الانسداد السياسي في ليبيا ، فيما اكد عبد السلام نصية عضو مجلس النواب الليبي في اتصال لوكالة فرات للأنباء «ANF»، أن «التوجه نحو خلق تحالفات ناشئة مرده إلى الضعف الأحزاب وفشلها في بناء قواعد ا جماهيرية وهو ما تحاول التغلب عليه من خلال تحويل الأحزاب نفسها إلى قاعدة جماهيرية محدودة للأحزاب المنضمة لتلك التحالفات«.

وإلى جانب «الاتحاد الوطني للأحزاب الليبية»، يوجد في ليبيا 6 تحالفات، هي: «الحراك الوطني للأحزاب الليبية، رابطة الأحزاب الليبية، التجمع الوطني للأحزاب الليبية، تنسيقية الأحزاب السياسية الليبية، تجمع الأحزاب الليبية، وشبكة الأحزاب الليبية«.

تأثير القبائل الليبية 

حسن بديع المحلل السياسي قال في اتصال هاتفي لوكالة فرات للأنباء «ANF»، إن «القبائل تلعب دوراً محورياً في الحياة السياسية والاجتماعية في ليبيا منذ القدم، حيث كانت القبائل تشكل البنية الأساسية للمجتمع الليبي، وبمرور الزمن، استمرت في التأثير على مختلف جوانب الحياة، بما في ذلك العملية الانتخابية، لأن القبائل في ليبيا ليست مجرد تجمعات عائلية، بل هي كيانات اجتماعية وسياسية قوية تتمتع بنفوذ كبير في المناطق التي تسيطر عليها، وتؤثر بشكل مباشر على القرارات السياسية والانتخابية في العديد من الاستحقاقات، وتكون ولاءات الأفراد للقبيلة أقوى من ولاءاتهم للأحزاب السياسية أو الحكومة المركزية، وهذا التأثير يظهر بوضوح خلال الانتخابات، حيث تلعب دورًا كبيرًا في توجيه أصوات الناخبين«.

وخلال الانتخابات، تسعى الأحزاب السياسية إلى نيل دعم القبائل لضمان الحصول على أكبر عدد ممكن من الأصوات، ويتم ذلك من خلال تشكيل تحالفات مع زعماء القبائل وتقديم وعود بتحقيق مصالحهم، وغالبا ما تكون تلك التحالفات حاسمة في تحديد نتائج الانتخابات، خاصة في المناطق الريفية والنائية حيث يكون للقبائل نفوذ كبير.

معوقات العملية الانتخابية

رغم الدور الإيجابي الذي يمكن أن تلعبه القبائل في تعزيز المشاركة السياسية، إلا أن هناك تحديات تواجه العملية الانتخابية بسبب هذا التأثير، من بينها الانقسامات القبلية: التي تؤدي إلى تعقيد العملية الانتخابية وزيادة التوترات السياسية، فضلا عن التأثير غير المتوازن، ففي بعض الحالات، يمكن أن يؤدي النفوذ الكبير لبعض القبائل إلى تهميش القبائل الأخرى، مما يؤثر على نزاهة الانتخابات، إلى جانب التدخلات الخارجية حيث تسعى بعض القوى الخارجية إلى استغلال الانقسامات القبلية لتحقيق مصالحها الخاصة، مما يزيد من تعقيد المشهد السياسي.

وتستهدف التحالفات السياسية الناشئة توحيد الجهود بين الأحزاب المختلفة لتحقيق عدة أهداف مشتركة تشمل تحقيق الاستقرار السياسي من خلال دعم حكومة وحدة وطنية تعمل على تعزيز الأمن والاستقرار في جميع أنحاء البلاد، وتنظيم الانتخابات عبر وضع خطة شاملة لضمان إجراء انتخابات حرة ونزيهة تشمل جميع الأطياف السياسية، وتعزيز الديمقراطية: من خلال دعم الانتخابات الحرة والنزيهة وضمان مشاركة جميع الأطياف السياسية في العملية السياسية.

التحديات الرئيسية

وتواجه العملية الانتخابية تحدياً آخر يتمثل في الوضع الأمني الهش، حيث تتنافس المجموعات المسلحة للسيطرة على المناطق المختلفة، مما يزيد من صعوبة تحقيق الاستقرار السياسي، ودائماً ما تعرقل تلك المجموعات المسلحة جهود الحكومة في بسط سيطرتها على كامل الأراضي الليبية وتزيد من معاناة الشعب الليبي، ورغم ذلك هناك جهود دولية ومحلية مستمرة لدفع العملية السياسية في ليبيا، من بينها الجهود المبذولة من قبل الأمم المتحدة التي تلعب دوراً محورياً في محاولة جمع الأطراف المختلفة على طاولة المفاوضات، إلا أن هذه الجهود تواجه عقبات كبيرة بسبب عدم التزام الأطراف السياسية بإنهاء حالة الجمود السياسي. 

إذا تمكنت الأطراف الليبية من تجاوز خلافاتها والتوصل إلى تسوية سياسية شاملة تضم مختلف الأطراف الفاعلة بداية من المجموعات المسلحة ومرورا بالقبائل وانتهاء بالمنخرطين في النشاط السياسي، فإن ذلك يمكن أن يفتح الباب أمام تحقيق الاستقرار والتنمية في البلاد، إلا أن استمرار التدخلات الخارجية والانقسامات يجعل من الصعب التنبؤ بمستقبل العملية السياسية في ليبيا، وبالتالي فإن تحقيق الاستقرار يتطلب جهوداً مشتركة من جميع الأطراف والتزاماً حقيقياً بإنهاء الصراع والعمل من أجل مصلحة الشعب الليبي.