إن صمت الأحزاب السياسية والمثقفين ورجال الدين في جنوب كردستان عن كل الظلم الذي تمارسه تركيا ضد روج آفا وجنوب كردستان هو نوع من الخضوع والرضا، لا أصدق أنه لا يمكن فعل أي شيء حيال ذلك! البعض يقول ما الذي بوسعنا أن نفعله أمام تلك الدولة العظيمة؟ إن الصراخ في وجه هذا الظلم يُعتبر موقفاً، بالإضافة إلى ذلك؛ يمكننا استخدام وسائل مختلفة لإرسال صوتنا من جميع الفئات المختلفة إلى آذان السفارات والقنصليات في العراق وجنوب كردستان وإظهار صور ضحايانا لهم كل يوم، إن قتل النساء والأطفال في جنوب وروج آفا كردستان بسبب تواجد حزب العمال الكردستاني هو شكل من أشكال الإبادة الجماعية، ومن دون التمييز بين المستشفيات ومخازن الكهرباء والمياه والحبوب والمدارس والأماكن السياحية، فإن تدمير الدوائر الخدمية في روج آفا كردستان يشكل ضربة لتعاون ودعم الدول الأوروبية والأمريكية، ومن المستحيل ألا نقول للفرنسيين والأميركيين إن المنصات التي بنيتموها؛ دمرتها تركيا، أو قام الفرنسيون ببناء مستشفى لكن تركيا قصفتها، إنهم بحاجة إلى البحث وجمع المعلومات، ولهذا السبب يجب على شعب الجنوب أن يكون أكثر إيجابية من الناحية السياسية والاجتماعية، وعلينا أن نتخذ طرقاً مختلفة لمثل هذه المهمة، إذا نزل مائة طبيب من بين آلاف الأطباء الكرد في إقليم كردستان إلى الشوارع وتوجهوا إلى سفارات وقنصليات أمريكا وفرنسا وأخبروهم أن أحد أعضاء الناتو، والذي أنتم أعضاء فيه أيضاً، يدمر ما أنتم تبنون، ألن يكون هناك تأثير لذلك؟ بالطبع سيكون.
إذا خرج آلاف الأطفال في أربيل أو السليمانية ودهوك إلى الشوارع وصرخوا وقالوا لا لهدم وتدمير المدارس في روج آفا كردستان؛ فإن التأثير سيزداد أكثر فأكثر، علينا أن نبني تلك السلسلة الروحية حتى يشعر أطفال روج آفا أنهم يحظون بالاهتمام في جنوب كردستان، عندما ذهب البشمركة إلى كوباني، حتى لو لم يكن لذلك تأثير كبير على ساحة المعركة، إلا أنه بالتأكيد أعطى الشعب الكردي المزيد من الروح المعنوية والطاقة، وهذا الصمت مهما كان سببه فهو علامة الخضوع، كان ينبغي أن ينزل الناس إلى الساحات في أربيل ودهوك قبل السليمانية، لأن تركيا قامت ببناء مئات القواعد في هاتين المحافظتين وأطلقت سراح مئات الجواسيس في هاتين المحافظتين، ولا يمكن أن يمر يوم دون أن تحدث حالة شغب لقرية أو منطقة أو أرض.
ومقاومة هذا الظلم تكون برفع الصوت والوقوف في وجهه، وليس بالاستسلام والأمل في أن الغد سيكون أفضل، تركيا دولة غير شريفة أخلاقياً وسياسياً، من المستحيل أن نتوقع أي شيء جيد منها، انظروا إلى أردوغان، إنه يقصف المدنيين في روج آفا ومخمور وقنديل ويسمي هذه الممارسات بمحاربة الإرهاب، ويقول في مؤتمر حزبه إنه مستعد للتوسط بين فلسطين وإسرائيل، إنه مثل وجود مشروع سلام يتوسطه الشيطان من أجل الآخرين، في الوقت الذي كان فيه بعض قادة وممثلي أحزاب جنوب كردستان ضيوفاً على مؤتمر حزب العدالة والتنمية، لم يجرؤ أحد على القول "السلام مهم جداً بالنسبة لكم، لماذا لا تريدون صنع السلام بين الجنوب وروج آفا وتركيا؟ ما هو مصدر كل هذا الغضب من الكرد؟" ما أعنيه هو أن القادة الكرد، وخاصة أولئك الذين كانوا أصدقاء لحزب العدالة والتنمية حتى هذه اللحظة، يمكنهم على الأقل أن يسألوا من هو الشخص الذي قتل النساء والأطفال ثم فتح الباب للسلام؟
ولا يوجد أي مبرر لهذا الصمت، تركيا لن ترضى عنكم بهذه الطريقة، أي شخص يعرف تركيا جيداً يعرف حق المعرفة أنها تطالب دائماً بالمزيد من الأشياء حتى يستسلم المعارضون لها.
بشكل عام، في هذه المرحلة نحن في تجربة كبيرة، تجربة المواقف والأفعال، منذ آلاف السنين، سرق أعداؤنا منا هذين المفهومين، فهل نستطيع أن ندعو إلى حماية مصالحنا وموقف أكثر إيجابية في هذه المرحلة، أم أننا سنكون سبباً في تشكيل مطالب الدولة التركية، ولا يمكن أن نسكت على هذا الأمر ونتركه للقدر دون أن نعرف ما سيحدث في المستقبل، إن خريطة المستقبل لأمة على وشك الانقراض والإبادة الجماعية لا يمكن حلها بالبحث، الطريقة الوحيدة للبقاء على قيد الحياة هي تحديد تلك الخطة بنفسك والعمل عليها.