تحرير "عيل بور" معقل حركة الشباب بوسط الصومال..هل يمثل مسمار جديد في نعش الجماعة الإرهابية

سقطت مدينة عيل بور الصومالية التي توصف بمعقل القاعدة، بعد سيطرة حركة الشباب عليها منذ عام 2017، وتشن الحركة هجمات دامية منذ 16 عاما، وهو ما يعد تحول نوعي في الحملة، فما أهمية تلك المدينة وكيف يمكن أن يؤدي استردادها إلى تغيير مجرى الأحداث.

مسار الحملة الحكومية ضد الجماعة

كشف خالد محمد، الصحفي الصومالبلاندي المتخصص في شؤون القرن الأفريقي، أن الحكومة الصومالية الحالية قامت بحملة عسكرية كبيرة ضد قواعد حركة الشباب في وسط وجنوب الصومال، مبيناً أن العمليات تمشي ببطء أحيانا ولكن بشكل سلس و باستمرارية وتقدم.

وأكد محمد في تصريح خاص لوكالة فرات، أن الملفت للنظر هو الرؤية الاستراتيجية للحكومة الصومالية الحالية، فهي تقوم بتسيير الحملة ببطء وسلاسة، وذلك لتنظيف أية جيوب قد تكون معاقل جانبية للمتطرفين.

الأهمية العسكرية لسقوط المدينة

وتطرق الصحفي الصومالبلاندي المتخصص في شؤون القرن الأفريقي، لأهمية مدينة عيل بور بأنها تكمن في كونها مدينة بوسط الصومال، وتقع في منطقة تتوسط المدن الهامة في الصومال، وأيضا هي قريبة نسبيا من الحدود الإثيوبية، ويوجد في عيل بور والمناطق الأخرى بوسط الصومال قواعد كثيرة للمتطرفين.

وبين محمد، أنه بخسارة مدينة عيل بور ستخسر حركة الشباب معاقلها القوية في وسط الصومال، وكذلك ستخسر المدينة التي كانت تربط وسط الصومال بالحدود الصومال وكذلك بجنوب الصومال، وقد يتخذها الجيش الصومالي قاعدة عسكرية لمراقبة وحراسة منطقة وسط الصومال برمتها.

بينما كشف عبد الكريم فرسلي، السياسي الصومالي، أنه سيطرت القوات الحكومية بدعم من الميليشيات القبلية والأصدقاء الدوليين على منطقة عيل بور في منطقة جلجدود بعد أسابيع من الاقتراب وفرت قوات حركة الشباب التي تسيطر على المدينة منذ عام 2017.

القيمة الرمزية للمدينة

وأكد فرسلي في تصريح خاص لوكالة فرات، أن منطقة عيل بور منطقة قديمة، يعتقد المؤرخون أنها تأسست في القرن الثالث عشر، وكانت في السابق مركزاً تجارياً لمملكة (أجوران) التي حكمت مساحة كبيرة من الصومال.

وأضاف السياسي الصومالي، أن هناك أربعة أشياء جعلت عيل بور منطقة هامة وشهيرة، ومنها الثورة المناهضة للاستعمار التي انطلقت منها، وكانت عيل بور في يوم من الأيام قاعدة رئيسية للمستعمرة الإيطالية التي سيطرت على جنوب الصومال في أواخر القرن الثامن عشر وأوائل القرن التاسع عشر، عندما تم الاعتراف بها كمنطقة، ودار فيها قتال عدة مرات بين القوات الاستعمارية والقوات المؤيدة للاستقلال بقيادة الشيخ حسن برسان.

وأردف فرسلي، إن تاريخ عيل بور، المناهض للاستعمار سُمع عندما قُتل الممثل الإيطالي، حيث أدت الانتفاضات المناهضة للاستعمار التي اشتهرت في عيل بور، فيما بعد، إلى مقتل المفوض الإيطالي المسؤول عن المنطقة، فرانكو كارولي، الذي ألقي باللوم في مقتله على الشباب الذين كانوا من بين المتمردين، مبيناً أنه كان للمدينة تاريخ عظيم وكشف اسمها، وكان الاستعمار الإيطالي متورطا جدا عندما قتل رجل كان حاكما للمنطقة عندما حدثت ثورة مناهضة لإيطاليا، في بداية العشرينيات.

الهجمات بين الشباب والحكومة الصومالية

كما كشف أحمد سلطان، الباحث المتخصص في شؤون الجماعات الإرهابية، أن حركة الشباب في إطار الحملة الحكومية الحالية ضدها بمشاركة القوات الأفريقية وبدعم من الولايات المتحدة الأمريكية، استوعبت زخم الحملة الحكومية وهي في طور الهجمات المضادة، والذي منه الهجوم الذي وقع قبل أيام واضطر القوات الحكومية للانسحاب من بعض الأماكن التي سيطرت عليها، وعلى الجانب الآخر الحملة الحكومية لم تنته وفي صدد تطويرها تجاه الجنوب الصومالي، إلا أن حركة الشباب قادرة على الصمود وهي واحدة من أقوى الحركات الإرهابية في العالم وأثراها لأنها تستطيع جني 100 مليون دولار سنوياً من مصادر مختلفة.

وأكد سلطان في تصريح خاص لوكالة فرات، أن حركة الشباب تقوم بشن هجمات مضادة سواء في الصومال أو كينيا وهي الدولة رقم 2 في الاستهداف لدى الحركة بعد الصومال، وجزء من هذه العمليات الحركة تثبت أنها قادرة على الصمود والتحدي أيضاً وأنها رفعت من قدراتها العملياتية في ظل الهجمات التي تشنها ضدها القوات الصومالية، ومنها جزء دعائي لاستقبال مقاتلين جدد، وأنها تنفذ عمليات في دول جوار الصومال مثل كينيا فهذا يعني أن الحركة متماسكة وان لديها القدرة على إيواء واستقبال مقاتلين جدد، وهو يخدم الحركة بشكل كبير لأن الهجمات خارج الصومال لها صدى أكبر من الهجمات داخل البلاد.

الانسحاب الدولي

بينما كشف منير أديب، الباحث في شؤون الجماعات الإسلامية، أن حركة شباب المجاهدين نجحت في احتلال أجزاء كبيرة من الصومال، وما زالت لها قوة وخطوة وسلطة هناك، مبيناً أن الانقلابات العسكرية الأخيرة خاصة في غرب أفريقيا أثرت بشكل كبير على نشاطات تلك الجماعات لأنها تستغل الفوضى السياسة والأمنية التي نشأت عن تلك الأنظمة، وذلك رغم المساعدات التي تقدمها بعض المنظمات الإقليمية مثل الاتحاد الأفريقي وإيكواس.

وأكد أديب في تصريح خاص لوكالة فرات، أن جهود مكافحة الإرهاب في القارة الإفريقية عموماً ضعفت بشكل كبير مثل عملية برخان الفرنسية التي توقفت بشكل عملي بعد خروج القوات الفرنسية من مالي، وكتيبة كاملة كانت تتخذ من النيجر كارتكاز لها على وشك الخروج بعد الانقلاب العسكري الذي حدث بالبلاد.

وأضاف الخبير في الشؤون الجماعات الإسلامية أن الجهود المحلية التي تبذلها الحكومة الصومالية في حملتها الكبيرة الحالية ضد معاقل تنظيم الشباب هي جهود متواضعة لن تقضي على الحركة مع زيادة النشاط الإرهابي في القارة، بل يمكن أن نصفها بأنها جهود دون المستوى.

وبين أديب، أن النجاحات التي حققتها الصومال هي انجازات ضئيلة، مع التراجع الدولي والأوروبي والأمريكي في مواجهة تلك المنظمات المتطرفة في القارة الأفريقية، مشيرا إلى أن تلك التنظيمات باتت أقوى من الدول الموجودة بها والتي أصبحت ضعيفة ومترهلة أمامها.