طبول الخطر تدق من النيجر..هل ستيعد الفوضى الجماعات الإرهابية من جديد

يتابع العالم ما يحدث في النيجر من أحداث بقلق، خاصة مع أنباء عن انسحاب القوات الفرنسية ومخاطر عودة الإرهاب من جديد، فهل يمكن أن تستغل الجماعات الإرهابية الفوضى الحالية في النيجر.

كشف أحمد سلطان الباحث في شؤون الجماعات الإرهابية، أن جيش النيجر ليس بالجيش الكبير فهو لا يتعدى قوامه ١٢ ألف جندي ولا يمكنه السيطرة على كامل الحدود الهشة التي تتحكم فيها الجماعات الجهادية، مثل داعش في الساحل وجماعة نصرة الإسلام والمسلمين، ومنها أحد الأجنحة الذي تنشط فيه قبائل الفولاني بالأساس، مبيناً أن هذه الجماعات نجحت في استغلال الفوضي التي نشأت عن الإنقلاب العسكري في النيجر وبدأت توسيع نطاق سيطرتها ونشاطها الإرهابي، وكان آخرها ما قامت به من استهداف قافلة للجيش المالي كانت متجهة إلى النجير بحكم وجود تحالف بين الدولتين، ولذلك قام تنظيم داعش باستهداف القافلة وأسر بعض الجنود الماليين وحصل على كميات كبيرة من الأسلحة والذخيرة من الجيش المالي كانت موجهة إلى جيش النيجر.

وأكد سلطان في تصريح خاص لوكالة فرات، أنه نتج عن الوضع الحالي في النيجر نشاط الكثير من التنظيمات الارهابية مثل تنظيم داعش الذي ينشط حالياً في الحدود بين النيجر ومالي وهذا النشاط سيزيد مع الإضطرابات داخل النيجر وحتى إذا تدخلت مجموعة ايكواس في النيجر سيزيد نشاط تلك الجماعات مع الحرب والصدام العسكري الذي سيحدث بين قادة الإنقلاب العسكري وبين مجموعة إيكواس.

واضاف الباحث في شؤون الجماعات الإرهابية، وقد تلجأ تلك الجماعات الى السيطرة مؤقتاً على بعض المناطق وليس إنشاء إمارات على غرار عام 2012 واستغلال تلك السيطرة في تجنيد وحشد المقاتلين وزيادة الموارد والدعم الذي تحصل عليه تلك الجماعات، ولكن تلك الجماعات لن تكرر تجربه داعش في سوريا والعراق بإنشاء إمارة مكانية والسيطرة لفترة طويلة على مساحات من الأرض والمدن، لكنها تستفاد من وضع الفوضى الحالي وضعف قبضة جيش النيجر خاصة في السيطرة على المدن الحدودية والتي يواجه بالفعل أزمة في الوقت الحالي في إحكام سيطرته عليها.

وبين سلطان، أنه في حالة هجوم تجمع إيكواس على النيجر فسيضطر الجيش النيجري لسحب بعض وحداته لمواجة القوات المهاجمة مما سيعطي فرصة كبيرة للجماعات الجهادية أن تنشط وتستغل هذا الفراغ وتوجد العديد من العوامل التي تساعد تلك الجماعات على استغلال الوضع في النيجر ومنها إنتشار الفقر ووجود فوضى ووجود بعض المليشيات المسلحة التي تقوم بالهجوم على التجمعات السكنيه وميل البعض إلى النشاط الجهادي والانخراط في صفوفه في الوقت الحالي.

وبين الباحث في شؤون الجماعات المتطرفة، أن انسحاب القوات الفرنسية أثر تاثير كبير على نشاط مكافحة الإرهاب في منطقة الساحل عامة ولكن كان التأثير الأكبر هو ما يحدث داخل مالي وذلك لأن القوات الفرنسية كانت تقدم معلومات استخباراتية وكانت تشارك في بعض العمليات وتحاول القضاء على قادة الجامعات الإرهابية وكوادرها الفاعلة، ورغم ذلك فشلت القوات الفرنسية في القضاء على تنظيم نصرة الإسلام والمسلمين وأيا من التنظيمات المرتبطة به كما فشلت في القضاء على تنظيم داعش في الساحل.

وأردف سلطان، أنه على الرغم من ذلك فإن الفراغ الذي أحدثته القوات الفرنسية لا يمكن لقوات فاجنر أن تملأه خاصة مع عدم وجود قاعدة شعبية لها والصدامات التي فعلتها مع الأهالي مع ارتكاب الكثير من الجرائم والكوارث ضد المدنيين حيث قامت بأعمال سلب ونهب في الأسواق وفي التجمعات السكنية والقتل في المدنيين بدون تمييز وهذا في جانب آخر يصب في مصلحة التنظيمات الإرهابية، والتي تقدم نفسها كمدافعة عن المدنيين ومقابل ذلك تستفاد وتقوم بتجنيد أفراد من السكان المحليين ومن أبناء تلك القبائل.

وأشار سلطان إلى أن جماعه الإسلام والمسلمين منذ انشائها عام ٢٠١٢ وهي تحذوا حذو طالبان في أفغانستان في التقرب للمدنيين وإتباع نهج التفاوض والقتال ورغم ذلك فانها لم تخوض مفاوضات كبيرة مثل مفاوضات طالبان التي انتهت في النهاية بإتفاق الدوحة بينها وبين الجانب الامريكي ولكنها القائد الخاص لها وأمير التنظيم هو شخص سياسي بالأساس ودخلت في مفاوضات مع المجلس العسكري الحاكم مقابل إخراج القوات الفرنسية في البلاد ولكن حالياً القوات الفرنسيه خرجت بالفعل من مالي وبعضها في طور الخروج بدون وجود اتفاقية بينها وبين المجلس العسكري الحاكم.

كما أن الخطاب الخاص بالجماعة ليس خطاب متشدد ولكنها تتودد للمجتمعات المحلية والقبائل وتحرص على الروابط معها رغم وجود بعض الأطراف المتشددة داخلها مثل اتحاد تحرير ماساي إلا أن ذلك لا يغلب على خطاب الجماعة، بل وترى أن أبناء الشعب يجب أن يتوحد مع الجماعة في مواجهة مجموعة مثل فاجنر، ومن الواضح أنها ستسير في استراتيجية طالبان وهو الضغط عسكرياً من أجل الحصول على أهدافها السياسية.

كما كشف سنوسي مليك، رئيس اتحاد طلاب النيجر في مصر، أن الإرهاب بدأ سنة 2000 تقريباً واشتدت هجماته وانتشر عام 2009- 2010, وكانت الذروة منذ عام ٢٠١٤ وتوجد تلك الجماعات في الحدود الغربية للنيجر مع بوركينا فاسو ومع مالي والجزائر، وهي جماعات مثل القاعدة في بلاد المغرب لها تاريخ طويل من قبل مجئ التدخل الأجنبي في غرب أفريقيا.

وأكد مليك في تصريح خاص لوكالة فرات، القوات الأجنبية عندما جاءت لمحاربة الجماعات الإرهابية الكل يشكك حتى المواطنون يشككون في هذا الأمر ، ولكن لم تسفر اي عمليه قام بها القوات الفرنسية وحلفائها عن قتل أي إرهابيين بل أن سكان المدن والقرى يرون التعامل بين القوات الفرنسية والإرهابيين بشكل خفي، بل يمدونهم بالتمويل ويمدونهم بالبنزين ويمدونهم بالأسلحة وهذا شيء يرونه دائما رأي العين، ويوجد تعامل مباشر بينهم.

وأضاف رئيس اتحاد الطلاب النيجريين في مصر، ان الدليل على ذلك ان الكثير من العمليات التي شنتها التنظيمات الارهابية على القرى كانت بالقرب من القواعد الفرنسية والكثير من الاشتباكات بين الجيش النيجري والمالي وبين الجماعات الإرهابية تمت على مقربة من القوات الفرنسية ويسمعون الرصاص ويسمعون أصوات القصف ولا يتدخلون، وقدمت السلطات المالية تسجيلات ووثائق على تورط القوات الفرنسية مع الإرهابيين ويمكن لسلطات النيجر أن تفعل الشيئ نفسه لوجود العديد من الصور والفيديوهات الموثقة، مبيناً أن الجيش النيجري سيمتلك حرية أكبر في قتال تلك الجماعات عند مغادرة القوات الفرنسية.

ولم يستبعد مليك استخدام باريس تلك القوات كفزاعة ولمحاولة الضغط على حكومة النيجر الحالية من أجل اضعافها، مبيناً أن الجماعات الإرهابية لم يكن لها قبل عام ٢٠١٢ هذا الثقل، وكانت الجيوش الوطنية قادرة على التعامل معها ولكن فرنسا هي ما ساعدتها على التوغل ودعمتها حتى تجد فرصة لوضع قدمها في الغرب الأفريقي وإنشاء قواعد عسكرية لها بحجة محاربة الإرهاب.

جدير بالذكر أن ايكواس اجتمعت الخميس والجمعة وحددوا وقت التدخل دون الافصاح، وقابل ذلك دولتي مالي وبوركينا فاسو نشروا طائراتهم في النيجر للتضامن ورفض التدخلات الخارجية.