سياسيون كويتيون يرفضون مشروع إقامة قاعدة عسكرية تركية ببلادهم

لم تهدأ ردود الفعل سواء في الكويت أو خارجها بعد العرض الذي قدمته السفيرة التركية لدى الكويت، طوبي سونمز، برغبة بلادها في إقامة قاعدة عسكرية داخل الكويت.

ويأتي هذا العرض، بعد عدة عروض تركية لبيع طائرات مسيرة نركية للكويت، مما يثير التساؤلات حول خطوة العرض وتبعاته وأن تتخذ من الأراضي الكويتية موضع جديد للتمدد العسكري في الخليج.

مرفوض شعبياً وحكومياً

كشف العقيد ركن متقاعد، فهد الشليمي، رئيس المنتدى الخليجي للأمن والسلام، والمحلل السياسي الكويتي، أنه من الصعب أن يكون لتركيا قاعدة عسكرية في الكويت، ولكن يمكن أن يكون هناك طائرات مسيرة وأن يقوم مدربون اتراك بالإشراف عليها، نافياً أن تجد فكرة إنشاء قاعدة تركية قبولاً.

وعدد "الشليمي" في تصريح خاص لوكالة فرات للأنباء (ANF)، أسباب عم استطاعة تركيا إنشاء قاعدة عسكرية في الكويت، كالوجود العسكري الأمريكي والذين لا يرغبون بوجود قاعدة عسكرية تركية، كما أن جيران العراق لن يكونوا مرتاحين للوجود العسكري التركي، مبيناً أنه لا فائدة للكويت من وجود قاعدة عسكرية تركية داخل أراضيها نظراً لكون تركيا ليست عضواً في مجلس الأمن،

وأضاف رئيس المنتدى الخليجي للأمن والسلام، أن الحكومة الكويتية ليست متحمسة لوجود قواعد عسكرية في أراضيها، فحتى الأمريكيون قللوا من عدد قواعدهم في الكويت، مشيراً إلى أن تركيا تعتمد على الخلاف الحالي المتعلق بحقل الدرة، وتروج لمشروع جماعة الإخوان المسلمين وجناحها في الكويت ويتحدثون على أن الأتراك لديهم قدرات تؤهلهم لذلك.

وبين الشليمي، أن وجود قاعدة تركية في الكويت غير مقبول شعبياً، كما إن مجلس الأمة الكويتي بدوره لن يقبل بوجودها أيضاً، لأنه لابد من تبريرات قوية، ولكن ما يمكن القبول به هو تعاون دفاعي أو بروتوكول تدريب، ولكن تواجد عسكري متمثل بـ 10 آلا جندي، تكلفة كبيرة على الكويت، كما أنها ستعتبر تمدد عسكرياً تركياً في الكويت.

وأوضح رئيس المنتدى الخليجي للأمن والسلام، أن الأتراك لن يحاربوا بجوار الكويت، لأن الجيش التركي متورط بعمليات عسكرية ضد حزب العمال الكردستاني وفي المعارك بشمال سوريا، ولذلك الكويت غير متحمسة لفكرة إقامة قاعدة عسكرية تركية حكومةً وشعباً.

غير مرحب بها وذات تكلفة باهظة

وكشف الكاتب والمحلل السياسي الكويتي، حسين عبد الرحمن، أن العلاقات التركية الكويتية نشأت وتطورت بسرعة كبيرة خلال السنوات العشر الأخيرة، وأن تركيا استعدت لإنفتاح سياحي وقدمت العديد من الخدمات للمواطن، ووجد الكويتيون أن تركيا هي المنافس القوي للسياحة في أوروبا، خاصة مع وجود الأمان وارتباط تركيا بالإسلام والمحافظة على الشعائر الإسلامية، وبالتالي توسعت العلاقة التركية الكويتية من جميع النواحي، فقد نشأت بنوك كويتية في تركيا من الناحية الاقتصادية، واستطاعت أن تقوم بدور كبير جداً، وساهمت تركيا في إنشاء الكثير من المشاريع، منها مشروع مطار الكويت دي تو.

وأكد عبد الرحمن في تصريح خاص لوكالة فرات للأنباء (ANF)، بأن الكويتيين لا يرحبون  بإنشاء قواعد عسكرية تركية في الكويت، والشعب الكويتي يقف ضد وجود قوات أجنبية في الكويت، وهي دولة يمنع دستورها الحرب الهجومية، وهي في حالة دفاع عن النفس، لأنها دولة مسالمة لا تسعى للإضرار بأي دولة من دول الجوار أو في العالم، ولذلك فهي لا تحتاج وجود قواعد عسكرية، وخاصة في ظل وجود بعض القوات العسكرية الأمريكية في الكويت لأهداف معينة للدفاع عن نفسها، وبشكل خاص بعد تجربة غزو العراق للكويت التي تعتبر مريرة جداً، كما أن تركيا تحتل أجزاءً من الوطن العربي في العراق وشمال سوريا.

وأضاف الكاتب والمحلل السياسي الكويتي، أن الكويت لا تحتاج للطائرات المسيرة كثيراً، لأن أراضيها وحدودها ليست بالكبيرة، وبالتالي هذه الطائرات قد تستخدم لأغراض عسكرية ولكن لدى الكويت نظام إلكتروني يطير بمروحيات، ولا يمكن أن يُبدل الكويت نظامه العسكري بنظام آخر، لأن الجنود الكويتيين مدربون على أسلحة معينة من أوروبا وامريكا.

الأهداف التركية من القاعدة العسكرية

كما بين حسين عبد الرحمن، أنه عندما تسعى تركيا لإنشاء قواعد عسكرية في الكويت، فهي تفكر في الأمر من ناحية اقتصادية، ألا وهو تشغيل الجيش وإيجاد مورد من الموارد الكبيرة لها، وصرف واستخدم آلياتها، وأي دولة تستضيف قوة عسكرية على أراضيها، تتكلف بالصرف على تلك القوة الموجودة، واستغلال اراضيها والاستفادة منها، ولذلك يرى الكويتيون بانهم ليسوا بحاجه للقوات التركيه في هذه المرحلة، وتركيا تلح لتعديل اقتصادها، لان الاقتصاد التركي غير جيد والعمله التركية في انخفاض دائم، لكن يمكن لتركيا ان تمدد علاقاتها الاقتصادية.

وأردف "عبد الرحمن"، أن تركيا تريد الخروج من أزمتها الداخلية عبر تسليط الضوء على الخارج، وتريد ان تُشعر الأتراك بشيء من الأمان والراحة، خاصة في ظل الاقتصاد الضعيف الموجود في تركيا، وحقيقة ان تركيا تحاول اليوم فتح اسواق جديده لها والقيام بالعديد من الأنشطة الاقتصادية لتعوض ما خسرته، لذا، فهي تسعى للاستفادة من الكويت ودول الخليج لأبعد حد في مجال الأسلحة، ولذلك تستطيع أن تبيع بعض الأسلحة وتنافس في أسعارها للدول الأوروبية، ويمكن أن تشتري منها الكويت الأسلحة إذا وجدت أن ذلك يفيدها. 

الفرق بين الحالتين الكويتية والقطرية

وأشار الكاتب والمحلل السياسي الكويتي، أن تركيا لا مانع لديها في ابتلاع كل الوطن العربي من اجل اقتصادها، لأنه لا يزال يراودها أحلام إعادة المجد العثماني، ومشروعها التوسعي موجود، ولا سيما أنهم يسعون لذلك لدعم اقتصادهم، وإعادة الهيمنة التركية للعالم العربي مرة ثانية، ولكن القاعدة التركية في قطر جاءت نتيجة للوضع الخليجي، مما دفع بالدوحة للاستعانة بقوى خارجية، وكان أمراً غير مقبولٍ أن يترك الخليج قطر لتأكلها تركيا، كما أن الوضع الأمريكي لايساعدها على التمدد.

الوضع الدولي لا يسمح لتركيا بالتمدد


بينما كشف دكتور عايد المانع، الأكاديمي والباحث السياسي الكويتي، أن العلاقات التركية الكويتية طبيعية، وتقوم تركيا بالعديد من الإنشاءات داخل الكويت، آخرها المبنى الجديد في مطار الكويت، وهناك أعداد كبيرة من الكويتيين يستثمرون في تركيا ويقضون أوقات الصيف في أماكن سياحية هناك، وخاصة في إسطنبول.

وأكد المانع في تصريح خاص لوكالة فرات للأنباء (ANF)، أنه لا توجد نية لدى الكويت في إقامة قاعدة عسكرية تركية، ولكن قد يوجد تعاون في مسألة المسيرات، لأن الكويت وإن كانت دولة مسالمة، إلا إنها تعيش في وسط مضطرب، سواء من العراق أو إيران أو الإمتداد مع سوريا، وهي أصبحت طائرة متعددة الإستخدامات، ويجب توخي الحذر حتى لا يتكرر سيناريو الغزو العراقي، فيجب أن يكون الجيش الكويتي مستعداً على أعلى المستويات، والهدف هو تنويع السلاح الكويتي ورفع قدرات الجيش.

وأوضح الأكاديمي والباحث السياسي الكويتي، أن تركيا كأي دولة لديها قدرات، تسعى للتواجد في أكثر من موقع، ولاسيما في الدول التي تمتلك ثروات وقوة شرائية ولديها مخاوف أمنية، وأن تقدم نفسها كمدافع أو حامي لتلك الدول، وتحاول أن تبني تياراً "إسلامياً سنياً" تحت قيادتها لمواجهة التيار "الشيعي" في سوريا والعراق ولبنان، ويوجد أطراف في التيار الإسلامي يشجعونها على هذا التوجه ويروجون لفكرة أنها وريثة للدولة العثمانية التي حكمت العالم الإسلامي لـ 4-5 قرون.

وبيّن المانع، أنه لا يمكن لتركيا أن تصبح بديلةً لغيرها، لأن الكويت أرتبطت بمعاهدات مع الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن، كما أن سندها الأكبر هي السعودية والأشقاء في مجلس التعاون الخليجي ومصر، وخاصة أن دول مجلس التعاون الخليجي التي تعتمد على أمريكا والدول الأوروبية وخاصة إنجلترا وفرنسا، ورأت الدول الخليجية كيف كانت تجهيزات تلك الدول حاسمة في نصرتها، خاصة في حرب الخليج والتي تكللت بتحرير الكويت، وحرب عام 2003 التي أنهت نظام صدام في العراق، رغم عدم وجود غطاء قانوني دولي، إلا أنها قد نفذت تلك المهمة

وأردف المانع، أن تركيا تحلم بالتمدد واستعادة أحلام الدولة العثمانية، وأردوغان يحلم بأن يكون سلطاناً عثمانياً جديداً، ولكن من الصعب أن تزيح القوة الحالية، لأن الدول الغربية وإن انكفأت، ستبقى عينها على مصالحها في المنطقة وما ورائها، وتقليص النفوذ الصيني والروسي ولو بمحاولة منع ارتماء المنطقة في أحضان الغرب، والغرب لا يثق في أردوغان للقيام بهذا الدور إلا عن اضطرار، وهو غير موجود حالياً، ولا تزال الدول الغربية قادرة على القيام بهذا الدور بنفسها في الخليج.