سياسياً وعسكرياً.. ماذا يعني انطلاق مناورات النجم الساطع بين مصر وأمريكا؟

انطلقت بداية هذا الشهر فعاليات التدريب المصري-الأمريكي المشترك "النجم الساطع 2023" والتي ستستمر حتى 14 أيلول الجاري بميادين التدريب القتالي في قاعدة محمد نجيب العسكرية وعدد من القواعد البحرية والجوية المصرية الأخرى.

ويحمل هذا التدريب، الكثير من الدلالات السياسية والعسكرية لا سيما على صعيد العلاقات المصرية-الأمريكية والتي تشهد مدّاً وجذراً بين الحين والآخر.

وانطلقت التدريبات الأكبر في الشرق الأوسط بمشاركة أكثر من 8000 مقاتل من 19 دولة، فضلاً عن مشاركة 15 دولة أخرى بصفة مراقب، بالإضافة إلى مشاركة عناصر من الشرطة المدنية وعدد من الخبراء القانونيين باللجنة الدولية للصليب الأحمر، فيما أكد اللواء أح/ أسامة نجا، رئيس هيئة تدريب القوات المسلحة المصرية، على أهمية التدريب الذي يعد من أرقى التدريبات التي تشهدها المنطقة.

العلاقات بين القاهرة وواشنطن

في هذا السياق، يقول طارق البرديسي الخبير في العلاقات الدولية، إن مناورات النجم الساطع حين تعقد، فإنها بمثابة تتويج للعلاقات المصرية-الأمريكية وتأكيدٍ لعمق العلاقات بين البلدين، وقد بدأت بعد عام من معاهدة السلام التي أبرمت عام 1979 ورافقها مساعدات عسكرية أمريكية تخطت 50 مليار دولار.

وأضاف، في اتصال هاتفي لوكالة فرات للأنباء (ANF)، أن انطلاق مناورات النجم الساطع في نسختها الـ 23 يأتي كذلك ليؤكد على استمرارية متانة العلاقات الاستراتيجية بين القاهرة وواشنطن في مختلف المجالات السياسية والعسكرية والاقتصادية، كما تعبر عن محورية ومكانة مصر باعتبار الأخيرة شريكاً أساسياً في الاستقرار الإقليمي والعالمي، فضلاً عن دورها في مكافحة الإرهاب والتطرف.

ويقول "البرديسي" أن المناورات تقدم تدريباً للقيادات والجنود المختلفين سواء فيما يتعلق بالتعامل مع حرب نظامية، أو حرب ضد جماعاتٍ إرهابية، وهناك شراكات لدول أخرى في هذه المناورات، فأكثر من 19 دولة تشارك بأفراد وإجمالاً هناك 34 دولة بعضهم بصفة مراقب، وبالتالي تعكس المناورات مكانة مصر وتؤكد على أهمية تلك المناورات.

ويشير خبير العلاقات الدولية أن المناورات تؤكد كذلك على دور مصر الرئيسي في مواجهة العنف والتطرف، كما تؤكد أن القاهرة حريصة على الحفاظ على العلاقات مع واشنطن، مثلما تريد الأخيرة كذلك نفس الأمر، إذ جرى في أكثر من مناسبة التأكيد من قبل القادة الأمريكيين على عمق ومتانة العلاقات المصرية-الأمريكية.

أهمية عسكرية

وتؤكد القوات المسلحة المصرية أن التدريب يشكل إضافة قوية للقوات المشاركة فيه من خلال التعرف على كل ما هو جديد في مجال التدريب العسكري بالإضافة إلى الاطلاع على التكتيكات العسكرية الحديثة لمختلف العقائد القتالية.

فيما قال العميد ماثيو ريد، مدير التدريب من الجانب الأمريكي إن التدريب يعمل على تعزيز القدرات المشتركة لحل المشكلات ومواجهة التحديات وتوحيد المفاهيم العسكرية بين القوات المسلحة للبلدان المشاركة، متمنياً استمرار وتطوير التدريب خلال السنوات القادمة لتعزيز الروابط بين الدول المشاركة.

وقال اللواء عادل العمدة، المستشار بأكاديمية ناصر العسكرية، في اتصال هاتفي لوكالة فرات للأنباء (ANF)، إن مناورات النجم الساطع هي واحدة من أهم التدريبات العسكرية التي ترجى على صعيد منطقة الشرق الأوسط، وصحيح أنها تعقد بشكل متواتر وهذا موعدها الرسمي، لكن ما من شك أن الأحداث الإقليمية والدولية تكسبها زخماً كبيراً لا سيما ما يجري في العالم من تهديدات وتحديات أفرزتها الحرب الروسية-الأوكرانية.

ولفت "العمدة" إلى أن مناورات النجم الساطع تعقد منذ فترة طويلة لكنها توقفت في الفترة ما بين عامي 2007 و2017، ثم عادت بطلب من الولايات المتحدة الأمريكية، وفي البداية كانت مقتصرة على الدولتين فقط، لكنها توسعت لتصل اليوم إلى 34 دولة منهم 19 دولة مشاركة بقوات عسكرية، بالإضافة للصليب الأحمر الدولي والشرطة المدنية المصرية.

ويوضح المستشار بأكاديمية ناصر العسكرية المصرية أن الشرطة المدنية تشارك في هذه التدريبات بسبب الأعمال المشتركة فيما يتعلق بمكافحة الإرهاب والهجرة غير الشرعية والجريمة العابرة للحدود، كما يتم تناول بعض المفاهيم بشأن التعامل مع الأسرى وملف حقوق الإنسان، ولهذا تشارك منظمة الصليب الأحمر الدولي وتكون حاضرة في هذا التدريب.

ويرى "العمدة" أن هذه التدريبات تحقق استفادة كاملة وكبيرة للدولة المصرية من خلال الاستفادة من التكتيكات التي تنفذ والأمور المتعلقة بتعزيز أواصر الصداقة بين القاهرة والدول المشاركة، إلى جانب مشاركة أنواع الأسلحة المختلفة، حيث يتم استعراض الأسلحة المشاركة في المناورات في البداية.

وفي ختام تصريحاته لوكالة فرات للأنباء، أكد "العمدة" أن الأحداث الجارية في العالم ككل تُكسب هذه المناورات زخماً، من حيث أهمية العمل المشتركة بشأن التحديات التي تواجه غالبية الدول المشاركة في التدريبات، وما يشهده العالم من أزمات سواء اقتصادية وسياسية يكون لها توابع على الاستقرار والأمن لا سيما في منطقة الشرق الأوسط، وهي أمور تستدعي أن يكون هناك تحرك عسكري وأمني للتعامل معها.

وكانت القائمة بأعمال السفارة الأمريكية في القاهرة، إيفينيا سيدرياس، قد صرحت أن "النجم الساطع 23" تعزز الشراكة الدفاعية المهمة بين الولايات المتحدة ومصر، وتسلط الضوء على أهمية التعاون المستمر بين القاهرة وواشنطن لتحسين الاستقرار في الشرق الأوسط.