"سياسات التتريك" ومحو الهوية في شمال سوريا

لا تنفصل السياسات التركية في شمال سوريا عن المخطط الإقليمي لأنقرة والذي يتمثل في إعادة بسط النفوذ التركي على أوسع نطاقٍ ممكن من الأراضي التي تخلَّى عنها الأتراك عند سقوط الدولة العثمانية قبل مائة عام.

د. طه علي أحمد باحث في شؤون الشرق الأوسط وسياسات الهوية

منذ تأسيس الجمهورية التركية في 1923، تمارس الحكومات المتعاقبة ما يُعرَف بـ "سياسات الهوية"، والتي تتعارض مع جوهر الديمقراطية، كونها تستهدف منذ البداية فرض هويةٍ أحادية الجانب، وتُعادي ما سواها، وهو ما يندرج في إطار ما يُسَمَّى بـ "الاندماج الإكراهي" بمعنى استخدام القوة لفرض نسقٍ قيمي مُعَيَّن يتوافق مع الإطار الأيديولوجي الذي يرفع رايته النظام السياسي الحاكم . وكجزءٍ من ممارسات الدولة القومية فقد انتشرت سياسات الهوية بكثرة في القرن العشرين حيث تناولها الكثير من الأدبيات بداية من ماري وولستون كرافت وفرانز فانون، وصولاً إلى فرانسيس فوكوياما في كتابه "الهوية: الحاجة للكرامة وسياسات الاستياء" الذي يَرصُد فيه صعود سياسات الهوية كأحد التحديات التي تواجه تطور الديمقراطية في العالم المعاصر .

وقد مثَّلت الدولة التركية ميداناً برزت من خلاله سياسات الهوية المستندة على سلطوية متجذرة في بنية الدولة منذ نشأتها، فرغم النزعة العلمانية التي قامت عليها الدولة التركية، والنموذج الديمقراطي الذي رفعت النُخَب الحاكمة لواءُه، إلا أن واقع الممارسة يكشف عن تناقضٍ ملحوظ؛ فالدستور التركي - على سبيل المثال - يَنُصُّ على أن "جميع الأفراد متساوون أمام القانون دونما تمييز، بصرف النظر عن اللغة، أو العِرق، أو اللون، أو الجنس، أو الرأي السياسي، أو المعتقد الفلسفي، أو الديانة أو الطائفة، أو أي اعتبارات مشاب. النساء والرجال متساوون في الحقوق. والدولة مُلْزَمة بضمان تحقيق هذه المساواة" ، إلا أن الواقع العملي يتناقض شكل ومضمون المادة السابقة. فما إن تأسَّسَت الدولة القومية في تركيا عقب انهيار "الدولة العثمانية"، وما يعرف بـ "حرب الاستقلال" التي قادها مصطفى كمال أتاتورك مدعوماً بالعديد من مكونات المجتمع التركي بما فيهم الكُرد، الذين انقلب عليهم أتاتورك لاحقاً، إلا وانخرطت كافة أجهزة الدولة في ممارسة "سياسات التتريك" بشكل قسري لكافة مكونات المجتمع التركي بغض النظر عن أية تباينات عرقية أو مذهبية.

أما اليوم، وبعد مائة عام، ومع مساعي السلطات التركية، في عهد رئيسها الحالي رجب طيب أردوغان، لإعادة بسط نفوذ بلاده خارجياً أملاً في استعادة ما تسميه النخبة القومية التركية بـ "المجد العثماني"، تتجلى سياسات التتريك في الأراضي التي احتلتها القوات التركية في خضم آتون الحرب التي انزلقت إليها سوريا بعد عام 2011، وهو ما شجَّع الرئيس التركي على تضمين "سوريا" في خطابه السياسي "القومي" كرأسِ حربةٍ لمشروعه الإقليمي، حيث هيأت له المعطيات الأمنية والسياسية الفرصة للقفز على أجزاءٍ كبيرة من الجغرافيا السورية تقدر بنحو 10% من الجغرافيا السورية. وكجزءٍ من مشروعه الإقليمي، ولمواصلة "سياسات التتريك"، تحركت السلطات التركية العديد من المستويات واستخدمت كافة الأدوات المتاحة للمُضي في فرض الهوية التركية على الأراضي السورية التي استولت عليها من خلال العمليات العسكرية المتلاحقة من 2015، و يمكن الإشارة إلى تفصيل هذه السياسات "التتريك" على النحو التالي:

أولا. المستوى العسكري 

مَثَّلَت الآلةُ العسكريةُ التركيةُ رأسَ الحربةِ في مشروع تتريك شمال سوريا؛ فمع انزلاق الدولة السورية نحو آتون الفوضى والحرب الأهلية التي انطلقت شرارتها في 26 كانون الثاني 2011، وجدت أنقرة الفرصةَ سانحة للقفز نحو تطبيق مُخَطَّطِ تمدُّدِها في الأراضي السورية، وقد بدا ذلك عند تقديم الرئيس التركي رجب طيب أردوغان مقترحاً بإقامة ما أسماه بـ "منطقة آمنة" تضم بعض مناطق شمال سوريا في عام 2013، ولهذا الغرض خاضت الآلة العسكرية التركية العديد من العمليات العسكرية على الأراضي السورية، بداية مما عُرِفَ بعمليةُ "درع الفرات" في الفترة 24 آب 2016 – 29 آذار 2017 وقد انتهت بسيطرة القوات التركية على المنطقة الواقعة بين عفرين ومنبج، وعملية "غصن الزيتون (20 كانون الثاني – 24 آذار 2018) وأسْفَرت عن احتلال منطقة عفرين والبلدات التابعة لها في شمال غرب سوريا، وفي المدة 9 – 23 تشرين الأول 2019 شنَّت تركيا وجماعات مسلحة متحالفة معها عملية عسكرية، وقد اسفرت هذه العملية عن احتلال تركيا تمتد على عمق 32 كم بطول المسافة الواقعة بين مدينتي سري كانييه (رأس العين) وكري سبي (تل أبيض) على الحدود السورية التركية، وهي المنطقة التي تدخل في نطاق المخطط التركي المعروف بـ "المنطقة الآمنة". وفي 20 تشرين الثاني 2022 أعلنت أنقرة عن شن ضربات جوية على المناطق الحدودية الواقعة شمال سوريا وشمال العراق، في إطار ما أسمته بعملية "المخلب – السيف" وقد استهدفت هذه الضربات مواقع قوات سوريا الديمقراطية ومواقع أخرى في مدن حلب والرقة والحسكة. وبهذه العمليات العسكرية، أكَّدت تركيا احتلالها لمدن عفرين ونواحي مثل جنديرس وغيرها، وكري سبي (تل أبيض) وسري كانييه (رأس العين) والباب وأعزاز وجرابلس وغيرها.

وهكذا فقد مَهَّدَت الآلة العسكرية الطريق لخلق واقعٍ يسمح لتركيا بأن تحتل مكانة فاعلة في ديناميات الأزمة السورية، حيث اتفقت الولايات المتحدة مع تركيا في 29 كانون الثاني 2019، على إقامة مركز عمليات مشترك شمال سوريا كآليةٍ للتنسيق فيما يحص حماية الحدود بالاشتراك مع الولايات المتحدة وذلك وفقاً لبيانٍ عن وزارة الدفاع التركية عقب مفاوضات بين مسؤولين أمريكيين وأتراك، فضلاً عن ذلك فقد لعبت تركيا دوراً رئيسياً في الترتيبات السياسية المعنية بالأزمة السياسية مثل مسار أستانة. 

ثانيا. المستوى الثقافي محو هوية وتتريك ثقافتها 

تقف الهوية الثقافية كحجر زاوية في الوعي الذاتي للأمم بما يجعلها ركيزة لمقاومة كافة أشكال الغزو الخارجي على مر التاريخ، فما إن حلت القوى الاستعمارية في مكانٍ ما إلا ووضعت السلطات الاستعمارية طمس الهوية الثقافية لشعوب هذه المناطق نصب أعينها، وهو ما تكشف عنه الخبرات الاستعمارية حول العالم، فلطالما كانت فكرة التسلل عبر مسألة الهوية والانتماء سبيلاً لاستمالة شعوب دول الشمال الافريقي لاستبدال الحماية العثمانية بالاحتلال الفرنسي، في مطلع القرن العشرين، وفي العراق لم يختلف الأمر حينما أقدمت سلطات الاحتلال الأمريكي على تدمير المكتبات العراقية كذاكرة بلاد الرافدين وحافظة للهوية الثقافية للشعوب المنطقة .  

لم يختلف السلوك التركي عند غزو الأراضي السورية خلال العقد الأخير، حيث مثلت عملية التتريك الثقافي، بمعنى فرض الهوية التركية على كافة مناحي الحياة في المناطق التي تسيطر عليها تركيا عنوة، مثلت ركيزة أساسية لتسهيل المضي في المخطط القومي الذي يرفع رايته الرئيس التركي، والمتمثل في استعادة النفوذ العثماني، تحت مسميات عديدة مثل "الميثاق الملي" و"العثمانية الجديدة، والتي قام عليها الخطاب السياسي للسلطات التركية خلال السنوات الأخيرة، ولهذا الغرض فإن طمس كافة مظاهر ورموز الهوية الثقافية لسكان الأراضي التي احتلتها تركيا في شمال سوريا، وغالبيتهم من الكرد، مثل أحد أهداف السياسة التركية، ففي آذار 2018 تم إسقاط تمثال "كاوا الحداد"، وهو أحد الرموز الثقافية للكرد في عفرين. ثم أعقب ذلك تحويل اسمه إلى "دوار غصن الزيتون". وفي مدينة اعزاز بريف حلب تم إطلاق اسم "الأمة العثمانية" على الحديقة العامة، ثم أعيد تسمية إحدى رياض الأطفال باسم "السلطانة عائشة" وهي زوجة السلطان العثماني أحمد الأول. وفي سري كانييه (رأس العين) ترفع اللافتات على المحكمة والمستشفى العامة بالبلدة باللغتين العربية والتركية، كما تم تغيير أسماء القرى والبلدات لأسماء تركية .

وللمضي في تغيير الذهنية الثقافية لأبناء المنطقة، قامت وزارة التعليم التركية في تشرين الأول من نفس العام 3.6 مليون كتاباً إلى مدن عفرين، جرابلس، الباب، اعزاز، جوبان بي، مارع، أخترين، لتوزيعها على المدارس في هذه المدن، وهي مكتوبة باللغة التركية حيث حرصت على إحلال مناهج تركية في المدارس في هذه المنطقة. كما توسعت السلطات التركية في نقل عمل المدارس التابعة لها إلى شمال سوريا مثل سلسلة مدارسة "إمام خطيب" .

وقد افتتحت السلطات التركية، في كانون الثاني 2020، مدرسة تحمل اسم "ثانوية الوالي أحمد تورغاي إمام غيلار" في مدينة جرابلس السورية على الحدود مع تركيا. وأحمد تورغاي هو مسؤول إداري في محافظة غازي عنتاب ومات بجرابلس في كانون الثاني 2019. كما افتتح معهد "يونس إمرة" الثقافي التركي أربعة فروع في كل من مدينة إعزاز (2020)، والباب وجرابلس، وعفرين في آب 2023، حيث أطلق المعهد حملةً تستهدف 300 ألف طفل في المنطقة وإدماجهم في الثقافة التركية، كما جاء في كلمة رئيس المعهد "فكرت تشيتاك" أثناء افتتاح فرع مدينة الباب .

كما تم افتتاح فروعا لبعض الجامعات التركية مثل جامعة "حران" في شانلي أورفا، وجامعة غازي عنتاب التي افتتحت فرعا لها في عفرين، وتم ربط مناطق السيطرة التركية بالولايات الحدودية جنوب تركيا مثل هطاي، وغازي عنتاب وشانلي أورفا. كما تم تغيير غالبية أسماء الشوارع إلى أسماء تركية، كما تمت إزالة المعالم الكردية وتغيير أسماء الشوارع والأحياء الكردية بأخرى تركية.  كما تم تغيير اسم الساحة الرئيسية في مدينة عفرين إلى "ساحة كمال أتاتورك ".

وبالتوازي مع ذلك، اتخذت السلطات التركية عدة إجراءات من بينها إجراء المرأة على ارتداء الحجاب، ومنع استخدام اللغة الكردية وإجبار الكرد على استخدام إحدى اللغتين العربية أو التركية، وعدم السماح لرجال الدين والأئمة بالعمل إلا لمن يحصل على موافقة من السلطات التركية .

ثالثا. المستوى الاجتماعي: التهجير و"التتريك الديمغرافي

بالتوازي مع المنظور الثقافي، يأتي المدخل الاجتماعي كسبيل للمضي في مخطط التتريك الذي تمارسه في المناطق المحتلة بشمال سوريا من جهة، بما يتوازى مع مساعي إجهاض أية نزعات لتجسيد الهوية الثقافي الكُردية من جانب الحكومات التركية على مدار القرن العشرين من جهة أخرى، فقد مثَّلت عمليات التهجير والتغيير الديمغرافي أحدَ ركائز السياسة التركية في شمال سوريا، ففي عفرين ذات الغالبية السكانية الكردية، تشير التقارير الدولية إلى تهجير حوالي 300 ألف شخص ومصادرة ممتلكاتهم ونقلها إلى أجانب، حيث تحول غالبية سكان عفرين إلى نازحين ليتمركزوا في مخيمات في مناطق الشهباء بريف حلب وغيرها، بالإضافة إلى تهجير الكثير منهم خارج البلاد . وفي مدينة كري سبي (تل أبيض)، تسارعت وتيرة التوطين القَسْري، حيث وثَّقت العديد من التقارير الحقوقية توطين 1378 خلال شهر آب 2023 المنصرم وحده، ومنذ شهر نيسان من العام الجاري تم توطين أكثر من 25 ألف شخص من الأسر الموالية للأتراك، وفي الإجمال فقد تم تهجير نحو 85% من أهالي المنطقة سواء من الكرد والمسيحيين أو الأيزيديين الذين تعرضوا للتهجير التام. وقد بلغ عددُ من تم توطينهم في كري سبي (تل أبيض)، لنحو 24 ألف شخص في كري سبي (تل أبيض) . 

بالتوازي مع ذلك، شرعت السلطات التركية في بناء المستوطنات في المناطق التي نزح عنها الكرد من أجل إعادة اللاجئين السوريين الموجودين لدى تركيا؛ وكانت آخر هذه الخطوات قيام وزير الداخلية التركي سليمان صويلو، في 24 أيار 2023، بوضع حجر الأساس لأحد المشاريع الاستيطانية، التي تمولها دولة قطر، حيث قال الوزير التركي وقتئذ بأن اللاجئين السوريين الموجودين في تركيا سيستقرون في هذه المنازل حيث يشمل هذا المشروع بناء 240 ألف منزل في المطقة .  كما تقوم العديد من الجمعيات مثل "المنظمة الدولية للتنمية الاجتماعية والدعم الانساني" التي تقع في تركيا، وغيرها من الجمعيات المُمَوَّلة من دول خليجية كالكويت وقطر، بإنشاء الكثير من المستوطنات، التي تجاوزت في عفرين وحدها أكثر من ٢٥ مستوطنة منذ مطلع عام 2022 . وفي 18 شباط 2023 قام السفير القطري بزيارة بلدة جندريس بريف عفرين شمالي حلب حيث أعلنت منظمة "قطر الخيرية" عن مشروع لبناء مستطونة في عفرين . وفي ناحية جندريسه تم إنشاء مستوطنتين على ضفاف نهر عفرين، بالإضافة لاثنتين أُخريين في قريتي أغجلة وخرزا. وفي إدلب بلغ عدد الوحدات الاستيطانية في مدينة إدلب 45 ألف و903، وحوالي 14 ألف في المناطق الواقعة بين جرابلس وعفرين. وهو ما يكشف عن تسارع وتيرة التغيير الديمغرافي التي تقوم بها تركيا بمعاونة قوى إقليمية داعمة بما يخالف القانون الدولي، حيث تنص الفقرة 8 من المادة 8 بالنظام الأساس للمحكمة الجنائية الدولية إلى تجريم قيام "دولة الاحتلال" بشكل مباشر أو غير مباشر، بنقل أجزاء من سكانها المدنيين إلى الأرض التي تحتلها، أو إبعاد أو نقل كل سكان الأرض المحتلة داخل هذه الأرض أو خارجها. كما أن ذلك يخالف المادة 42 من لائحة لاهاي لعام 1907، والتي تنص على انه "تعتبر أرض الدولة محتلة حين تكون تحت السلطة الفعلية لجيش العدو ولا يشمل الاحتلال سوى الأراضي التي يمكن أن تمارس فيها هذه السلطة بعد قيامها"  وهو ما يؤكده الواقع من خلال الإجراءات التي تتخذها السلطات التركية على الأراضي السورية التي تسيطر عليه. 

رابعا. التتريك الاقتصادي والإداري

لا ينفصل التتريك الاقتصادي والإداري عن المخطط العام لتدعيم النفوذ التركي في المناطق المحتلة في شمال سوريا، ولهذا الغرض قامت السلطات التركية باستبدال الليرة التركية بالسورية، كما تم قصر الأنشطة الاقتصادية في هذه المناطق على المنظمات المسجلة في تركيا، للتشديد الرقابة والسيطرة على ذلك، افتتح الأتراك مركزا للخدمات البريدية تابعاً للبريد التركي حتى يمكن التحكم في دخول وخروج الأموال لهذه المناطق، والسيطرة على خدمات الشحن والخدمات اللوجستية وعمليات الصيرفة، والتحكم في رواتب الموظفين والعاملين والمدرسين. كما افتتحت السلطات الإدارية لمحافظة غازي عنتاب التركية مدينة صناعية تقع بين مدينتي الباب وحلب، وكان الأتراك قد أنشئوا طريقاً لهذا الغرض. وبالتالي أصبحت السلطات التركية تشرف بشكل مباشر على المجالس المحلية بالمناطق التي تسيطر عليها، كما تم إلحاق مجلس عفرين من الناحية الإدارية لمحافظة هاتاي التي عين محافظها اثنين من المسؤولين الأتراك للإشراف على عفرين، فلم تعد ثمة إمكانية للعاملين في القضاء أو المحاماة بالعمل في مدينة عفرين بدون الحصول على تصاريح من جانب وزارة العدل التركية . وبجانب ذلك، تم فصل التوقيت الزمني في المناطق التي تحتلها تركيا بشمال سوريا عن بقية المدن السورية ليكون متوافقا مع التوقيت الزمني التركي.

الخلاصة

تكشف السطور السابقة عن محاور السياسة التي تتبعها السلطات التركية في المناطق التي احتلتها في شمال سوريا على مدار السنوات الأخيرة، وذلك في إطار ما اصطلح عليه بـ "سياسات التتريك" التي تمهد للسيطرة التركية على المنطقة، كجزءٍ من مخططات استعادة النفوذ العثماني على المناطق التي يرى ذوو النزعة التقومية في تركيا أنهم فقدوها خلال ديناميات سقوط الدولة العثمانية قبل مائة عام، غير أن أهم ما يميز السياسة التركية الراهنة تجاه سوريا وغيرها من مناطق الشرق الأوسط هو تجاهل الشرعية الدولية والسيادة الوطنية لدول المنطقة سواء في سوريا؛ ففي 7 تشرين الأول 2019، قال الرئيس التركي في أحد مؤتمراته الصحفية "هناك عبارة نكررها على الدوام: يمكننا الدخول (إلى سوريا) في أي ليلة بدون سابق انذار " ، وكذلك الحال بالنسبة لليبيا التي قال في شأنها الرئيس التركي، بتاريخ 22 كانون الأول 2019، ردا على معارضي تدخله في الشأن الليبي، "إن بلاده سترسل جيشها إلى ليبيا وتقاتل كما قاتل أتاتورك إلى جانب الليبيين هناك" . وهو ما يكشف عن الذهنية التي تقود السياسة التركية تجاه منطقة الشرق الأوسط كإرثٍ عثماني يتعين على الحكومات القومية استرداده.

المراجع

[1] الموسوعة السياسية، على الرابط: https://cutt.us/JdEF1

[1] Francis Fukuyama, Identity: The Demand for Dignity and the Politics of Resentment,  (New York: Farrar, Straus and Giroux, 2018)

[1] الدستور التركي المعدل، 2017، مادة 10.

[1] قناني ميلود، المحافظة على الهوية في مواجهة الغزو الثقافي إبان الاستعمار الفرنسي، مجلة الحكمة للدراسات الفلسفية، عدد 10، رقم 3.

[1] المرجع السابق

[1] جريدة الشرق الأوسط، 27 تموز 2023

[1] جريدة الشرق الأوسط، 26 آب 2023.

[1] سينام محمد، فهم مخاطر المناطق الآمنة التركية في سوريا، معهد واشنطن للسياسات، على الرابط: https://cutt.us/3Cv9f

[1] جريدة أحوال التركية 2 حزيران 2019.

[1] كالة أنباء هاوار، 31 آب 2023.

[1] موقع فرانس 24، بتاريخ: 25 كانون الثاني 2023، على الرابط: https://cutt.us/rU8mc

[1] موقع حزب الاتحاد الديمقراطي السوري، على الرابط: https://cutt.us/16aWE

[1] https://npasyria.com/141623/

[1] انظر: الاتفاقية الخاصة باحترام قوانين وأعراف الحرب البرية، لاهاي، 1907، مادة 42

[1] مركز توثيق الانتهاكات، https://vdc-nsy.com/archives/16415

[1] فرانس 24، 7/10/2019، على الرابط: https://cutt.us/JpzUu

[1] خليل مبروك، "أمير البحار" برباروس و"الغازي" أتاتورك.. هل يحيي أردوغان تاريخ أجداده؟، تقرير على موقع الجزيرة، على الرابط: https://cutt.us/p1acJ