بعد التصعيد في الأراضي الفلسطينية.. هل يتعثر مسار التطبيع بين السعودية وإسرائيل؟

قبل أيام صرح العاهل السعودي الأمير محمد بن سلمان أن بلاده تقترب من التطبيع مع إسرائيل، لكن مع التصعيد الذي تشهده الأراضي الفلسطينية خلال الأيام الماضية أثير الحديث حول حدود تأثير هذه التطورات على مسار تطبيع العلاقات بين الرياض وتل أبيب.

وكان ولي العهد السعودي تلقى أمس اتصالاً هاتفياً من الرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبومازن)، أكد خلاله أن السعودية تبذل كل الجهود الممكنة بالتواصل مع الأطراف الدولية والإقليمية كافة، لوقف أعمال التصعيد الجاري، ومنع اتساعه في المنطقة، وتأكيد ضرورة الالتزام بالقانون الدولي الإنساني، وعدم استهداف المدنيين، وأن بلاده مستمرة في وقوفها إلى جانب الشعب الفلسطيني لنيل حقوقه المشروعة في حياة كريمة، وتحقيق آماله وطموحاته، وتحقيق السلام العادل والدائم.

هذا هو مسار التطبيع بين السعودية وإسرائيل

في هذا السياق، يجزم الدكتور ماهي صافي الكاتب والمحلل السياسي الفلسطيني، في تصريحات لوكالة فرات للأنباء (ANF)، أن ما يجري في الأراضي الفلسطينية والعدوان الإسرائيلي الغاشم سيكون له تأثيره بالتأكيد على مسار تطبيع العلاقات بين المملكة العربية السعودية وإسرائيل، مسترشداً في ذلك برسالة ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان بالأمس للقيادة الفلسطينية والتي دان فيها هذا العدوان ويعلن تضامنه مع الشعب الفلسطيني.

وأضاف «صافي» أنه في ضوء تلك التصريجات يمكن القول إن الأمر تحول من قرار التطبيع للامتناع عنه، فالرياض أثبتت أنها حريصة على مصلحة الشعب الفلسطيني، وكان لها عبارات واضحة فيما يتعلق برفض هذا العدوان، عكس بعض الدول الأخرى التي أبدت رفضاً لما قالت إنه قتل للمدنيين في إسرائيل وتضامنت مع الاحتلال في موقف غير معتاد وغير مألوف.

واعتبر الكاتب والمحلل السياسي الفلسطيني أن تلك الدول التي تضامنت مع إسرائيل – دون أن يحددها – أصبح التطبيع لديها مع تل أبيب قولاً وفعلاً، وهذا على خلاف المملكة التي أعطت انطباعاً جدياً برفضها ممارسات الاحتلال، وأدانت ما فعله الاحتلال الإسرائيلي ومدت يد العون للشعب الفلسطيني في غزة، وحافظت على مواقفها التاريخية التي تليق بمكانتها.

وأكد "صافي" أن السعودية دائماً مع القضية الفلسطينية بعيداً عن التصريحات الصحفية والمنصات الإعلامية الإسرائيلية التي تروج بقوة للتطبيع سواء ثقافياً أو اجتماعياً أو سياسياً، فهي تأتي في إطار محاولات لتشويه الصورة العربية للسعودية، رغم أن الرياض ربطت التطبيع بالتوصل إلى حل عادل للقضية الفلسطينية، ولو كان هناك اتفاق لتطبيع العلاقات في المستقبل فسيكون في إطار هذه الرؤية، وأن تكون هناك ضمانات لحماية وصون حق الشعب الفلسطيني ومقدساته ودمائه.

وترى كثير من الأوساط السياسية الفلسطينية والعربية أن التطبيع بين السعودية وإسرائيل لا يجب أن يتم بسهولة، لأن توصل تل أبيب إلى اتفاق سلام مع الرياض سيكون بمثابة جائزة كبرى وستكون لها انعكاساتها ليس على العالم العربي فقط بل على العالم الإسلامي كذلك، ومن ثم يجب الحصول على أكبر قدر ممكن من المكاسب للشعب الفلسطيني قبل هذا الاتفاق.

اتفاقات السلام الإبراهيمي ستتأثر جميعها

لا يتوفر وصف.

بدوره، يقول الدكتور طارق فهمي الخبير في شؤون الشرق الأوسط، في اتصال هاتفي لوكالة فرات للأنباء (ANF)، إن الوضع يتغير وسيتغير كلية بعد التطورات الأخيرة في الأراضي الفلسطينية، لأن ما يحدث اليوم هو تغيير يعبر عن انفجار الشعب الفلسطيني وربما نجد هذه الانفجارات في مناطق أخرى، نتيجة انسداد أفق الحل للقضية الفلسطينية.

وأوضح "فهمي" أنه ما من شك أن مسار تطبيع العلاقات بين السعودية وإسرائيل سيتأثر سلباً بهذا المتغير، بل كل ما يسمى بـ"اتفاقات السلام الإبراهيمي،"، والمشروعات الجارية بخصوص هذا المسار يمكن القول إنها ستتجمد، لأن الواقع يقول إن المقاومة أثبتت نجاحها وأن الشعوب هي صاحبة الكلمة، والمقاومة هي التي تفرض استراتيجية الحركة وليست دول أخرى.

وكانت إسرائيل تمكنت من إبرام اتفاقات لتطبيع العلاقات برعاية أمريكية مع كل من الإمارات والبحرين وسلطنة عمان والمملكة المغربية والسودان ضمن ما يسمى باتفاقات السلام الإبراهيمي، وانضمت تلك الدول إلى مصر التي أبرمت اتفاقية سلام عام 1979، وكذلك الأردن التي أبرمت اتفاقية أخرى لتطبيع العلاقات عام 1994.