قوات سوريا الديمقراطية والإدارة الذاتية.. الأخوة والوحدة الديمقراطية للتكوينات السورية

لن تنجح محاولات الفتنة والتفرقة في شمال وشرق سوريا، فمنظومة الإدارة الذاتية وقوات سوريا الديمقراطية، تجسد المجتمعية السورية المتنوعة وذهنيتها التشاركية وإرادتها الحرة الصلبة وهويتها الديمقراطية القادرة على مواجهة التحديات الداخلية والخارجية.

خاضت قوات سوريا الديمقراطية ملاحم للمقاومة المجتمعية الشعبية في شمال وشرق سوريا ومعارك كبيرة ضد التنظيمات الإسلاموية الإرهابية( داعش، القاعدة، النصرة، وما يسمى الجيش الوطني السوري المرتزق الإنكشاري)، وكذلك ضد الاحتلال التركي ومرتزقته من التنظيمات السابقة، وقدمت أكثر من ١٢ ألف شهيد وحوالي ٣٠ ألف جريح من خيرة أبناء الشعبين ومكونات سوريا وما زالت تقدم التضحيات لحماية سوريا وشعبها وسيادتها ووحدتها.

هذه المعارك التي هرب منها جيوش الدول وهي الجيوش المجهزة بأحدث الأسلحة والتقنيات ومدعومة من القوى الدولية، ولكن صمود ومقاومة وانتصار قوات سوريا الديمقراطية، تمت بإرادة وعزيمة نادرة وبمنظومة مجتمعية متكاملة في جميع مناحي الحياة، تجسدت في الإدارة الذاتية الديمقراطية لشمال وشرق سوريا وبدأت من قلعة الصمود مدينة كوباني إلى بلدة الباغوز وهزيمة التنظيم ومقاومة الاحتلال التركي راعية وداعمة داعش وكل التنظيمات الإرهابية.

إن منظومة الإدارة الذاتية وقوات سوريا الديمقراطية، بريادة المرأة الحرة والتشارك الشعبي والمجتمعي المنظم والديمقراطي من الشعبين الكردي والعربي، ومن التكوينات المجتمعية السورية الأخرى، تمثل المشروع الديمقراطي المجتمعي الحر، وهي إحدى أهم البدائل المطروحة والواقعية والناجحة لتعزيز وتحقيق وحدة وسيادة سوريا ديمقراطية وتحقيق الانتماء الوطني، وهو البديل لنموذج الدولة القومية الأحادية المركزية الفاشلة، وحالة التفرقة والفتنة والنعرات المختلفة ولحالة التبعية والارتهان، وكذلك تمثل ذهنية وعقلية هذا المشروع الديمقراطي منجزاً كبيراً، وهو متجاوز للذهنية السلطوية الدولتية والذكورية المقيتة، فهي بذلك أحد الحلول الداخلية السورية الوطنية لحل الأزمة السورية وخلاص الشعب السوري من المعاناة والصراع المستمرة منذ 12 سنة وهو الحل الداخلي السوري المتوافق كذلك مع القرار الدولي ٢٢٥٤ لحل الأزمة السورية أمام فشل كل الحلول والسياقات التي تم طرحها لأجندات دولية أو إقليمية أو سلطوية معينة، ولذلك يتم استهدافها بشكل مستمر ومن جهات تختلف في أمور عديدة وتتفق في عدائها لهذا المشروع.

نظراً لأهمية هذا المشروع بالنسبة للسوريين ولشعوب المنطقة، وخاصة في ظل ضياع البوصلة بعد حالة الربيع العربي وإفراغه من قبل الإسلامويين والليبراليين الانتهازيين والسلطويين، وكونه استطاع تجاوز أغلب التحديات الاقتصادية والأمنية والسياسية ضمن ظروف صعبة وشبه مستحيلة، وبل هزمت أغلب المؤامرات التي حيكت ضدها حتى الآن، من قبل مختلف القوى الدولية والإقليمية المتدخلة في الشأن السوري وخاصة الاحتلال التركي والتواطؤ الأمريكي معه، ومسار آستانا المعبر عن المصالح والأولوية الروسية التركية الإيرانية على حساب سيادة سوريا ووحدة شعبها وأرضها، ولذلك نعتقد أن تجربة شمال وشرق سوريا، ستكون أقوى بعد محاولة البعض لخلق فتنة دير الزور الأخيرة، وخاصة مع عملية تعزيز الأمن ونجاحها المؤكد، والتي أطلقتها قوات سوريا الديمقراطية بناءً على طلب وجهاء وعشائر دير الزور وأبنائها وبناتها الأحرار.

إن الزخم الكبير الذي حصل في الأيام الماضية لأحداث دير الزور وعملية تعزيز الأمن والاستقرار فيها، ومحاولة بعض القوى السلطوية الاستبدادية والرجعية والداعشية التركية والمليشاوية الإيرانية وأبواقهم وإعلامهم الذين يبثون خطاب الكراهية والعنف والفتنة والتزييف، دفع الأمور لمزيد من التوتر والفوضى والاصطياد في الماء العكر وخلق فتنة بين الشعبين الكردي والعربي من مبدأ فرق-تسد لم تنجح ولن تنجح، لأسباب عديدة، منها البعد الأخلاقي والإنساني والمجتمعي لمنظومة الإدارة الذاتية وحاضنتها العربية والكردية وتجسيدها المجتمعي وحرص المجتمع العربي عليها قبل الكرد، قبل أي عوامل أخرى عسكرية أو سياسية، وقدرتها على معالجة أوجه القصور إن وجدت وتحقيق التطور المطلوب، فالمبدأ الأساسي في الإدارة الذاتية هو ليس الديمقراطية التمثيلية بل الديمقراطية المباشرة أو التشاركية أو الراديكالية التي تعتمد على الكومينات (الاتحادات الديمقراطية) والمجالس والجمعيات والأكاديميات وهي الأقرب للتكوينات والهياكل الاجتماعية السورية سواء العرب أو الكرد أو غيرهم.

نعتقد أنه بعد الناصر صلاح الدين الأيوبي وقيادته للشعبين الكردي والعربي وشعوب المنطقة وتوحيده لإرادة شعوب ميزوبوتاميا وبلاد الشام ومصر ضد التحديات الخارجية، فإن منظومة الإدارة الذاتية وقوات سوريا الديمقراطية، تمثل حالة جديدة ومتجددة لها وبتوجيهات ورؤية مختلفة تتضمن الحالة الدينية وتتجاوزها، لبناء تركيب مجتمعي منظم للشعبين ولشعوب المنطقة وهوية ديمقراطية وذهنية تشاركية وإرادة موحدة للشعبين، يتجاوز البعد العرقي والديني والمنطقي والقبلي، إلى الهوية الديمقراطية الجامعة لكل التكوينات الاجتماعية في منظومة ومشروع الأمة الديمقراطية التي طرحها المفكر والقائد عبدالله أوجلان لحل قضية الشعب الكردي وقضايا شعوب المنطقة ضمن الحدود الموجودة، حتى تتمكن المجتمعات من إدارة نفسها بنفسها، ضمن جمهوريات ديمقراطية.