قالت الدكتورة نانيس عبدالرازق فهمي، الخبيرة بشؤون الأمن الإقليمي، إن تركيا تقوم بممارسات من شأنها تعطيل وعرقلة أية محادثات مصرية تركية في الوقت الراهن أو القريب.
وأوضحت فهمي في تصريحات خاصة لوكالة فرات للأنباء ANF أن "المحادثات المصرية التركية مثلما تابعنا عندما جرت جلسة المحادثات (مايو الماضي) وكانت بالأساس لاستكشاف مناطق ونقاط التلاقي والاتفاق بين الطرفين، وكانت هناك مطالب مصرية محددة إلى تركيا من بينها عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول العربية، وإضافة إلى ذلك بخصوص ليبيا ضرورة خروج المرتزقة الأجانب من ليبيا، التوقف عن دعم الإخوان وقياداتها، وعندما تتوقف هذه الأمور فإن ذلك يكون بمثابة توقف أنواع العداء والتي يتوقف عليه بعد ذلك مستقبل العلاقة إما عودتها أو غير ذلك".
وأضافت "لكن على أرض الواقع فإن تركيا لم تتخذ أي خطوة فعلية على الأرض، حتى بتعديل سياستها على الأرض ليتسنى الانفتاح في العلاقات مع مصر، الفكرة الآن أن تركيا في موقف صعب إقليميا ودوليا لديها سوء إدارة للملفات وأيضا أطماع توسعية وفي مصادر الطاقة كانت هي السبب الرئيس في إرساله القوات إلى ليبيا واعتبار أن ليبيا هي موطئ قدم وموطئ ارتكاز على البحر المتوسط وذلك أيضا من أجل غاز المتوسط".
وأشارت إلى أنه "وحتى الآن لم تتخذ تركيا أي خطوات على الأرض من أجل سحب القوات الأجنبية والمرتزقة في ليبيا بل بالمقابل تواصل دعمها بالسلاح بالأفراد، وحتى الرسائل التي تُرسل من خلال زيارات المسؤولين الأتراك لليبيا، ونحن نتحدث عن وزراء ومسؤولين في الحكومة التركية على أعلى مستوى، وكأنه يقول إن لديه تمسك وعدم تنازل عن ليبيا رغم الموقف الدولي والضغوط الدولية في هذا السياق".
ولفتت إلى أن أردوغان "حتى عندما حضر الناتو كان هناك تنازلات كبيرة قدمها حتى تتم مشاورات ثنائية معه، لكن تركيا رغم ذلك عليها تقديم تنازلات لدعم السلام والاستقرار على كل الأصعدة، لأنه أثر في المشهد الليبي وزاد في عرقلة العملية السياسية الليبية التي يسعى الجميع إلى دفع الأمور فيها لعودة ليبيا لمسيرتها.. لكن تركيا بكل ما تقوم به تعرقل الحل السياسي في ليبيا وتهدد الجوار خاصة مصر، التي تؤكد على ضرورة خروج المرتزقة والأجانب من ليبيا، وهو ليس مطلبا مصريا فقط بل إقليميا ودوليا، وتبقى دولة تركيا هي الوحيدة التي تسير عكس الرؤية الدولية في هذا السياق وترفض وتعطل خروج المقاتلين الأجانب والمرتزقة وهو الأمر الذي لن تقبله مصر".
ولفتت إلى أن تركيا في محاولتها للزج بأذربيجان في الحالة الليبية بالحديث عن التعاون النفطي إنما تبحث عن شريك وتطلب من أذربيجان رد الجميل، "فكلنا نتذكر دعم تركيا لأذربيجان في حربها مع أرمينيا على إقليم ناجورنو كاراباخ، وأذربيجان وتركيا لديهم علاقات كبيرة في ذلك السياق من منطلق عداء مشترك مع الأرمن، أما طلب تركيا عبر رئيسها من أذربيجان التعاون أو المساعدة في التنقيب عن البترول هو كأنه طلب تركي لأذربيجان برد الجميل، لكن الفكرة أيضا هي في التركيز على مصادر الطاقة، فأينما وجدت مصادر الطاقة وجد الصراع، وتركيا تسعى لمصالح اقتصادية في ليبيا تنعش اقتصادها المتهالك، وبالطبع وضع موطئ قدم لها في المنطقة ومنفذ لغاز شرق المتوسط".
وتابعت: هذا يؤكد أن تركيا لا زالت على سياستها العدوانية التوسعية التي أدت إلى عزلتها على كل المستويات ومصر لن تقبل إلا بتنفيذ مطالبها، وبكل الأحوال لن تتراجع عنها، وفي الوقت نفسه فإن هناك مماطلة وبطء من جانب التركي في تنفيذ القرار الخاص بخروج المرتزقة والأجانب من ليبيا وهذا لمصالح خاصة بتركيا بالأساس، اقتصادية واستراتيجية، متجاوزة بذلك كل المطالب المصرية والدولية والإقليمية تجاه ليبيا.
واستطردت: بالتالي فإنه من المهم أن تزداد الضغوط الأمريكية والأوروبية على تركيا خلال هذه الفترة من أجل إنجاح مؤتمر برلين ٢ ومخرجاته التي ربما لا يتسع المجال هنا للحديث عنها. فإن أي حل أو تغيير على الأرض في ليبيا سيؤدي لتغير المواقف الرابحون خاسرون والعكس وهذا ما تماطل تركيا بشأنه خوفا من استقرار الوضع.
وشددت فهمي على أن "أية علاقات ومحادثات مصرية تركية لابد أن تحدث معها المطالب المصرية بالأساس، فإذا لم تنفذ فإن ذلك لن يحقق أي تغير على صعيد العلاقات بين مصر وتركيا ولا على صعيد ليبيا ولا على صعيد الأمن الإقليمي".
وأنهت دكتورة نانيس عبدالرازق فهمي حديثها مع وكالة فرات للأنباء ANF قائلة: الكرة الآن في ملعب تركيا لتعبر عن التزامها وأعتقد أن ليبيا الآن هي أولوية أولى، لكن التلكؤ والتواطؤ التركي في عرقلة ملف خروج الأجانب والمرتزقة يؤكد أنها مستمرة في سياستها التوسعية.. وهذا مرفوض ويعرقل أي محادثات مصرية تركية في الوقت الراهن أو القريب".