مراقبون: السياسية الخارجية للرئيس المصري تحقن دماء شعوب الشرق الأوسط

أعلن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ترشحه لفترة رئاسية جديدة في ختام أعمال مؤتمر حكاية وطن والذي انعقد على مدار 3 أيام بالعاصمة الإدارية الجديدة.

ويرى خبراء ومراقبون أن السياسة الخارجية المصرية تحت قيادة الرئيس السيسي اتسمت بقدر من التوازن والاتزان وتأسست على مباديء أخلاقية هدفت بالأساس إلى حقن الدم العربي ودماء شعوب منطقة الشرق الأوسط ومنع التدخلات في شؤونها ودفع أطر التعاون العربي – العربي والأفريقي، وقد كانت أزمات سوريا واليمن وليبيا شاهدة على أهمية تلك التحركات المصرية رغم الصعاب التي كانت تواجه القاهرة.

ثوابت السياسة الخارجية المصرية

وخلال الجلسة التي ناقشت ملف السياسة الخارجية، أكد الرئيس عبد الفتاح السيسي على الثوابت التي حكمت السياسة الخارجية المصرية خلال السنوات الماضية، إذ قال إن أدبيات السياسة لديه مختلفة عن أدبيات السياسة الدولية التى يتم تدريسها فى كلية الاقتصاد والعلوم السياسية، وعن ثقته الكبيرة فى هذه الأدبيات لأنها نابعة من قيم أخلاقية ودينية، بغض النظر عما إذا كانت نتائج هذه السياسات ستجد مقاومة وعدم استعداد. وقال الرئيس السيسي نصاً: "أدبيات السياسة لدي، هى عدم التدخل فى شؤون الآخرين، وألا تكون الدولة عامل هدم أو تخريب للدول، فضلا عن الاستعداد للصبر الإستراتيجى فى الأزمات والصراعات التى من الممكن أن تواجهها البلاد"، مضيفاً أنه هدف إلى إعادة بناء الانطباع عن الدولة المصرية والتي تتمثل فى شكل الدولة لدى المواطن، فكان لا بد من كل فكرة أن تنفذ أن تشعر المواطن بالعزة.

الاتزان مع الشركاء الدوليين

في هذا السياق، يقول طارق البرديسي الخبير في العلاقات الدولية، لوكالة فرات للأنباء (ANF)، إن ما لفت نظره فيما يتعلق بملف السياسة الخارجية المصرية سواء من حديث وزير الخارجية سامح شكري أو ما ذكره الرئيس عبد الفتاح السيسي، هي مسألة التوازن والاتزان في مزج العلاقات الخارجية للدولة المصرية مع مختلف الشركاء الدوليين.

وأضاف أن هؤلاء الشركاء الدوليين أصبح لديهم حرصاً على العلاقات مع مصر بعد غفوة وكبوة انتابات هذه العلاقات قبل عام 2014، لكنهم عادوا ولديهم قناعات بقوة الدولة المصرية وأهمية العلاقات معها وقوة مؤسسات الدولة، وبالتالي أصبحت هناك قفزة نوعية في العلاقات الخارجية التي نشأت عنها آليات وصيغ تعاون مختلفة.

وأوضح أن آليات التعاون هذه كانت على المستوى الثنائي والثلاثي كالقمم المصرية الفلسطينية الأردنية والقمم المصرية العراقية الأردنية والقمم المصرية القبرصية اليونانية، وغيرها، وبالتالي كانت هناك صيغاً كثيرة في التعاون بين مصر والدول الأخرى، مشيراً كذلك إلى أن العلاقات شهدت انطلاقة مع الدول الأفريقية ودعم قضاياها في مختلف المحافل الدولية.

وأشار إلى أن الرئيس السيسي كان حريصاً على دعم وتعزيز العلاقات المصرية مع الدول العربية، وإرساء مبادئ أخلاقية تهدف إلى الحيلولة دون أي توجهات أو تحركات يمكن أن تساهم في تهديد استقرار الدول العربية، وقد استطاعات القاهرة بتلك التحركات أن تكسب ثقة جميع الأطراف في مختلف الملفات.

وقد سرد وزير الخارجية المصري مجموعة من الخطوات التي تقوم بها الدولة فيما يتعلق بالسياسة الخارجية، إذ أكد أنها تقوم على مبادئ حضارية وإنسانية، في اتساق لما ذكره الرئيس السيسي بشأن قناعاته الأدبية تجاه دبلوماسية مصر، وأشار في هذا الصدد إلى التحركات التي قامت بها الدولة في ملفات سوريا واليمن والصومال والأزمة الليبية، إذ كانت الدولة المصرية حاضرة دائما لدعم أي جهد من شأنه الوصول إلى استقرار تلك الدول.

سوريا وليبيا واليمن


يقول محمود الشناوي مدير تحرير وكالة أنباء الشرق الأوسط، لوكالة فرات للأنباء (ANF)، إن السياسة الخارجية للرئيس عبدالفتاح السيسي أرست مجموعة من القواعدة الثابتة التي تؤكد تعظيم التأثير المصري في الملفات الخارجية لا سيما العربية والإقليمية، وقد ارتكزت على حماية الأمن القومي المصري وإعادة ترميم العلاقات مع المحيط العربي والإقليمي بالإضافة إلى توسيع دائرة التأثير على كافة المستويات.

وأضاف "الشناوي" أن الملفات العربية كان لها الأولولية وكذلك تعزيز العلاقات مع الدول العربية، بدليل عدد الزيارات الكبيرة واللقاءات المتبادلة التي يجريها الرئيس السيسي والتي كرست لمبدأ تعظيم العلاقات العربية – العربية وإنهاء الملفات العالقة في عدد من الدول وتحقيق اختراقات حقيقية في عدد من تلك الملفات، وأمامنا الملف السوري وما جرى من اختراق كبير فيه كان للقاهرة دوراً محورياً فيه.

وأشار الكاتب الصحفي المصري كذلك إلى الملف اليمني ودور مصر الذي كان محورياً في خفض العنف وتثبيت الوضع هناك ومنعه من التصاعد، كما أن الملف الليبي كان شاهداً على هذا الدور المصري، حيث استطاعت القاهرة على الأٌقل الحفاظ على عدم التصعيد هناك، ووضع خطة تؤكد ضرورة مشاركة كافة الأطراف واستقرار الوضع والوصول إلى انتخابات تحمي الدولة الليبية، ولا تزال مصر مستمرة في سعيها لتحقيق هذا الهدف.

وأكد "الشناوي" أن الرئيس عبد الفتاح السيسي أرسى كذلك دبلوماسية التنمية، أي تكريس كافة المساعي لتحقيق التنمية والاستقرار في كثير من الدول سواء العربية أو الأفريقية، وهو ما ساعد على إعادة الثقل المصري إلى السياسة الخارجية، ليكون الحضور المصري رائداً وقائداً ومتحدثاً باسم المحيط العربي والأفريقي، وقد ظهر ذلك بوضوح في كثير من المناسبات والمحافل الدولية.

وأشار إلى أن القاهرة استطاعات أن تحقق نجاحات كبيرة في الداخل في مواجهة الإرهاب، وقدمت المشورة للدول الأخرى في مواجهته، كما عملت على منع تمدد الإرهاب وانتشاره في الدول المجاورة، وكان ذلك يتم بفضل كثير من الجهود المصرية في ظل امتلاك القاهرة رؤية عابرة للحدود فيما يتعلق بمكافحة الإرهاب وعدم اقتصار الدور المصري على الداخل فقط.

ملف مكافحة الإرهاب

وقد عملت الدبلوماسية المصرية على دعم كافة الجهود التي تتم في إطار مكافحة الإرهاب، إيماناً من القيادة المصرية بأن المعركة مع الإرهاب ليست داخلية فقط بل يجب أن تكون هناك رؤية شاملة وعابرة للحدود في التعامل مع هذا الملف ودعم كل استراتيجيات من شأنها تحقيق هذا الغرض، وهو ما أكد عليه أيضاً وزير الخارجية المصري في كلمته خلال مؤتمر "حكاية وطن".


تعقيباً على ذلك، يقول محمد فتحي الشريف مدير مركز العرب للأبحاث والدراسات، في تصريح لوكالة فرات للأنباء (ANF)، إن سياسة مصر الخارجية ارتكزت في جانب رئيسي منها على ملف مكافحة الإرهاب، وكانت ترى أن التعامل الأمني وحده لا يكفي، بل يجب أن تكون هناك مواجهة فكرية، وأيضاً أن يكون هناك تحركاً دولياً لتجفيف منابع الإرهاب ووقف تمويله.

ولفت إلى أن "القاهرة" عملت على تقديم الدعم والمشورة للدول التي تخوض المواجهة مع الإرهاب، سواء على صعيد الدول الأفريقية أو على صعيد الدول العربية أو في أي بؤرة تنشط بها المجموعات الإرهابية، مؤكداً أن هذا يأتي في إطار حرص الدولة المصرية على دعم كل ما من شأنه حفظ الأمن القومي المصري أولاً وحفظ الأمن القومي العربي ثانياً.