من أكثر من 74 مكان ومدينة ودولة حول العالم. أطلقت فعاليات اجتماعية وتجمعات من الأحرار والشرفاء والنشطاء والمثقفين وأصدقاء الشعب الكردي حول العالم في يوم 10 أكتوبر/تشرين الأول مبادرة أو حملة تحت اسم "الحرية للقائد أوجلان والحل السياسي للقضية الكردية".
وفي الشرق الاوسط وفي عدد من الدول العربية أيضا أصدر فعاليات ثقافية وسياسية واجتماعية وأكاديمية وفنية وشبابية ونسائية مواقف وبيانات للانضمام للحملة والتعبير عن وقوفهم مع القضية الكردية العادلة ومطالبتهم بالحرية الجسدية للمفكر والقائد عبد الله أوجلان.
رغم أن المفكر والقائد أوجلان معتقل ومسجون منذ 25 سنة في جزيرة إمرالي في تركيا، عبر مؤامرة دولية قادتها أمريكا وإسرائيل وبدأت في 9 أكتوبر/ تشرين الأول ووصلت في 15 شباط عام 1999 لاعتقاله وتسليمه لتركيا، وهي مؤامرة مستمرة على الشعب الكردي والسياق الديمقراطي في كردستان والشرق الأوسط حتى اليوم بأشكال مختلفة. ولكننا نعتقد أن أفكاره ورؤيته لحل المشاكل والقضايا العالقة التي اقترحها من خلال لقاءاته وكتبه وخاصة مجلداته الخمسة المعنونة باسم "مانيفستو الحضارة الديمقراطية" وصل لكثير المجتمعات والشعوب والأحرار حول العالم وأصبحت محل البحث والنقاش والدراسة والتبني والأخذ، رغم حالة العزلة المطلقة المفروضة من قبل تركيا وداعميها الدوليين والتي لا مثيل لها في حياة القائد والشعوب والمجتمعات التي تبحث عن حريتها وحقوقها الطبيعية أمام قوى الاحتلال والاستعمار.
من أهم ما يميز الفكر والفلسفة الأوجلانية هو بحثه عن الحلول ضمن المجتمع وبالتركيز والاستناد على أهم فاعلين فيها كقوة رائدة وهما المرأة والشباب أصحاب التغيير الحقيقي والمبادرات الفعلية والنهضة الصحيحة، وكما أن هذا الفكر يعتمد على القيم المجتمعية والأخلاقية والإنسانية لشعوب ومجتمعات الشرق الأوسط ومجهودات المجتمع البشري العالمي بشكل عام مترابطاً وملتقياً مع الفكر الفلسفي والعلمي المعاصر ومحققاً التوازن المطلوب بين الجوانب المادية والمعنوية للحياة وأيضاً مساهماً أو محققاً للتوازن والاستقرار الاستراتيجي بين الفرد والمجتمع عبر بناء إنسان واعي ومدرك لحقيقته ودوره ضمن مجتمع منظم ديمقراطي وذهنية مستقلة تشاركية وليس تحت التأثير الاستشراقي أو الرجعي وليس كما هو في مجتمع القطيع النمطي أو في اللامجتمعية والفردية الليبرالية الانتهازية.
في الشرق الأوسط والعالم هناك معاناة كبيرة وحالة من البحث عن الحلول للأزمات الراهنة التي تتواجد نتيجة للتراكم المركزي في التفاعل الحياتي وحالة الأحادية السلطوية الدولتية، وهنا يمكن أن نشير الى أن ما يطرحه المفكر والقائد أوجلان من الكونفدرالية الديمقراطية لشعوب الشرق الأوسط، كبديل للنظم والهياكل السلطوية الاستبدادية والتابعة للخارج، يشكل أحد أهم الحلول الممكنة والواقعية والتي نستطيع بها تجاوز الأزمات وحل المشاكل العالقة لما فيها من الروح الطبيعية والذهنية التشاركية والوحدة الديمقراطية للشعوب والتكوينات المجتمعية.
لقد كشف القائد والمفكر أوجلان وفند عقدة الشرق الأوسط وحالات الإبادة الممارسة والصراعات المكثفة والحاصلة والمتمثلة مشكلتها الأساسية متجسدة في الميل والفكر القوموي والإسلاموي والذكوري التابعي والسلوك الاستبدادي والقمعي والتطهير العرقي والإبادة الثقافية لحالة التنوع والتعددية والاختلاف الطبيعي في المنطقة، ولقد تجاوز أوجلان بمقترحاته وآرائه الأبعاد القومية الضيقة والدينية المتشددة والمذهبية المنغلقة والمناطقية الى فضاء أوسع وهوية أعلى وأشمل، هي الأمة الديمقراطية التي تستوعب وتجمع كل الاختلافات في حالة من التشارك والتعايش المشترك والاعتراف المتبادل ضمن نظام ديمقراطي لا مركزي، تجسد الخصوصية الاتحادية الشرق أوسطيه التاريخية المجتمعية والتي احتضنت مختلف التكوينات الاجتماعية عبر تاريخها، ولذلك وفي الوقت الراهن وضمن ما يمكن أن نسميه الحرب العالمية الثالثة وفصولها من ميزوبوتاميا لأوكرانيا لفلسطين-إسرائيل وغيرها، فان الشعوب والمجتمعات والقوى التي تبحث عن الحلول الحقيقية والديمقراطية لمشاكلها، يمكنها الاعتماد وأخذ مقترحات وفكر وفلسفه القائد أوجلان مدخلاً وطريقاً ومشروعاً متكاملاً لحل الأزمات والمشاكل العالقة عبر بناء الإنسان والمجتمع والمرأة الحرة أولاً، أما الاستمرار في حالة التبعية والانقسام والسلطوية وانتظار الحلول من السياق السلطوي والدولتي والدولي بدل من الاجتهاد الذاتي والسياق المجتمعي والشعبي والمحلي والاعتماد عليه، فلا يفيد سوى بتكرار الحالة الأداتية الوظيفية وفق الأجندة للدول المهيمنة العالمية وزياده الأزمات والمشاكل اضعافاً مضعفة، ونحن نعتقد أن منطق الدولة والسلطة بعيد عن الحلول وهو لا يبحث عن تجاوز القضايا وحلولها الديمقراطية، بل يبحث عن وسائل وظروف دوام تحكمها ووجودها في السلطة كمعيار أساسي للتفاعل مع أية أزمة أو مشكلة أو قضية، وحل القضة الكردية وتفاعل تركيا وسلطاتها والهيمنة العالمية دليل على ذلك وكما أن حل القضية الفلسطينية العادلة مدة 74 عاماً تؤكد ذلك رغم كمية الدعم والمساندة التي تتلقاها القضية الفلسطينية، لأن منطق الحل هو اللاحل بذاته، فلا يمكن حل قضايا الشعوب والمجتمعات عبر خلق دويلات قومية أو دينية متناحرة وفي الوقت نفسه كل واحدة تريد إلغاء الأخر، بل أن الطريق الصحيح للحل باعتقادنا هو إزالة العوائق أمام كل مجتمع لتفعيل أنسجته السياسية والأخلاقية، وتوفير وبناء الظروف المادية والمعنوية لكل مجتمع وشعب في إدارة وحماية نفسه ومناطقه وثرواتها ضمن هيكلية إدارية لامركزية عامة متفق عليها ومجسد للواقع والحقيقة الشعبية والمجتمعية والتنوع الموجود، فلا يمكن لأحد أن يلغي حق أي مجتمع أو شعب آخر في الحياة والعيش وفق الخصوصية الثقافية والسياسية، ونشير هنا إلى أنه بعد الحرب العالمية الثانية لم تستطيع أية دولة أن تقضي على أي من الشعوب التي تبحث عن حقوقها، ربما يكون هناك جولات فيها خسارة وربح ولكن القضايا الأساسية والمركزية كالقضية الكردية والفلسطينية لا يمكن إلغائها أو عدم حلها عبر التفاعلات العسكرية والقتل المتعمد وممارسة الإبادة كما تفعلها تركيا وإسرائيل في مراحل مواجهتهم للشعبين الكردي والفلسطيني.
نعتقد ويعتقد أيضا الكثير من الأحرار والشرفاء حول العالم ان المفكر والقائد أوجلان لا يجسد فقط شخصية قائد أو مفكر أو مخلص للشعب الكردي أو للشعوب الواقعة تحت نير الاحتلال والاستبداد، بل أنه ومع الكرد الأحرار يمثلون أحد الفواعل الأساسية وهم الخط والسياق المجتمعي الديمقراطي ضمن التدفق الحياتي المليء بالمركزية السلطوية، وكما هي الحياة في تدفقها الثنائي المركزي والديمقراطي، فإن القائد أوجلان بقناعتنا يمثل السياق والمسار المجتمعي والديمقراطي والثورة الذهنية والإرادة الحرة أو بالأصح نهضة شرق أوسطية عمادها المجتمع الديمقراطي والمرأة الحرة والإسلام الديمقراطي وأخوة الشعوب، أي نظام متكامل للحياة الحرة، الذي نحن كشعوب الشرق الاوسط والكثير من المناطق حول العالم نبحث عنه وبحاجه له مع عدم وجود مشاريع أخرى ناضجة ومتكاملة للحلول الديمقراطية، ولعل بنود الأمة الديمقراطية وأبوابها التسعة، ومنها الإدارة التشاركية والرئاسة والحياة المشتركة بين الرجل والمرأة والسياسة الديمقراطية والاقتصاد الذاتي والدبلوماسية الديمقراطية والتعبير الثقافي والفني المجتمعي وليس الاستهلاكي والمرحلي، وإمكانيات وضرورات الحماية والدفاع الذاتي والدستور الديمقراطي، تمثل مشروعاً متكاملا للحياة المستقرة والآمنة بعيداً عن حاله الضعف والتشرذم والتبعية للمشاريع الإقليمية أو العالمية التي تحاول النيل من شعوبنا العربية والكردية وإضعاف إرادتهم والسيطرة عليهم وعلى مواردهم وثرواتهم عبر مرتزقة ووكلاء مستبدين سلطويين ليس لهم هم سوى الوجود في السلطة والنهب وليس تحقيق أولويات ومصالح شعوبنا ومجتمعاتنا.
وعليه فالمطالبة بالحرية الجسدية للقائد أوجلان والحل السياسي للقضية الكردية، تجسد قراءة ورؤية جادة لبناء حياة حرة تشاركية ونهضة شرق أوسطية، بالإضافة أنها من المعايير والمبادئ الأخلاقية والإنسانية والسياسية الحقيقة التي تبين السلوك والمقاربة المجتمعية من الدولتية والتوحد مع شعوب المنطقة مقابل التبعية للسلطات ونظم الهيمنة والاستبداد، والتي توضح حقيقة القوى والأشخاص والتيارات التي تتشدق بالحرية وحق الشعوب بالاستقلالية ورفضها للتبعية والاستبداد، وبحثها عن الحلول الديمقراطية والمشاريع التي تجسد إرادة وأخوة شعوبنا وتكاملنا التاريخي. أما الصمت وغض النظر أو عدم التعبير عن المواقف المساندة للفواعل الديمقراطية الذاتية لشعوبنا والوقوف معهم في الأوقات الصعبة والحرجة، فهو حالة من النفاق والازدواجية والتبعية لغير مصالح الشعوب والمجتمعات بل ربط المصير بالخارج ومشاريعهم التوسعية على حساب الشعبين الكردي والعربي، وعدم الثقة بمجتمعاتنا وشعوبنا وقدراتها على الإبداع و المقاومة والتغيير وتحقيق المراد.