الخبر العاجل: القائد آبو: المساهمة الإيجابية ضرورية لنجاح عملية السلام

على وقع حشود الاحتلال التركي.. قلق عالمي وتحذيرات عراقية من عودة داعش

تتوالى تحذيرات المراقبين والسياسيين من مغبة الهجوم المحتمل للاحتلال التركي على مدينة كوباني، ما من شأنه خلق فوضى أمنية، توفر بيئة مواتية لعودة تنظيم "داعش" الإرهابي.

وبينما يحشد الاحتلال التركي قواته وتحتد لهجته ضد الكرد، تؤكد العديد من التقارير الغربية أن نشاط خلايا تنظيم داعش تصاعد بشكل ملحوظ منذ بداية عام 2024، إلا أنه تصاعد أكثر مع سقوط حكومة بشار الأسد، وتغير خارطة الفصائل المسلحة المسيطرة على الأرض. فيما تشير تقديرات أمريكية أن هناك نحو 2500 عنصر من داعش على الأقل طلقاء، يتوزعون بين العراق وسوريا، بينهم نحو 1200 على الأراضي السورية.

وتشير التقديرات إلى أن 800 عنصر من التنظيم على الأقل ينتشرون في البادية السورية، فيما تتوزع الخلايا النائمة بصفة عامة في الرقة والحسكة وحمص وحماة ودير الزور. ويعتمد هؤلاء استراتيجية الهجمات المباغتة بدلاً من فكرة السيطرة الجغرافية التي اعتمدها في السابق. فيما تتيح تلك الهجمات حصول التنظيم على ما يحتاج من أسلحة وأدوات عسكرية.

مكمن الخطورة الحقيقي

الخطورة الحقيقية أيضاً لا تكمن في العناصر الطليقة، بل في التهديدات التي قد يمثلها الهجوم التركي على السجون التي تديرها قوات سوريا الديمقراطية "قسد" في الحسكة والرقة ودير الزور والقامشلي، حيث تضم عناصر تنظيم داعش وأفراد عائلاتهم، فيبلغ عددهم على الأقل نحو 12 ألف مقاتل، بينهم حوالي 2000 أجنبي من أكثر من 50 دولة، يُضاف إليهم آلاف النساء والأطفال من عائلات التنظيم، الذين يُقيمون في مخيمات مثل الهول.

ولطالما كانت السجون في مواجهة تهديدات مستمرة، حيث يحاول تنظيم داعش من وقت لآخر شن هجمات لإطلاق سراح أفراده، أبرزها الهجوم الكبير على سجن الصناعة في الحسكة في شهر كانون الثاني 2022، هذا إلى جانب الضربات التركية المتواصلة التي تستهدف قوات سوريا الديمقراطية والمقرات والحواجز الأمنية، الأمر الذي يثير العديد من المخاوف، حال تمكن هؤلاء الإرهابيين من الفرار، لا سيما وأن السوابق كلها تؤكد أن النظام التركي قدم كثيراً من الدعم لـ"داعش"، فضلاً عن مرور مقاتليه عبر الأراضي التركية إلى الأراضي السورية.

وقد دفعت هذا المخاوف رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني إلى التحذير، يوم الجمعة، من حدوث أي خلل في سجون سوريا، ما قد يدفع بغداد إلى الدخول في مواجهة مع الإرهاب. وكانت الحكومة العراقية أجرت اتصالات مع أطراف إقليمية في ظل مخاوفها من انعكاسات الوضع في سوريا على العراق، وأن يشكل ذلك فرصة لتكرار سيناريو ظهور "داعش" في الموصل عام 2014.

عواقب وخيمة

في هذا السياق، يحذر الباحث عبدالغني دياب مدير وحدة الدراسات السياسية بمركز العرب للأبحاث، من خطورة التصعيد العسكري التركي في مناطق الشرق السوري، مؤكداً أن هذه المنطقة تحتوى على العديد من السجون، التي تحوي بقايا تنظيم داعش الإرهابي، وأنَّ الهجوم على هذه المواقع يمثل تهديداً خطيراً للأمن الإقليمي.
وأوضح دياب، في تصريحات لوكالة فرات للأنباء (ANF)، بأنَّ القوات التركية سبق وارتكبت انتهاكات واسعة بحق سكان المناطق الحدودية في شمال وشرق سوريا، مطالباً المجتمع الدولي، والدول العربية بمساندة سوريا، ومنع مثل هذه العمليات التي ستكون عواقبها وخيمة على المنطقة بأثرها.

وقال في تصريحاته إنَّ السوريون يتطلعون إلى بناء دولة ذات سيادة، تضم الجميع، إلا أن الدعم التركي الذي يستهدف المواطنين الكرد يهدد بانهيار هذا الحلم، الذي ناضل من أجله السوريون على مدار السنوات الماضية، لافتاً إلى أنَّ الدولة السورية غنية بالموارد والثروات، لكنها تحتاج لإرادة وطنية حقيقية، قبل السقوط في براثن الفوضى، وفي ظل المخاوف من إحياء تنظيم داعش من جديد.

وطالب الباحث السياسي المصري بضرورة إتاحة الفرصة لجميع السوريين، وفي القلب من ذلك قوات سوريا الديمقراطية "قسد"، التي ناضلت خلال السنوات الماضية لمكافحة الإرهاب، والتصدى للمشروع التركي، مشدداً على أن دخول الأتراك للساحة السورية من جديد سيعمل على زيادة التدخلات الأجنبية في البلاد.

كما حذر من أن التدخل التركي من شأنه فتح الأبواب أمام حروب بالوكالة في الساحة السورية، وحروباً من أجل المصالح يدفع السوريون وحدهم ثمنها، مطالباً المجتمع الدولي بحماية السيادة السورية، لاسيما في ظل التلميح التركي ببدء عملية عسكرية جديدة، مشيراً إلى أن هذه الأمور توفر أجواءاً مواتية لاستئناف تنظيم داعش نشاطه.
وفي ظل تلك المخاوف، كان عضوان بمجلس الشيوخ الأمريكي تقدماً بمشروع قانون يدرس فرض عقوبات على تركيا، بسبب تجهيزها لهجوم جديد على شمال وشرق سوريا، خاصة استهداف قوات سوريا الديمقراطية التي لعبت دوراً رئيسياً في هزيمة "داعش".

وترى بعض التحليلات أن النظام التركي الذي سبق ودعم "داعش"، يعتقد أن وجود التنظيم وسيطرته على بعض مناطق الشمال والشرق السوري، أفضل لديه من وجود الكرد. وهي تقديرات تكشف طبيعة العلاقات والمصالح التي تربط بين أنقرة والتنظيمات الإرهابية التي نشطت في سوريا على مدار قرابة عقد ونصف من الأزمة والاضطرابات والحرب.

مخاوف تتصاعد

بدوره يقول السياسي الكردي العراقي حكيم عبدالكريم، في اتصال هاتفي لوكالة فرات للأنباء (ANF)، إنَّ المخاوف تتصاعد من عودة تنظيم داعش الإرهابي مجدداً في سوريا، سواء قبل انهيار نظام بشار الأسد، وأصبحت أشد بعد سقوطه، لا سيما مع الهجمات التركية المتتالية، وتخطيط أنقرة لهجوم جديد على شمال وشرق سوريا وتحديداً "كوباني".
وأضاف أن التنظيم يجد الفرصة مواتية للعودة، في ظل انكشاف بادية الشام، وانفتاح الصحراء العراقية أمام الدواعش، كما أنه مع قدوم هيئة تحرير الشام، تشعر بعض الطوائف بمخاوف، ومع الهجوم التركي المحتمل، فإن كل هذه عوامل تغذي عودة التنظيم، ما يشكل خطورة كبيرة على المنطقة ككل.

ويرى السياسي الكردي العراقي أن المجتمع الدولي يدرك خطورة أي هجوم تركي على هذه المناطق، وما قد يتسبب فيه من تفش للإرهاب، واستعادة تنظيم داعش الحياة مجدداً، ولهذا نرى الرفض الأوروبي والأمريكي، أو الغربي بصفة عامة، لهذه العمليات، مشدداً على أن هناك حاجة ماسة لتحرك دولي يوقف الممارسات التركية؛ لما سيكون لذلك من تداعيات.

وتشير تقديرات إلى أن الكرد قدموا أكثر من 11 ألف شهيد على الأقل، ونحو 25 ألف مصاب، خلال معاركهم في مواجهة داعش، أهمها معارك تحرير مدينة الرقة (عاصمة الخلافة المزعومة)، وكذلك في دير الزور وصولاً إلى تحرير الباغوز عام 2019 كآخر معاقل هذا التنظيم الإرهابي الأكثر دموية، فضلاً عن حمايتهم السجون المعتقل بهم عناصر تنظيم داعش، الذين يخشى أن يقوموا بفرار جماعي، حال حدث هجوم تركي واسع النطاق يطال تلك السجون.